السؤال: ما حكم زوجة توفي زوجها، وأخذت نصيبها من التركة، ثم تبين أن زوجها كان تاجر مخدرات أو كان لصا؟ فهل ما أخذته من التركة حلال أم حرام؟ الإجابة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فقد بينا في فتاوى سابقة أن المال الحرام لا يطيب للورثة بموت المورث على الراجح، بل يجب عليهم رده إلى مالكه، كالمغصوب، والمسروق ونحوه مما له مالك معين إن علم المالك أو ورثته، وأمكن إيصال حقه إليه. فإن لم يعرف، أو لم يكن له مالك، فينفق في مصالح المسلمين، أو يدفع للفقراء والمساكين. قال ابن رشد في كتابه المقدمات الممهدات: (وأما الميراث فلا يطيب المال الحرام، هذا هو الصحيح الذي يوجبه النظر، وقد روي عن بعض من تقدم أن الميراث يطيبه للوارث، وليس ذلك بصحيح...). فإن كان المال الموروث مختلطاً حلالاً وحراماً، فيجب على الورثة رد عين الحرام إن علم، فإن لم يعلم اجتهدوا في تحديد مقدار الحرام، فيرد إلى أصحابه، أو يتصدق به، كما سبق. وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى عن رجل مراب، خلف مالاً وولداً وهو يعلم بحاله، فهل يكون حلالاً للولد بالميراث أم لا؟ فأجاب: وأما القدر الذي يعلم الولد أنه ربا فيخرجه: إما أن يرده إلى أصحابه إن أمكن، وإلا تصدق به، والباقي لا يحرم عليه، لكن القدر المشتبه يستحب تركه... وإن اختلط الحلال بالحرام وجهل قدر كل منهما جعل ذلك نصفين. انتهى. وأما لو جهل حال مال المورث، فلا حرج على الورثة في الانتفاع به، ولعل هذا هو المطابق للمسألة، فمجرد علم الزوجة بأن زوجها كان يتاجر في المخدرات أو كان يسرق ولم تعلم هل المال الذي ورثته من ذلك أم لا؟ وللزوج مصدر كسب حلال، فلا حرج عليها في الانتفاع بما ورثته من تركته، ولا على باقي الورثة، لأن المورث ربما تاب قبل وفاته وكف عن تلك الأمور، وتحلل منها وهكذا. وقد قال النووي رحمه الله في المجموع: من ورث مالاً ولم يعلم من أين كسبه مورثه أمن حلال أم من حرام؟ ولم تكن علامة، فهو حلال بإجماع العلماء، فإن علم أن فيه حراماً وشك في قدره أخرج قدر الحرام بالاجتهاد) انتهى.