ألقت ظاهرة العنف بظلالها على سكان الأحياء، فنشبت شجارات أشبه بالمعارك، لم تعرفها الجزائر من قبل، فهذه العلة الدخيلة على مجتمع الأحياء، خلفت أثرا كبيرا على الجزائريين، إذ تسببت في تزعزع الثقة بين سكان الحي الواحد بعد انتهاك حرمة الجيران والعائلات الساكنة في نفس الحي، بعد أن كانت في السابق كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، فمن المتسبب في اغتصاب أمن الأحياء واغتيال روح الإيخاء بينهم؟ مالية كربوش استوقفتنا في رحلة بحثنا عن المتهم الأول في زرع بذور العنف وسط الأحياء، ظاهرة غريبة لها العديد من الدلالات قد تغيب عن البعض، إذ تعرف بعض أحياء العاصمة تسميات مكررة، أو أخرى لها نفس تسميات المناطق الأصلية للسكان الجدد، وهذا الوضع يمتد إلى مناطق عديدة، ومن بين هذه الأحياء نجد حي الحراش بالرويسو، وديار الشمس بالمدنية وفوتان فراش الذين رحلوا من باب الواد والصوريكال، هذا ما يولد العنصرية والجهوية بين سكان تلك الأحياء أولها حي الصوريكال، والوصول إلى حد العنف الشديد بينهم. ففي نفس الحي السكني نجد عدة تسميات للأحياء الأصلية للسكان، ففي الكاليتوس مثلا هناك المدنية، وهذه التسمية أطلقت على بنايات سكنتها عائلات رحلت من المدنية منذ أكثر من 10 سنوات.. انطلقنا إلى منطقة الصوريكال فوجدنا أن ذات الحي يحمل تسميات عديدة منها ما اسمه باب الوادي وأخرى تحمل اسم القصبة وهناك القبة وصالومبيي وكندا وكليما دو فرنس، إضافة إلى حي ديار الشمس المرحلين من المدنية وهناك تسميات تمثل في ألوان العمارات، فهذه التسميات تزرع الفرقة في الحي وتمنع الاندماج بين السكان الأصليين والمرحلين وتخلق عنصرية مستهجنة من الدين والمجتمع... وهنا يصل السكان في بعض الأحياء أحيانا إلى حد المشاجرة بينهم خاصة الشباب منهم عند المقابلات الكروية أو مشكل يواجههم، إضافة إلى المناوشات والكلام القبيح والبذيء، مما ينتج عنه ترويع السكان والخوف من تلك المشاكل أو الوصول إلى حد مشاجرات عنيفة، والمشاجرات تكون خاصة بين الشباب وهم أكثر إثارة للمشاكل والمشاجرات، إضافة إلى امتداد القبح بين سكان نفس الحي ويصلون إلى مشاجرات كبيرة بينهم حتى باستعمال الأسلحة البيضاء، وهذا ما يؤرق الجيران ويسبب لهم الخوف. وهذا ما يولد العنصرية والجهوية بين السكان نظرا لعدم تعارف جيران وشباب الحي مند زمن بعيد، على عكس سكان الأرياف الذين يعرفون بعضهم البعض، ونجد العلاقة بينهم مربوطة بأواصر الاحترام والأدب واللباقة خاصة في كرة القدم، إضافة إلى أن سكان تلك الأحياء الجديدة الذين لا يتعارفون منذ القدم فينعدم بينهم أدنى حد من الاحترام، والوصول إلى حالات عنف خطيرة وخوف شديد من طرف السكان، ما ينتج بدوره حالة من العنف الشديد، سواء كان لفظيا أو معنويا أو نفسيا وحتى .. هذه الآفة الخطيرة الدخيلة على مجتمع الأحياء بالجزائر، خلقت حالة هلع وعدم أمن بين العائلات على مستوى المناطق التي عرفت مشاجرات عنيفة، كما أنها ساهمت في عزل علاقة الجيران بحجة الخوف من الآخر، فهؤلاء السكان الذين جلبوا معهم أسماء أحيائهم القديمة إلى المناطق الجديدة، لم يدركوا أبدا أن هذه الخطوة قد تتسبب في الكثير من الشرور وسط مجتمع الأحياء الجديدة..