تحوّل فصل الشتاء إلى موسم أسود رغم أنه لا يزال في بدايته، بالنظر إلى الحالات العديدة للاختناقات والتي راح ضحيتها المئات من الجزائريين، فعائلات بأكملها وقعت في فخ الاختناق، رغم كل التحذيرات المتواصلة من السلطات والمختصين بضرورة توخي الحذر وأخذ الاحتياطات اللازمة في استعمال وسائل التدفئة، وهذا ما أفرز حالة طوارئ بين العائلات وحملات كبرى تحسيسية أطلقتها السلطات بالنظر إلى تصاعد الخطر والشتاء لا زال في بدايته.. ت. كريم بغية تسليط الضوء على ظاهرة الاختناق بالغاز والتي باتت تعبث بأرواح مئات الأبرياء في الجزائر، قمنا بالاستفسار لدى الحماية المدنية، التي تعتبر طرفا في معادلة الإنقاذ وكذا التحسيس، وفي هذا الخصوص شرح لنا ملازم الحماية المدنية السيد صوفي، بالقول أن الإنسان يحتاج دوما للأوكسجين عند كل عملية احتراق لتوليد الطاقة الضرورية لتسخين الجسم وتعديل حرارته وكذلك أثناء النشاط العقلي ولهذا الغرض يعتبر الأوكسيجين مادة حيوية، علما أن كل مادة عضوية تحتاج دائما للأوكسجين عند كل عملية احتراق مثل الحطب أو غيره ومن الطبيعي أن كل عملية احتراق تولد طاقة وكل عملية توليد طاقة تستعمل الأوكسيجين والنتيجة بطبيعة الحال إفراز ثاني أوكسيد الكربون علما أن نسبة الأوكسيجين في الهواء تمثل 21% وهي نسبة كافية لتأمين حاجيات كل عملية احتراق، أما الباقي تقريبا أي 79% فهو آزوت الذي لا يتنفسه الجسم، وعند حدوث تسرب للغاز فإنه يستولي على نسبة مائوية من نصيب الأوكسيجين في الهواء الموجود في الفضاء الذي تسرب داخله الغاز وهنا تحدث صعوبة في التنفس، وعندما تكون كمية الأوكسيجين غير كافية لنقص في التهوية أو لكثرة مستعملي الأوكسيجين وخصوصا عندما يصاحب ذلك شيء يشتعل تصبح الكمية غير كافية للجميع وعادة ما يعود ذلك لوجود سخان يعمل بالوقود السائل أو بالغاز، وتكمن المشكلة في إفرازات وسائل التدفئة والتسخين فهي تولد ثاني أوكسيد الكربون بالإضافة للماء، إضافة لتسرب الغاز وفي وضع يعتبر الأخطر تقوم هذه الأجهزة بتسريب أوكسيد الكربون فقط وهو المادة السامة، وهنا تكمن الخطورة الشديدة، فهو لديه قابلية أكثر من 1 إلى 200 للدخول إلى الجسم قبل الأوكسيجين والتوجه مباشرة إلى ما نسميه بعربات الجسم (الكريات الحمراء) والتمترس داخلها وهنا لا يجد الأوكسيجين مكانا له بالجسم فيفتقده البدن وبطبيعة الحال يصير الوضع مخطرا حسب نسبة تسرب أوكسيد الكربون داخل الفضاء الذي يتواجد به الإنسان ساعتها. مآسٍ متكررة يعتبر خطرا الاختناق والانفجار وراء أغلب هذه الحوادث وسوف نتعرض فيما يلي بشيء من التفصيل لهذين الخطرين ووسائل الوقاية والتحكم فيهما، فخطر الاختناق ينتج عن تسرب الغاز الطبيعي أو الغازات المحترقة الناتجة من آلات التدفئة مثل غازي أول و ثاني أكسيد الكربون داخل الحجرات. وحسب نفس المتحدث فإن من أهم الأسباب المؤدية إلى اختناق الأشخاص داخل المباني بهذا الغاز، نجد التهوية السيئة للمبنى