غيّر تنظيم الجماعة السلفية للدّعوة والقتال مؤخّرا سياسته المطبّقة في جمع الأموال بولاية بومرداس، فبعد أن كان في وقت سابق يعتمد على الفدية بتنفيذه لسلسلة عمليات الاختطاف وكذا بعمليات ابتزاز المواطنين وتجريدهم من أموالهم في الحواجز واقتحام القرى، أصبح حاليا يستهدف المستثمرين ورجال الأعمال، لكن هذه المرّة ليس بالاختطاف ودفع الفدية، بل بإجبارهم على دفع قيم مالية شهرية محدّدة حسب رأسمالهم ومداخيلهم، وهذا عن طريق تهديدهم بالقتل ووضع قنابل في ورشاتهم ومؤسساتهم وأماكن عملهم. كشفت مصادرنا أن تنظيم درودكال أصبح يتحصّل في الآونة الأخيرة على أموال طائلة بولاية بومرداس يدفعها له بعض رجال أعمال والمستثمرين الخواص وأصحاب الشركات والمؤسسات المختلفة، وهذه الطريقة تعتبر بديلا لعمليات الاختطاف التي تثير غضب وتذمّر سكان مناطق الولاية الذين يثورون ضد الإرهابيين في كلّ مرّة يتم فيها اختطاف أحد السكان ويقومون بالضغط عليهم لإطلاق سراحه دون دفع الفدية، ما يحرم السلفية من الحصول على الأموال. وتجنّبا لكلّ أنواع المواجهات بين السكان، توصّل التحقيق الأمني الذي تمّ بالاعتماد على أقوال وتصريحات إرهابيين تائبين وموقوفين إلى اكتشاف أن قيادة التنظيم الإرهابي قرّر مؤخّرا تغيير خطّة جمع الأموال، حيث يستهدفون بصفة أكثر العديد من المرملات المتواجدة في مناطق الولاية ويجبرون أصحابها على تقديم قيمة مالية معتبرة خلال كلّ شهر مقابل السّماح لهم بمواصلة عملهم دون أيّ مشاكل. حيث تعرّض معظم أصحاب المرملات لتهديدات بالقتل والتصفية، وكذا بتفجير ورشاتهم، ما جعلهم يرضخون لمطالب الجماعة السلفية للدّعوة والقتال ويقدّمون لها أموالا تقدّر بالملايين، وهي العملية التي تتمّ بطريقة دورية ومتنظمة. كما تضيف مصادرنا أن الإرهابيين يستهدفون أيضا المستثمرين الخواص الذين يستثمرون في المواد الغذائية كأصحاب المخبزات وأصحاب الملبنات بمن فيهم الفلاّحون الكبار المعروفون بولاية بومرداس. أضف إلى ذلك مالكي وسائل النّقل، لا سيّما منهم أصحاب الشاحنات الكبيرة التي تنقل مواد البناء ويجبرونهم على دفع أموال تحت التهديد بالقتل وحرق ممتلكاتهم. أمّا فيما يخصّ القيمة المالية التي يقدّمها هؤلاء المستثمرون للإرهابيين فتحدّد حسب رأسمال الشركة ومداخيلها، حيث تختلف من مؤسسة إلى أخرى ومن مستثمر إلى آخر مؤكّدين أنها تصل عند بعض المستثمرين الكبار إلى 60 مليون دج في الشهر ولا تقلّ عن 30 مليون سنتيم للمستثمرين العاديين. وفي سياق آخر، تمكّنت قوّات الجيش الشعبي الوطني المدعّمة بفرق مكافحة الإرهاب خلال شهر سبتمبر الفارط من سنة 2010 من تفكيك ما يزيد عن 20 كازمة بمختلف معاقل الجماعات الإرهابية النّشطة بولاية بومرداس، استرجعت ذات المصالح على إثرها كمّيات معتبرة من المواد الغذائية، الألبسة، الأفرشة، قنابل ومواد متفجّرة وتلك التي تدخل في صناعة المتفجّرات وقنابل جاهزة للتفجير. وحسب مصادرنا، فإن تفكيك هذه الكازمات كان خاصّة بالمناطق الشرقية والجنوبية الشرقية لولاية بومرداس، على غرار غابات سيدي داوود، أعالي سيدي علي بوناب، جبال بوظهر بسي مصطفى، شعبة العامر، الثنية، بوشاقور ببلدية يسر وميزرانة. وقد تمّ العثور عليها بعد أن هربت الجماعات الإرهابية منها إثر إخطارها بأن قوّات الجيش الشعبي الوطني باشرت بهذه المناطق عمليات تمشيط واسعة النّطاق، وكذا قصف مروحي مكثّف باستعمال آليات حربية، فارضة بذلك خناقا مشدّدا عليها، وهو ما دفعها إلى تغيير مكان إقامتها. وحسب المصادر ذاتها، فإن تفكيك أكثر من 20 كازمة في ظرف لا يتعدّى الشهر يعدّ عملا ناجحا حقّقته قوّات الجيش بعد تمشيط هذه المناطق بصفة يومية، وما ساعدها على ذلك كذلك هي المعلومات التي لايزال التائبون منهم وكذا الموقوفون يدلون بها لمصالح الأمن وكذا قوّات الجيش. للتذكير، فإن قوّات الجيش الشعبي الوطني نجحت خلال الشهر الفارط في تفكيك أكبر مخبأ لجماعة تنظيم درودكال وهو خاصّ بالمواد المتفجّرة والأسلحة ومختلف الذخيرة الكائن مقرّه ما بين دلّس وتيڤزيرت، استرجعت على إثرها كمّيات معتبرة من الأدوية، وهو ما يعدّ ضربة عسكرية قوية وموجعة يتلقّاها تنظيم درودكال الذي يعيش أسوأ أيّامه.