تنطلق اليوم الدورة الرّابعة للمجلس الشعبي الولائي بالمدية لمناقشة ملف ثقيل يتعلّق (بواقع الصحّة) لأجل الوقوف على عديد النقائص التي لم يتمّ معالجتها نهائيا لأزيد من 12 سنة، بل إن بعضها يشهد تفاقما من سنة إلى أخرى، على غرار المستشفى السعودي بتابلاط ونشاط التوليد الذي لم تعد معضلته مقتصرة على المناطق الريفية كما كان مطروحا قبل عقد من الزمن، بل أصبحت تعيشه المرأة الحامل على مستوى المناطق الحضرية الكبرى. وسيطرح المشاركون مشكل النقص الفادح في معدل التغطية الصحّية بالنّسبة للأطبّاء المختصّين في مختلف الأمراض وعدم كفاية رقم إجمالي الأسِرّة بالمستشفيات في ظلّ تزايد عدد السكان. سكان تابلاط يعيشون على أحلام مستشفى منذ ثلثي قرن سبق وأن تمّ تسجيل إنجاز مستشفى بتابلاط وآخر بعين بوسيف منتصف ثمانينيات القرن الماضي بطاقة 120 سرير لكلّ منهما، غير أنهما لم يريا النّور إلى حد الآن. كما استفادت بلدية تابلاط التي تبعد عن مقرّ الدائرة بنحو 110 كلم بأقصى شرق المدية، من ثلاثة هياكل صحّية عام 2001 في كلّ من عنابة، تيزي وزو والمدية بمبلغ يقارب ال 26 مليون دولار في إطار الصداقة الجزائرية-السعودية الممنوح من الصندوق السعودي للتنمية، طاقة كلّ منها 60 سريرا وبمبلغ 53 مليار سنتيم بعد التحويل للمدية فقط. أشرف مراد رجيمي وزيرالصحّة حينذاك على وضع الحجر الأساس لإنجاز مستشفى تابلاط في جوان 2004 في مدّة 24 شهرا، وبلغة المازح قال الوزير: (ولِم لا ننجزه خلال 12 شهرا؟)، غير أن الأشغال أسندت في السنة الموالية (2005) إلى شركة أجنبية من جنسية أمريكية، ما دفع مسؤولي القطاع إلى فسخ عقد الاتّفاقية المبرمة وبطريقة مشبوهة بين الطرفين، ما جعل صاحب المقاولة غير المؤهّل لإنجاز مثل هذه المشاريع الصحّية يقوم بتحويل أزيد من 50 مليار سنتيم إلى الخارج. والغريب في الأمر هو إشادة لجنة المجلس الشعبي الولائي أثناء معاينة سير الأشغال قبيل فرار صاحب المقاولة، حسب الدورة الثالثة للمجلس الشعبي الولائي سنة 2010. كما عاينت اللّجنة مشروع تابلاط الذي يعرف حسبها نسبة إنجاز معتبرة -35 في المائة، منها 8 في المائة أنجزت من قِبل المقاول الأجنبي-، والذي طالما كان حديث العام والخاص من المواطنين والصحافة. وبالمختصر المفيد هل يضع اليوم أعضاء المجلس الشعبي الولائي حدّا إيجابيا لهذه المؤسسة الاستشفائية بعد 12 سنة من التلاعب بالشعب وبأموال الدولة؟ الولادة في المنازل تعود بقوة يعاني القطاع الصحّي بالمدية نقصا كبيرا في الأطبّاء والقابلات المتخصّصات، ليس في المناطق الريفية كما تضمّنه تقرير لجنة ذات المجلس في دورته الأولى في مارس 2005 من أن الظاهرة ملاحظة على مستوى المناطق الريفية في جانب وحدات التوليد، لكن المشكلة طالت النّساء الحوامل في المناطق الحضرية الكبرى بمقرّ الدوائر الأصلية، على غرار بني سليمان، قصرالبخاري، عين بوسيف، الشهبونية، تابلاط والعمّارية بعد تعليمة وزير الصحّة السابق القاضية ومؤقّتا بتوجيه الحوامل على وشك الولادة إلى مجمّع البروافية وعاصمة الولاية، ما تسبّب في كارثة الاكتظاظ وعجز المقيمين عن إنجاز مهامهم في أحسن الظروف إلى درجة إقدامهم على توجيه بعض النّساء وهنّ في ذروة المخاض من البروافية إلى المدية التي تحوّل بدورها البعض منهنّ إلى عيادة أخرى عمومية بولاية المدية، ما يتسبّب في وفاة العديد منهنّ أثناء الطريق، بينهنّ سبعة من شرق الولاية تتصدّرها بني سليمان المحتوية على مستشفى عصري يحتلّ المرتبة الثانية بعد مستشفى (محمد بوضياف). ولحلّ المشكل سبق وأن عالجه المجلس الشعبي الولائي السابق مع المسؤولين المعنيين بتحديد أربع مؤسسات استشفائية لنشاط التوليد على النّحو التالي: مستشفى قصر البخاري بالجنوب والجنوب الغربي والشرقي ومستشفى بني سليمان بالنّسبة لشرق الولاية، مع الإبقاء على أقسام التوليد بالبروافية وعاصمة الولاية. لكن إلى حد الساعة لا شيء تجسّد على أرض الواقع، حيث تتواصل معاناة النّساء الحوامل اللاّئي أصبحن يتخوّفنّ من الذهاب إلى البروافية أو المدية ويفضّلن التوليد التقليدي من طرف العجائز. أجهزة السكانير تفتقر إلى مختصّين لتشغيلها من خلال تفحّصنا لتقرير اللّجنة حول ملف الصحّة المطروح اليوم للمناقشة والإثراء ثمّ المصادقة لاحظنا المطالبة باقتناء أجهزة الكشف من نوع (سكانير) وذلك بجهاز جديد لمستشفى المدية مع تزويد مستشفى عين بوسيف بنفس الجهاز، في حين أن الأجهزة الثلاثة ببني سليمان وقصر البخاري تكون قد بدأت في التآكل والاهتراء لعدم تشغيلها بمبرّر عدم وجود المؤطّر، أمّا (سكانير) مستشفى عاصمة الولاية فيشغّل من طرف المشرف على أجهزة الأشعّة، مع وجود طبيبة تزوره مرّة في الأسبوع لقراءة (الكليشيهات) رغم استغراب عبد المالك بوضياف وزير الصحّة أثناء اليوم الدراسي لعشر ولايات بالوسط المنظّم مؤخّرا بجامعة المدية من ظاهرة اقتناء مثل هذه الأجهزة في غياب المختصّين لتسييرها، ما اعتبره تبديدا لأموال الخزينة العمومية.