الحديث عن تفاقم عمليات الاختطاف والإجرام المنظم، إذ تستمر الأرقام الرسمية في التأكيد على أن عدد العمليات الإجرامية المنظمة في ارتفاع دائم، ما بات يجعلها على عتبات بيوت المنطقة، والأصح على عتبات كل من يعرف عنه الثراء والرفاهية· فقد بات الاتجاه العام يسير نحو استهداف أغنياء المنطقة من مقاولين، كبار التجار وحتى المهاجرين الذين يفضلون العودة للوطن بعد التقاعد· غير أن تدهور الأوضاع قد يجبر الكثيرين على التفكير مرتين قبل اتخاذ قرار الإقامة في منطقة القبائل، التي هي في طريقها لتتحوّل لمنطقة محرّمة من فرط التهديدات وغياب الأمن· الحديث عن الإجرام، وإن كان لا يقتصر على ولايات منطقة القبائل، على اعتبار أن مصالح الدرك الوطني سجلت خلال السنة المنصرمة ما لا يقل عن 25 ألف جريمة عبر القطر الوطني، غير أن الحديث عن منطقة القبائل بات يتخذ أبعادا جديدة وخطيرة هي الأولى من نوعها في الجزائر· فقد سجل الوضع الأمني تدهورا رهيبا لتضافر عدة أسباب في مقدمتها غياب مصالح الأمن عن المنطقة، منذ سنة 2001 بعد أحداث منطقة القبائل· من جهة أخرى، يشكل الإلتباس الواقع بين العمليات الإجرامية والإرهاب تكريسا لانعدام الأمن· فقد باتت كل البلديات والمداشر تعد حصيلتها من الاعتداءات، آخرها اختطاف من بلدية بوغني والمطالبة بفدية مقابل إطلاق سراحه، يستمر احتجازه بالرغم من الهبة الشعبية التي شملت العديد من بلديات المنطقة والمعترضة على تفاقم الاعتداءات· الجدير بالذكر أن الفترة الأخيرة باتت تشهد اتساع دائرة الإجرام، في أقل من أسبوعين تم إجبار مواطن ببلدية واد عيسي التخلي عن سيارته من طرف مجموعة من الشباب الملثم· في بلدية تيزي راشد، تم الاستيلاء على محل للذهب في وضح النهار· قبل ما يزيد عن الشهر، تم اختطاف تاجر ببلدية زموري البحري ليطلق سراحه بعد ذلك··· كلها أحداث تتوالى من دون أن يتم القبض على واحد من الفاعلين، ليبقى النقاش حول طبيعة هذه الاعتداءات الخطيرة، بين من ينسبها للإرهاب وبين من يعتبرها إجراما منظما بسبب تردي الأوضاع المعيشية في المنطقة وغياب مصالح الأمن· على هذه الخلفية، باتت الشركات القليلة المتواجدة في محيط منطقة القبائل تلجأ لمؤسسات الحراسة الخاصة لضمان سلامتها، في حين بات يلجأ الأثرياء، أول المستهدفين، لتأجير خدمات الحراسة المقربة· أما عن البقية فباتت تطالب بحق حمل السلاح··· كلها حلول فردية، قد تساهم في تفاقم الوضع بدلا من اقتلاعه من جذوره· سامية بلقاضي التحضير لإنشاء جمعية لمكافحة الاختطاف والتصدي للإرهابيين تيزي وزو/ ارتفاع مرعب لظاهرة الاختطاف وتضامن شعبي قوي لتحدي الجماعات السلفية عادت منذ الثلاثة أسابيع الأخيرة ظاهرة الاختطافات تطرح نفسها بقوة بولاية تيزي وزو، بعدما غابت كليا عن الساحة لمدة ستة أشهر، وظهر معها هبة شعبية قوية ترفض هذه التجاوزات التي تنفذها عناصر الجماعة السلفية للدعوة والقتال، وساهمت في خلق جو من التضامن القوي بين أوساط السكان الذين يرفعون وبكل شجاعة شعار