قضايا بشعة تروي تفاصيل اندثار العلاقة المقدسة بين الجيران في عرف المجتمع الجزائري، فبعد أن كانت قيمة الجار لها مكانا خاصا ضمن حدود الأسر التي كانت تتبع في ذلك قيم الإسلام ووصايا الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أن العصر المادي أدخل العائلات في دوامة الانعزال عن المحيط التقليدي المترابط، حتى أضحى الجار عدو جاره، وتحوّلت بعض الأحياء إلى حلبات للصراع، بل سجلت الجريمة بصمتها بقوة بين بعض العائلات المتجاورة، لاغية بذلك أقدس قيمة عرفها المجتمع الجزائري.. ب. حنان عرفت السنة الماضية أحداثا مؤلمة لشجارات أشبه بالمعارك، بين سكان بعض الأحياء في الجهات الوسطى، حيث اختفى حسن الجوار تاركا المكان لقيم العنف وغياب التآلف والرحمة بين العائلات في الحي الواحد، ولا زالت الوقائع تؤكد لنا أن قيمة حسن الجوار في طريقها إلى الزوال بالمجتمع، وهذا ما أكدته قضية الحال، والتي عالجتها بحر الأسبوع الماضي محكمة جنايات بومرداس، قضية وقائعها جاءت عقب خلاف بين عائلتين متجاورتين في حي باسطوس ببرج منايل تحوّلت إلى جريمة قتل بشعة ارتكبها ابن إحدى العائلتين في حق ابن غريمتها الذي لم يتجاوز سنه 22 من العمر بعد أن استدرجه لشاطئ البحر ثم قام بإغراقه. هذا ما خلصت إليه التحقيقات التي أجريت حول الجثة التي تم استخراجها من شاطئ بحر كاب جنات والتي تطابقت مع مواصفات الشاب (حسام الدين. ب) صاحب 22 سنة الذي بلغ أهله عن اختفائه بتاريخ الوقائع بعد خروجه برفقة أصدقائه الذين استدرجوه إلى هنالك، وعلى رأسهم الشاهد القاصر الذي لا يتجاوز سنه 12، وهناك التقوا بالمتهم الذي دخل معه في شجار وقام بضربه ثم أغرقه بالقوة وعاد أدراجه، في حين طمس أصدقاؤه معالم الجريمة وأوهموا والدة الضحية أنه في زيارة لبيت عمه. و لكن الوالدة وفي اليوم الموالي تلقت مكالمة مجهولة تخبرها بجريمة القتل المقترفة في حق ابنها ما جعلها تستنجد بفرقة الدرك الوطني حيث شرعت في البحث بمعية فرقة الحماية المدنية ليوم كامل ولم يعثروا عليها لغاية اليوم الموالي لما ألقت بها أمواج البحر على الشاطئ كاب جنات، ومنه انطلق التحقيق وتبين أنها لم تكن حالة غرق وإنما جريمة قتل منظمة من خلال عملية الضرب التي تعرض لها المجني عليه إلى جانب عضات على مستوى القفص الصدري تطابقت مع أسنان المتهم الذي كان محل شبهة كونه هدد الضحية قبل الجريمة، إلى جانب تواجده بمسرح الجريمة حسب الشهود. ولكن المتهم وخلال مثوله أمام محكمة الجنايات أمس أصر على إنكار التهم المنسوبة إليه وتضاربت أقواله مع التي أدلى بها أمام قاضي التحقيق، ومن جهته ممثل النيابة اعتبر الوقائع خطيرة، وطالب بتطبيق عقوبة المؤبد، في حين أصدرت المحكمة حكما يدينه ب15 سنة سجنا نافذا.