أثار قرار وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة توحيد خطبة الجمعة بجميع مساجد مصر ابتداءً من جمعة أمس، ردود فعل متباينة في الشارع المصري بين مؤيد يبرر ومعارض يرى أنه قرار سياسي يكرس تأميم المساجد. ويتضمن القرار توحيد الخطبة (بناء على خطة دعوية مسبقة تعمم على كافة مساجد مصر بداية كل شهر تشمل أربع خطب متتالية، على أن تشمل الخطة مساجد الجمعيات الشرعية وأنصار السنة والدعوة ودعوة الحق). وبررت وزارة الأوقاف قرارها بأنها هي المسؤولة عن إقامة الجمعة والشعائر في جميع مساجد مصر، كما أنها (ماضية في ضم جميع مساجد مصر إليها، ومن ثم فإن الأولوية في الضم ستكون لأي مسجد لا يلتزم بالخطة الدعوية التي تحددها والمنهج الذي تلتزمه دون أي توظيف سياسي حزبي أو مذهبي أو طائفي للمنبر أو المسجد). وأعلنت (نقابة الدعاة) تأييدها القرار بتوحيد الخطبة في جميع المساجد سواء كانت تابعة لها أو مساجد أهلية أو تابعة لجمعيات دينية، معتبرة أنه (أمر حتمي ومطلوب في الوقت الحالي وقرار صائب لحين تطهير الوزارة والمديريات من الطابور الخامس والمسيسين). لكن القرار لاقى انتقادات لاذعة في الأوساط الدعوية التي قالت إنه قرار سياسي يهدف إلى تحجيم الدعاة وسيجعل المساجد بلا روح أو تأثير، معربة عن خشيتها من أن تكون الخطوة التالية هي توزيع الخطب مكتوبة على الخطباء. وبحسب مراقبين، فإن الهدف الرئيسي من القرار هو (تأميم المساجد) التابعة للجمعيات الدينية و(تكميم) الدعوة الإسلامية على المنابر، كما أنه سيزيد من عزوف الناس عن الحرص على حضور خطبة الجمعة. ويرى الرئيس الأسبق لفرع الجمعية الشرعية بالهرم الشيخ سيد محمد أن القرار (سياسي يهدف إلى إحكام السيطرة على المساجد حتى تسير في فلك السلطة الحالية وتلتزم بالإملاءات التي تفرضها على باقي مؤسسات الدولة). ويشير محمد إلى أن توحيد موضوع الخطبة (رغبة قديمة لدى كل الحكام المستبدين بهدف إلهاء الرأي العام عن الأخطاء السياسية التي ترتكبها السلطة، كما أنه يصيب الخطباء بالرتابة والملل وعدم القدرة على الإبداع والابتكار في موضوعات تعالج مشاكل الناس وتتصل بالواقع). وقال رئيس أحد فروع (جمعية أنصار السنة المحمدية) بالجيزة حسين سعيد إن قرار توحيد خطبة الجمعة (يواجه على الأرض باستحالة التنفيذ حيث تفتقر وزارة الأوقاف إلى العدد المطلوب من المفتشين لمتابعة كل المساجد التابعة للوزارة، فضلا عن متابعة مساجد الجمعية الشرعية وأنصار السنة المحمدية ودعوة الحق وهي مساجد يقدر عددها بالآلاف). وأضاف سعيد أن مساجد وزارة الأوقاف (تعاني بالأساس من نقص وعجز في الخطباء، وهو ما يدفع متطوعين لسد هذا العجز حتى دون الرجوع إلى الوزارة أو الحصول على تصريح منها، فكيف إذن يمكنها فرض موضوع خطبة موحد عليهم وعلى خطباء الجمعة في كل المساجد؟). أما الباحث في شؤون الحركات الإسلامية كمال حبيب فيقول إن محاولات توحيد خطبة الجمعة (تدل على شمولية النظام السياسي، ورغبته في قولبة كل شيء بما يحقق أهدافه السياسية، ثم إنه تفريغ للمساجد من مضمونها الدعوي الحقيقي الهادف إلى تطوير المجتمع وتنميته). ويضيف أنه في الوقت الذي يجب أن تجنب فيه المساجد التحيز لقضايا حزبية وسياسية خاصة بفصيل سياسي أو آخر، لا يجب أن يمنع خطباء المساجد من مناقشة القضايا السياسية العامة التي توحد الصف وتلم الشمل وتمنع الفرقة دون التحيز لطرف سياسي على حساب آخر.