بوغالي يعزي في وفاة اللاعب الدولي السابق لكرة القدم جمال مناد    كرة القدم: جمال مناد... رحيل أسطورة أخرى للكرة الجزائرية    اليوم العالمي للمياه: تنظيم عدة أنشطة لزيادة الوعي حول أهمية الحفاظ على الموارد المائية    اليوم الدولي للغابات: إبراز بغرب البلاد الجهود المبذولة للحفاظ على الثروة الغابية    وهران: اختتام الملتقى السابع عشر لسلسلة الدروس المحمدية للزاوية البلقايدية الهبرية    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى49747 شهيدا و 113213مصابا    وزارة العدل : إطلاق نظام جديد للاتصال بين المحبوسين وعائلاتهم بواسطة تقنية المحادثة المرئية عن بعد    قضية نهضة بركان/اتحاد العاصمة: الكاف يمنع القمصان ذات الطابع السياسي ويطبق قرار محكمة التحكيم الرياضية    مسابقة "تاج القرآن الكريم" : تواصل السهرات التنافسية بالمركز الدولي للمؤتمرات    فلسطين: الاحتلال الصهيوني يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها    السيد ربيقة يستقبل بويندهوك من طرف رئيسة جمهورية ناميبيا, السيدة نوتمبو ناندي ندايتوا    فلسطين: تدمير مستشفى الصداقة التركي "تصرف سادي" يعكس همجية المحتل    نسبة الجاهزية بلغت 96 بالمائة    غويري عمّورة.. و الخُضر في الصدارة    تطور مُنتظر مع إطلاق الصكوك    صواريخ اليمن وغزّة تتقاطع في سماء تل أبيب    هبّات تضامنية واسعة عبر مختلف ربوع الوطن    القيادي الناجح قادر على تكوين جيل البناء الحضاري    مشاريع تنموية مختلفة تدخل حيز الخدمة بالبليدة    مجزرة السحور    إفطار جماعي لفائدة فئة الأحداث    سايحي يبرز مجهودات الدولة    لا فائدة من خلق توترات مع الجزائر    وزير الاتصال يعزّي في وفاة الصحفية فاطمة ولد خصال    الاستقلال السياسي والاقتصادي للجزائر حصن منيع    الرفع من عدد الحاويات المعالجة إلى 300 ألف في 2025    إعذارات للأساتذة الممتنعين عن صب العلامات    إضفاء الشفافية في معالجة عروض العمل    المخزن بين التسويق الكاذب والتجاهل الممنهج    تجارة: اعتماد استراتيجية رقمية شاملة لإرساء نظام معلوماتي متكامل    اليوم العالمي للمياه: تثمين الأشواط المحققة لتعزيز الأمن المائي الوطني    جمع 15 ألف طن من النفايات في النصف الأول من رمضان    منصة رقمية موجهة للمستثمرين بوهران    النظام البيئي للصيرفة الاسلامية بالجزائر مقبل على مزيد من التطور مع إطلاق الصكوك    رهان على المواهب الشابة    تحدٍّ عائلي يعاكس الواقع الاجتماعي    ورقلة: اختتام فعاليات الطبعة ال12 للمهرجان الثقافي المحلي للإنشاد بتكريم الفائزين    اختتام ليالي أولاد جلال للفيلم الثوري الجزائري    يوم تضامني مع المعتقلين السياسيين الصحراويين بسويسرا    الكشف عن تواريخ وبرنامج الجولة 21    حجز 3.5 كلغ من الكيف    حجز لحوم حمراء مذبوحة بطريقة غير شرعية    لم نخطط ل"الشان" لكنه محطة مفيدة قبل كأس العرب    متحف المجاهد بباتنة … حافظ للذاكرة الوطنية وتاريخ الجزائر المجيد    مدرسة الصيام الربانية    لقاء بأهداف متباينة    بوغالي يواسي    مونديال-2026 - تصفيات: المنتخب الجزائري يفوز على بوتسوانا 3-1    افتتاح الطبعة ال14 للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الشعبي بالجزائر العاصمة    دعاء الجماعة أَوْلَى بالقبول من دعاء الفرد    حج 2025: برمجة فتح الرحلات عبر "البوابة الجزائرية للحج" وتطبيق "ركب الحجيج"    السيد سايحي يبرز مجهودات الدولة في توفير الهياكل الصحية عبر مختلف ربوع الوطن    حج 2025 : اجتماع تنسيقي لمتابعة عملية تسيير رحلات الحج    متى يباح الإفطار للصائم    أجمل دعاء يقال في رمضان    قال إن المنتخب الجزائري يملك توليفة رائعة من اللاعبين.. صهيب ناير سعيد باللعب مع الجزائر    جاهد لسانك بهذا الدعاء في رمضان    12 مطارا و150 رحلة لنقل 41 ألف حاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"صابر".. رواية كل الفلسطينيين
نشر في أخبار اليوم يوم 01 - 01 - 2014

(وصلنا مدخل المخيم فأوقف الجيش سيارتنا ثانية. ألقى الضابط نظرة على الجثة، وقال بأسلوب فظ: (ادفنوها بهدوء دون شغب، مفهوم؟). نظرت إليه بعينين يتطاير منهما الشرر، وقلت: (ماتت بصمت وسندفنها بصمت).