أو الحجرة، إذ نجد أن حجم الأكسجين داخل الحجرة في تناقص، وبينما يتزايد حجم غاز ثاني أكسيد الكربون بفعل عمليتي احتراق الغاز الطبيعي وتنفس الأشخاص داخل الغرفة. كذلك النوعية الرديئة لأجهزة التدفئة والتي تتسبب في تسريبات للغازات المحترقة داخل الحجرة بدل طرحها خارجا. وأخيرا عدم صيانة أجهزة التدفئة ومخارج الغازات، حيث أن أي انسداد في المدخنة قد يؤدي إلى تغيير مسرى الغاز المحترق إلى داخل الحجرة. الاختناق.. أسرع طريق للموت ينتج هذا الغاز عن الاحتراق غير التام للغاز الطبيعي نتيجة النقص الحاد للأكسجين داخل الغرفة. تكمن خطورته في كونه غازا ساما عديم الرائحة واللون، أسرع ب 250 مرة من الأكسجين في الدخول إلى القصبات الهوائية بداخل الرئتين والتثبت على جزيئات الهيموغلوبين، مشكلا بذلك جزيئا صعب التفكيك يسمى (كربوكسي هيموغلوبين). هذا الأخير يكون سببا في إيقاف عميلة التنفس وبالتالي الاختناق في لحظات معدودة. يتم إسعاف المصاب باختناق من هذا النوع بحقن مادة تسمى (أميل نتريت) في اللحظات التي تلي مباشرة اكتشاف الحالة. هذه المادة تعمل على استقطاب جزيء أول أكسيد الكربون المثبت على الهيموغلوبين لتحرير عملية التنفس و بعثها مجددا. تعتبر الصيانة من أهم وسائل الوقاية ضد الوقوع في فخ الاختناق، فوسائل التدفئة تحتاج إلى هذه العملية بشكل دوري والأهم هو القيام والإشراف عليها من طرف مختصين في هذا المجال، بحيث يشدد المختصون على وجوب الاستعانة بتقني مؤهل ومعتمد لتثبيت شبكة التوصيلات داخل المنزل. تجنب إسناد هذا العمل لتشخص غير معتمد من مصالح سونلغاز. مع التأكد من نوعية أجهزة التدفئة وهذا باقتناء الجيد منها وترك المزيف، والتي لا تستجيب لأدنى متطلبات السلامة. تزويد كل الغرف والفضاءات داخل المنزل بمنافذ كافية للتهوية. التفحص الدوري لقنوات وصنابير الغاز مع تجنب تعريض الأنابيب البلاستكية للحرارة داخل المطبخ بقرب الفرن لتجنب التسريبات، كما يجب أن لا يتجاوز طول هذه الأنابيب 2 متر، وكذا تثبيت هذه الأنابيب البلاستكية مع القنوات النحاسية بمثبتات. وكوسيلة مفيدة جدا للوقاية ينصح كذلك بالاستعانة بأجهزة الكشف عن تسريبات الغاز المعتمدة والمرخص باستعمالها. توفير علبة للإسعافات الأولية ومطفأة للحريق بالمنزل، إن الوقاية من حوادث الغاز داخل المنازل تعتبر مسؤولية الجميع من خلال التحسيس ونشر الثقافة الوقائية بين مختلف أفراد الأسرة. كما أن تدريب أفراد من الأسرة على إجراءات الإسعافات الأولية واستعمال مطفأة النار من الاحتياطات الواجب أخذها بعين الاعتبار. وأمام استمرار ظاهرة بيع الأجهزة المغشوشة والمقلدة، يبقى خطر الاختناق والانفجار يحيط بالمواطن، لذا فإن المشكل مطروح على الفاعلين على الساحة قصد التقليل من فاتورة الاستيراد من جهة، والضرورة تتطلب توسيع دائرة الرقابة إلى كافة البضائع المستوردة بما فيها الأجهزة الإلكترونية وغيرها التي يحتاجها المواطن في حياته اليومية.