تحدي الإرهابيين، إلى حد اقتحام معاقلهم بالآلاف مثلما حدث في إفليسن بتيفزيرت وبوغني، في الوقت الذي تحضر أطراف فاعلة بالمجتمع المدني إلى تأسيس جمعية مكافحة ظاهرة الاختطاف والتصدي للعمليات الإرهابية· مجيد خطار ظهر ما يسمى ب ''ظاهرة الاختطاف'' بولاية تيزي وزو في شهر جويلية ,2005 بعدما تم اختطاف رجل الأعمال المدعو ''مزيان حداد''، وهو المسؤول الأول عن ''مجمع حداد للأشغال العمومية''، وطلبت منه الجماعة السلفية للدعوة والقتال فدية قيمتها 25 مليار سنتيم مقابل إطلاق سراحه، ومنذ تلك الفترة وإلى يومنا هذا، يقدر عدد الضحايا المختطفين بولاية تيزي وزو ما يقارب 50 شخصا وأغلبهم مقاولون وتجار، وتعتبر دائرة معاتقة والبلديات التابعة لها من المناطق الأكثر استهدافا لعمليات الاختطاف، حيث تم تسجيل 19 عملية اختطاف على مستوى كل المناطق التابعة لها، وأغلبهم مقاولون، وتأتي في المرتبة الثانية دائرة بوغني التي بها عدد هائل من تجار ورجال أعمال ومقاولين، تليها دائرة بني دوالة التي أصبحت مؤخرا من أكثر المناطق التي تستهدفها الجماعات المسلحة لتنفيذ عمليات الاختطاف، فيما سجلت كل من واسيف وبلدية آث تودارث وعين الزاوية بذراع الميزان عدة عمليات مماثلة، وكلها من تنفيذ عناصر الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي تحاول بهذه الوسيلة إيجاد حل للأزمة المالية التي تتخبط بها خلال السنوات الأخيرة، لتبقى ظاهرة الجريمة تعرف ارتفاعا مرعبا على مستوى الولاية، وتعتبر منطقة واضية وبني زمنزر الأكثر تسجيلا لهذا النوع من الجرائم· لكن ما هو ملاحظ بولاية تيزي وزو في الآونة الأخيرة هو أن التزايد المقلق والمرعب لظاهرة الاختطاف أدى إلى تذمر وسخط السكان الذين أطلقوا العنان لمخاوفهم ورفعوا التحدي بكل شجاعة وشهامة للوقوف في وجه الإرهابيين، وظهرت إرادة شعبية جامحة في نفوس السكان الذين يرفضون جملة وتفصيلا استهداف الجماعة السلفية المواطنين للحصول على أموال عن طريق دفع فدية مقابل إطلاق سراح الرهائن· هذه المبادرة سادتها روح التضامن والمساندة بين المواطنين من كل أنحاء الولاية، حيث شهدت منطقة بوغني مؤخرا هبة شعبية قوية وتضامنا كبيرا بين سكان المنطقة وعائلة المختطف المدعو حساني علي الذي ينحدر من قرية آث كوفي، إذ أقدم الآلاف من المواطنين على اقتحام معاقل تنظيم القاعدة ببلاد المغرب العربي المتواجدة بغابات بوغني وهددوهم برفع السلاح ومحاربتهم إن لم يطلقوا سراح الرهينة، وهي العملية التي دفعت بقيادة التنظيم الإرهابي إلى عقد اجتماعات ماراطونية لإيجاد حل يخدمها قبل أن تتأزم الأوضاع لاسيما أمام تمسك عائلة الضحية وتنسيقية لجان قرى بوغني بمطلبها المتمثل في ضرورة إطلاق سراح الرهينة عمي علي دون دفع أي مقابل، وكذا رفض الرهينة في حد ذاته دفع الفدية، مبديا استعداده للموت من أجل حفظ وحماية كرامة سكان منطقة القبائل· وشهدت قبل ذلك قرى إسناجن ببلدية إفليسن بتيفزيرت بتاريخ الفاتح من نوفمبر المنصرم عملية مماثلة حين