غيّر تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، مؤخرا، سياسته المطبقة في جمع الأموال بمنطقة القبائل، فبعد أن كان في وقت سابق يعتمد على الفدية بتنفيذ عمليات الاختطاف، وكذا بعمليات ابتزاز المواطنين وجرّدهم من أموالهم في الحواجز المزيفة واقتحام القرى، أصبح حاليا يستهدف المستثمرين ورجال الأعمال ولكن ليس بالاختطاف ودفع الفدية، بل بإجبارهم على دفع قيمة مالية شهرية محددة حسب رأسماله ومداخيله، وهذا عن طريق تهديدهم بالقتل ووضع قنابل في ورشاتهم ومؤسساتهم وأماكن عملهم· كشفت تحقيقات أمنية جديدة أن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي يتحصل في الآونة الأخيرة على أموال هائلة بولاية تيزي وزو، يدفعها لهم بعض رجال أعمال والمستثمرون الخواص وأصحاب الشركات والمؤسسات المختلفة، وهذه الطريقة تعتبر بديلا لعمليات الاختطاف التي تثير غضب وتذمر سكان منطقة القبائل الذين يثورون ضد الإرهابيين في كل مرة يتم اختطاف أحد السكان، ويقومون بالضغط عليهم لإطلاق سراحه بدون دفع فدية، ما يحرم السلفية من الحصول على الأموال، وتجنبا لكل أنواع المواجهات بين السكان، توصل التحقيق الأمني الذي أنجز بالاعتماد على شهادات مع مجموعة من إرهابيين تائبين وموقوفين إلى اكتشاف أن قيادة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي بإمارة عبد المالك درودكال المعروف ب ''أبو مصعب عبد الودود'' قرروا مؤخرا تغيير خطة جمع الأموال· وحسب ما جاء في ذات التحقيق، فإن الإرهابيين يستهدفون بصفة أكثر العديد من المرملات المتواجدة في مختلف مناطق تيزي وزو، ويجبرون أصحابها على تقديم قيمة مالية معتبرة خلال كل شهر، وهذا مقابل السماح لهم بمواصلة عملهم دون أي مشاكل، حيث أشار إلى أن معظم أصحاب المرملات تعرضوا لتهديدات بالقتل والتصفية وكذا بتفجير ورشاتهم، ما جعلهم يرضخون لمطالب الجماعة السلفية للدعوة والقتال، ويقدمون لها أموالا تقدر بالملايين، وهي العملية التي تتم بطريقة دورية ومنتظمة· وحسب ما أكدته مصادرنا، فإن مصالح الأمن توصلت إلى اكتشاف أن الإرهابيين يستلمون هذه الأموال في أماكن بعيدة عن المرملات، والإرهابيون هم من يحددوا مكان استلام الأموال، مشيرا إلى أنهم يقومون بتغيير المكان في آخر لحظة لأكثر من ثلاثة مرات قصد تجنب أي محاولة تسعى لتوقيفهم أو القضاء عليهم من طرف مصالح الأمن، وأكد أنه يتم تعيين إرهابي أو اثنين يقومان بمراقبة المكان الأول الذي اتفق عليه للتأكيد من أن لا أحد يتبعه ولا يترصده· وإلى جانب أصحاب المرملات، جاء في ذات التحقيق أن الإرهابيين يستهدفون أيضا المستثمرين الخواص الذين يستثمرون في المواد الغذائية كأصحاب المخبزات، أصحاب الملبنات، بمن فيهم الفلاحون الكبار المعروفون بولاية تيزي وزو، أضف إلى ذلك مالكي وسائل النقل لاسيما منهم أصحاب الشاحنات الكبيرة التي تنقل مواد البناء، ويجبرونهم على دفع أموال تحت التهديد بالقتل وحرق ممتلكاتهم· أما فيما يخص القيمة المالية التي يقدمها هؤلاء المستثمرون للإرهابيين، فقد أشارت مصادرنا إلى أن إرهابيين تائبين وموقوفين اعترفوا لمصالح الأمن أن المبلغ المالي تحدد بحسب رأسمال الشركة ومداخيلها، حيث تختلف من مؤسسة إلى أخرى ومن مستثمر لآخر، مؤكدين أنها تصل عند بعض المستثمرين الكبار إلى 60 مليون سنتيم في الشهر، ولا تقل عن 30 مليون للمستثمرين العاديين·