تشهد الأوساط الطبّية والسياسية في مصر لغطا واسعا أثاره إعلان القوات المسلحة توصّلها إلى اكتشاف علاج جديد لمرضى نقص المناعة المكتسب (الإيدز) والتهاب الكبد الوبائي (ج). فبينما رحب البعض بالاكتشاف الجديد مؤكّدين أنه طفرة كبيرة في المجال الطبّي رأى آخرون أنه مجرّد دعاية سياسية لتلميع الجيش قبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة. وقبل يوم واحد من استقالة الحكومة المصرية المؤقّتة نظّمت القوات المسلّحة مؤتمرا صحفيا عالميا للإعلان عن اختراع وتصميم جهاز (سي فاست) للكشف عن فيروس التهاب الكبد الوبائي (c)، والإيدز وعلاج تلك الفيروسات. وأعلن صاحب الاكتشاف اللواء دكتور إبراهيم عبد العاطي نجاح علاج الإيدز و(فيروس سي) بنسب قاربت 100 بالمائة، موضّحا أن العلاج (بدأ داخل المخابرات الحربية سرا إلى أن تم الإعلان عنه الآن). أمّا اللواء عبد اللّه طاهر -رئيس الهيئة الهندسية- فقال: (لن يتمّ تصدير الجهاز لمحاولة حمايته وبراءة اختراعه من مافيا شركات الأدوية والدول الكبرى المحتكرة لسوق الدواء العالمي)، مضيفا (أن تصنيع الجهاز سيتمّ في القوات المسلّحة وتحت إشرافها لتأمينه). وفي تعليقه على ما أعلن قال الأمين العام الأسبق لنقابة أطباء الإسكندرية إبراهيم الزعفراني إن معيار الحكم الحقيقي على أيّ اكتشاف طبّي جديد هو تسجيله عالميا والحصول على براءة اختراع له. وتساءل الزعفراني (إذا كان الاكتشاف حقيقيا فلماذا لم يتمّ تسجيله عالميا؟ فالدوريات العلمية العالمية خاصة في المجال الطبي تتلقف مثل هذه الاختراعات لتصبح الصورة الرئيسية لغلافها)، وتابع: (ليس لدى القوات المسلّحة مراكز بحثية متطورة في المجال الطبّي تسمح بمثل هذا الاختراع وحتى الكفاءة الطبية للأطبّاء في الجيش ترتبط بالرتبة التي يشغلونها وليست بالكفاءة العلمية، كما أن أطباء الجيش كلهم مسجلون بعضوية نقابة الأطباء ولم تظهر منهم كفاءات عالمية في مجال علاج الإيدز وفيرس سي) ورجح الزعفراني قيام القوات المسلحة باستيراد هذا الجهاز. ويرى أحمد فتحي -استشاري بمستشفى جامعة حلوان- أنه لو ثبت صحة هذا الاكتشاف لترتب عليه نقلة نوعية كبيرة في المجال الطبّي، لكن من خلال متابعة الدوريات الطبية العالمية بشكل مستمر لم تتحدث تلك الدوريات عن أيّ علاج مصري لهذين المرضين اللذين يستعصيان على البشرية حتى الآن، وأضاف: (لابد من إثبات صحة هذا الاكتشاف بتسجيله عالميا وخصوصا من هيئة الدواء الأمريكية حتى يعتد به في علاج تلك الأمراض وهو ما لم يحدث، وهو ما يفتح المجال أمام الشكوك في صدقيته). أمّا الأمين المساعد لنقابة الصيادلة علاء عصمت فيقول إن الغموض ما زال يكتنف الاكتشاف الجديد ولا يمكن الحكم عليه إلا بعد إجراء تجارب عملية تثبت صحتها من خلال علاج بعض المرضى والوقوف على مستوى الشفاء. ومن الرأي الطبي إلى الرأي السياسي، حيث يقول الخبير الاستراتيجي اللواء عبد الحميد عمران إن الإعلان عن هذا الاكتشاف يأتي في إطار الدعاية السياسية، وإن إمكانات القوات المسلّحة لا تسمح باختراعه. ووجدت مواقع التواصل الاجتماعي فيما أعلنته القوات المسلحة مادة تنوع التعليق عليها بين السخرية، والتكذيب، والمقارنة بين تلك الحالة وما سبق وأعلنه الجيش عام 1954 عن تصنيع صاروخ كنوع من الدعاية للرئيس الراحل جمال عبد الناصر. واعتبر بعض النشطاء الإعلان جزءا من (حملات ممنهجة) لتلميع الجيش قبل فتح باب الترشيح لانتخابات الرئاسة، فيما رأى آخرون أن الاكتشاف (حقيقي ودليل على عظمة وقوة القوات المسلّحة وقدرتها على حل كافة المشاكل التي تواجه المصريين).