تجرأ أكثر من 6000 مواطن على اقتحام غابات الجماعة السلفية، وانتزاع التاجر المختطف من أيادي الإرهابيين دون دفع أي مقابل وهددوهم بمكافحتهم بالأسلحة إن قاموا بتنفيذ عملية مماثلة، حيث رضخ المختطفون لمطالب السكان، وإلى يومنا هذا لم تنفذ ولا عملية اختطاف في المنطقة· وفي موضوع له صلة بظاهرة الاختطافات، علمت ''الجزائر نيوز'' من مصادر مؤكدة، أن أطرافا فاعلة بالمجتمع المدني بتيزي وزو تحضّر لعقد اجتماع عام الشهر المقبل يجمع لجان القرى والأحياء والجمعيات لإنشاء جمعية ''مكافحة الاختطافات والتصدي لتهديدات الإرهابيين''· ''الجزائر نيوز'' تنقل شهادات مواطنين اختطفتهم الجماعات الإرهابية عالجت محكمة الجنايات لمجلس قضاء بومرداس، العديد من قضايا الاختطاف التي كانت تنفذها الجماعة الإرهابية في حق مقاولي وأثرياء ولاية بومرداس الذين كانوا ضحايا لعمليات الابتزاز ليجدوا أنفسهم متابعين بجناية تمويل الجماعة الإرهابية المسلحة· جميلة· م هي شهادات حية للمختطفين الذين مثلوا أمام جنايات بومرداس لسرد طريقة ترصدهم من طرف الجماعة الإرهابية، طريقة اختطافهم إلى غاية تسديد الفدية لإطلاق سراحهم، إلى جانب روايتهم عن ظروف مكوثهم في معاقل الجماعة الإرهابية· وكانت أكبر المناطق التي تعرف عمليات الاختطاف الجهة الشرقية لبومرداس التي كانت من توقيع أمير كتيبة الأنصار بن تواتي علي المدعو أمين الذي سلم نفسه لمصالح أمن ولاية تيزي وزو، والذي كان يسدل أوامره لأمراء السرايا والكتائب لتنفيذها، وأضافت تصريحات لإرهابيين سلموا أنفسهم أو تم إيقافهم عن مكافأتهم من طرف قيادة التنظيم الإرهابي بتولي الإمارة في حال نجاح عمليتهم، مثلما كان الحال مع أمير سرية الاختطاف تاجر محمد المدعو جاك، الذي رقي من إرهابي بسيط إلى منصب الإمارة بعد تنفيذه العديد من عمليات الاختطافات في حق مستثمرين سياحيين بزموري البحري أو أثرياء بومرداس، وتراجعت العمليات بشكل لافت بالولاية بعد القضاء على مدبري عمليات الاختطاف. وقد أجمع المختطفون على تعصيب الجماعة الإرهابية أعينهم ومواصلتهم المشي سيرا على الأقدام لمسافات بعيدة إلى غاية الوصول إلى الكازمة واتصالها بأهلهم· ومن بين شهادات المختطفين إبن مستثمر ببلدية برج منايل، الذي قال إنه في الصباح في حدود الرابعة صباحا كالمعتاد توجه إلى مستودعهم الكائن ببرج منايل بشاحنته، وأثناء فتحه الباب الخارجي للمستودع ليمر بشاحنته هاجمه أربعة عناصر إرهابية مسلحة، قاموا بإجباره على ركوب الشاحنة تحت التهديد، مضيفا في تصريحاته أنه في كل مرة يتلقى أمرا من أحد الإرهابيين فيما يخص الطريق الذي يسلكه، مضيفا أنه بعد وصوله إلى الطريق الوطني رقم 24 بمنطقة ''شندر'' قاموا بإنزاله، وتولى سياقة الشاحنة إرهابي آخر بعد تعصيب عيناه مشيرا إلى أنه قطع مسافات بعيدة مشيا على الأقدام إلى غاية وصوله إلى معاقل الجماعة الإرهابية التي يجهل اسم المنطقة التي يتواجد بها باعتبار العناصر الإرهابية تغير طريقها حتى لا يتم الكشف عن