يؤكّد متتبّعون لحركية سوق السيّارات أن أسعارها معرّضة لسقوط حرّ بالنّظر إلى تشبّع الحظيرة الوطنية وتراجع الطلب عليها، وكذا توجّه عدد كبير من العائلات نحو (استثمار) أموالها في وجهات أخرى وفي مقدّمتها العقّار الذي تواصل أسعاره اشتعالها، وما يعزّز فرضية تراجع الطلب على السيّارات في بلادنا هو الانخفاض الكبير لوارداتها في الأسابيع والشهور الأخيرة. إذا كانت أسعار كثير من السيّارات قد شهدت تراجعا محسوسا في الآونة الأخيرة بعد أن بلغت (السقف) في السنوات القليلة الماضية، فإنه لا يُستبعد أن تشهد الأسعار موجة من السقوط المتواصل بالنّظر إلى كثرة العرض النّاتج عن استيراد عدد كبير جدّا من السيّارات في السنوات الأخيرة مقابل التراجع المتواصل في الطلب بالنّظر إلى (تشبّع) الحظيرة الوطنية التي لم تعد تسع المزيد من السيّارات بدليل التراجع الواضح والكبير جدّا للواردات. وفي هذا السياق، بلغ عدد السيّارات المستوردة 18.831 سيّارة في نوفمبر الفارط مقابل 39.357 وحدة خلال نفس الشهر من سنة 2012، أي انخفاض بنسبة 15ر52 بالمائة (-20.526 وحدة)، حسب ما علم أمس السبت لدى الجمارك الجزائرية. ومن حيث القيمة تمّ تسجيل نفس التوجّه نحو الانخفاض كون مبلغ الواردات انتقل من 01ر486 مليون دولار (04ر39 مليار دينار) إلى نحو 277 مليون دولار (26ر22 مليار دينار)، أي انخفاض بنسبة تقارب 43 بالمائة، حسب المركز الوطني للإعلام الآلي والإحصائيات التابع للجمارك. وخلال الأشهر ال 11 الأولى لسنة 2013 تراجعت واردات السيّارات بنحو 6ر7 بالمائة من حيث العدد منتقلة من 518.950 وحدة إلى 479.670 وحدة (-39.280 سيّارة) بقيمة 04ر6 مليار دولار (478ر480 مليار دينار). وبعد سنة استثنائية فاقت فيها واردات السيّارات 560.000 وهي سنة 2012 يترقّب المهنيون لسنة 2013 انخفاضا لمبيعات السيّارات سيستمرّ خلال السنة المقبلة. يفسّر هذا الوضع حسب مهنيي القطاع بانخفاض في الطلب الذي يضاف إلى مستوى (هام) للمخزون وتوجّه نفقات العائلات إلى العقّار، خصوصا في ظلّ ظهور برامج سكنية جديدة يتقدّمها برنامج (عدل 2). وأرجع السيّد عباس قاسي مستشار دولي هذا التراجع في واردات السيّارات المسجّل في نوفمبر الفارط إلى الصعوبات التي واجهها وكلاء السيّارات لبيع المنتوجات المستوردة على عكس سنة 2012 التي سجّلت خلاله سوق السيّارات نموا استثنائيا. وقال السيّد عباس في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية: (خلال الأشهر الثمانية الأخيرة لسنة 2013 عانت سوق السيّارات من تراجع الطلب مرفوق بمستوى هام للمخزون). وحسب الخبير (فإن العائلات وجّهت نفقاتها نحو السكن، لا سيّما مع عودة صيغة البيع بالإيجار لوكالة تحسين السكن وتطويره عدل). وقال رئيس جمعية وكلاء السيّارات الجزائريين السيّد عبد الرزاق لشاشي إن (سوق السيّارات تشهد حاليا تراجعا مستمرّا وسيتواصل هذا التوجّه خلال سنة 2014)، وقال لوكالة الأنباء الجزائرية إن (واردات السيّارات سجّلت خلال شهر نوفمبر الفارط تطوّرا منطقيا بالمقارنة مع آلية الطلب التي تراجعت بصفة محسوسة خلال الأشهر الأخيرة)، معتبرا أن (الانخفاض المسجّل في نوفمبر الفارط يقدّر بنسبة تقارب 38 بالمائة بالمقارنة مع نفس الشهر من سنة 2012)، وأكّد أن (هذا الوضع صعب بالنّسبة لوكلاء السيّارات الذين يواجهون تراجعا محسوسا للطلب مرفوقا بمستوى جد هام للمخزون، ممّا حفزّهم خلال الأشهر الأخيرة على مضاعفة العروض لجلب المزيد من المشترين، على غرار التخفيضات الهامّة المقترحة والتسليم الفوري للسيّارة وغيرها من العروض).