على بساطتها، تلخص تلك الكلمات من رواية (صابر) للفلسطيني سليم دبّور -الصادرة قبل أيام عن دار الجندي للنشر والتوزيع بالقدس في 491 صفحة- حكاية الفلسطينيين بكل تفاصيلها، تشريدا واعتقالا وموتا، وكأن بكاتبها يتحدث عن حال الفلسطينيين اليوم وليس قبل أكثر من ربع قرن.
فبطل الرواية (صابر) هو جزء من الشعب الفلسطيني الذي هجرته إسرائيل في أكثر من خمسمائة قرية عام 48، وقتلت أكثر من 1300 منهم عام 87 بالانتفاضة الأولى، وأضعافهم خلال انتفاضة الأقصى عام 2000، واعتقلت مئات الآلاف وهدمت آلاف المنازل.
بسردية ممتعة وبواقعية شديدة يخاطبنا الراوي (صابر) غير آبه لعامل الزمن، فثمة أشياء لا تتغير بفعل الاحتلال وممارساته، وتظل فيه شواهد المعاناة قائمة، من المخيم إلى الحاجز وانتهاء بالشهيد الذي يُحرم أبسط حقوقه (الدفن بهدوء).
وتقوم الرواية كما أراد دبّور -المشرّد أصلا في مخيم الجلزون قرب رام الله وسط الضفة الغربية- على محاكاة واقع القضية الفلسطينية من خلال جيلين: جيل الشباب الذي عاصر انتفاضة عام 1987 والمتمثلة بشخصية الرواية المحورية صابر، مستمدا الاسم من وحي الواقع الأليم والصبر على ما فيه، وجيل الكبار الذي شهد النكبة، وحمل ذاكرة فلسطين التاريخية، والمتمثلة بشخصية العجوز أبو العبد، الراوي الثاني فيها.
ذلك الشاب (صابر) يعيش مع والده المشلول في غرفة وسط المخيم، تلفحها الرياح من كل جانب، وتقرع رأسه قطرات الأمطار المتساقطة من سقف الصفيح (الزينكو)، إذا ما أخرجه من تحت الغطاء برهة، ليؤكد بؤس المخيم، (قطرة من الماء تسقط على أنفي عبر ثقوب السقف تعيدني إلى واقعي المرير).
يعيش الشاب الفلسطيني حالة الفقر والخوف والحرمان، ولا يرى نفسه أنه بائع حلوى فقد أبويه فأضحى يتيما وحسب، بل إن لوجوده معنى وحكاية أبدع في قصصها بعد لقائه (مصادفة) العجوز أبو العبد، وتزوج من حفيدته اليتيمة دلال، القادمة من غزة بعد أن توفي والدها.
وصابر نموذج للفلسطيني في معاناته وصموده في وجه بطش المحتل وله حكاية مع المجتمع وقسوته ومرارة العيش فيه، وآلامه السياسية والاقتصادية والنفسية، ما جعل الرواية أكثر تفاعلا مع (الثوابت دون إهمال المتغيرات).
ولا تغيّب الرواية الواقع السياسي العربي في سياق تشريحها للوضع الفلسطيني عبر شخصية صابر الذي لم يغب عن باله تأثر وضعه كفلسطيني بالمحيط العربي وحكامه (الأبديين.. (يا ويحهم! أسماؤهم تتكرر ليل نهار، رجال أبديون لا يتغيرون، ألصقوا مؤخراتهم المترهلة بمقاعد القرار، وقالوا لماشيتهم في وضح النهار: نحن منزلون، عدّوا لنا بعشرات السنين).
يغيب البطل الرئيسي صابر قسريا في سجون الاحتلال، لكن زوجته تسمي ابنه صابرا أيضا تيمنا بوالده، وكأن الصبر إرث ومفتاح للحياة. وبعد عودته يحبس صابر ابنه في قفص متصورا أنه (يحميه من أخطبوط الموت الذي يختطف بأذياله الصغار والكبار، يسلبهم أرواحهم بدم بارد)، ذلك الموت الذي تجرّع صابر حسراته بموت أمه وأبيه وصديقه العجوز أبو العبد، وزوجته دلال وغيرهم، وبقي يُخيّم عليه.
تنتهي قصة (صابر) بالحكم عليه بالجنون ودخول مشفى الأمراض العقلية، لتكون نهاية الرواية قاتمة ومؤلمة، كما كانت حياة صابر، وكما هو الواقع الفلسطيني المعبأ بأسباب الموت الذي لا يؤخره إلا الكثير من الصبر.
يذكر أن دبّور بدأ كتابة روايته عام 1987، عندما كان مطلوبا للاحتلال، وانتهى منها عام 1993، حيث واجهته صعوبات مختلفة، منها فترة المطاردة وعدم توفر الجو الآمن للكتابة، وتلف الأوراق التي كتب عليها بعض الأجزاء بالمعتقل، وبالتالي كان عليه تذكر ما علق في ذهنه، فكرة لا نصا.
وحبس دبّور روايته عن النشر عشرين عاما، لخشيته من الملاحقة، ولا سيما أنها تنتقد اتفاق أوسلو المتزامن مع كتابتها، (فالعجوز أبو العبد كان يصف أوسلو بالحقنة المجهضة للانتفاضة)، كما يقول الكاتب الفلسطيني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.