مخابئها، وأضاف الضحية الذي مكث أسبوعا بمعاقل الجماعة الإرهابية، والذي تم سماعه كشاهد في قضية متابعة والده بتهمة تمويل الجماعة الإرهابية، أن هذه الأخيرة بمجرد وصوله طلبت منه هاتفه النقال وتشكيل رقم والده للاتصال به، في البداية يقول إن الجماعة الإرهابية طلبت من أخيه الذي أجاب على الهاتف باسترجاع شاحنتهم التي حددوا لهم مكانهم، وفي اليوم الموالي يقول إنه تم الاتصال بوالده، حسبما علم من الإرهابيين الذين كانوا يؤكدون له أنه سيتم إخلاء سبيله في حال تسديد والده الفدية· وعن ظروف الإيواء بمعاقل الجماعة الإرهابية، قال ذات المتحدث إنه تم إيوائه داخل كازمة تفتقد لأدنى شروط النظافة. شهادة أخرى لمختطف من الناصرية، قال إنه توجه في الفترة المسائية إلى منزله الواقع بإحدى قرى البلدية، وفي طريقه وجد حاجزا مزيفا كانت الجماعة الإرهابية قد ترصدته من قبل باعتباره التوقيت الذي اعتاد فيه الرجوع إلى منزله، مضيفا أنه تم عصب عيناه ولم يعرف المكان الذي يتواجد فيه، مشيرا إلى أن أوضاعا مزرية يعيشها الإرهابيون في معاقلهم التي تفتقد -حسبه- لأدنى ظروف إيواء البشر، مضيفا أن اتصالات الجماعة الإرهابية مع أخويه اللذين توبعا بجناية تمويل جماعة إرهابية مسلحة كانت بعيدة عنه، وأن إرهابيين آخرين مكلفان بحراسته ويقدمون له الماء والأكل الذي يتمثل في رغيف (خبز) طلية الأسبوع الذي مكث فيه في معاقل الجماعة الإرهابية. ظنوا أنه من يمضي على شيكات أبيه قضية أخرى عالجتها محكمة الجنايات المتعلقة بالاختطاف من طرف الجماعة الإرهابية، التي نفذتها ببلدية الثنية في حق إبن مقاول، والتي طالبت بفدية تتجاوز المليار، حيث روى الإبن الذي مكث خمسة عشر يوما في صفوف العناصر الإرهابية، أنه تم اختطافه بالقرب من منزله في حدود الثامنة مساء، حيث تم إيقافه من طرف العناصر الإرهابية التي أجبرته على ركوب السيارة باتجاه غابة الثنية، مضيفا أنه في منتصف الطريق تم إتصال الجماعة الإرهابية بوالده لاسترجاع السيارة وإعلامه أن ابنه مختطف من طرفهم، مشيرا إلى أن الإرهابيين الذين كشف عن هويتهم قاموا بتعصيب عيناه، وواصل السير مشيا على الأقدام، وأن حديثا كان يدور بين الإرهابيين بإمارة خالد أبو سليمان أمير سرية الثنية وعناصره حول المختطف الذي قال إن حديثه مع الجماعة الإرهابية كشف أنها كانت تترصد والده باعتباره المخول قانونا لإمضاء الشيكات وليس هو، وأن عمله يقتصر على مساعدة أبيه· أما عن ظروف إيوائه قال إن الجماعة الإرهابية كانت تقدم له البطاطا والفلفل الأخضر طيلة مكوثه بالجبل، وكان الضحية أكثر حظا من المختطفين الآخرين لاعتزام الجماعة الإرهابية اقتناء قميصا له، على حد تصريحاته. كما أجمع أهل المختطفين أن عودتهم من معاقل الجماعة الإرهابية لا يمكن تصديقها من شدة الأوساخ والروائح الكريهة المنبعثة منهم، إلى جانب طول لحيتهم وشعرهم، ويقول مصدر من أحد المختطفين إن رؤيتهم بتلك الحالة يخيل إليك أنك تشاهد شبحا لتقزز منظرهم· 1.2مليار دينار فدية للمختطفين