أدى غلق المؤسسة الإستشفائية المتخصصة في الطفل و الأم بسيدي مبروك بسبب أشغال التهيئة إلى زيادة الضغط على كل من مصلحة التوليد بالمستشفى الجامعي ابن باديس، و المؤسسة الإستشفائية بالخروب، مما شكل حالة غليان غير مسبوق في هاتين الأخيرتين استدعت دخول بعض الأطباء في احتجاجات، و تهديدهم بالتصعيد من خلال الدخول في إضراب مفتوح. عبر العديد من العاملين في الأطقم الطبية بمصلحة التوليد بالمستشفى الجامعي ابن باديس عن استيائهم الشديد جراء الضغط الذي وصلت إليه المصلحة من تضاعف الوفود من المرضى و الحوامل بثلاث مرات عما كان عليه من قبل على خلفية غلق المؤسسة الإستشفائية بحي سيدي مبروك، و هو الوضع الذي من شأنه أن ينذر بالخطر حين يرسم صورا باءت أكثر تفشيا سيما في جانبه المتعلق بالنظافة ووسائل الاستقبال وحتى التكفل، حيث أكدت أكثر من قابلة بأن المعدل الذي تعمل به المصلحة غير منطقي ويقدر ب1500 ولادة في الشهر، كما يتراوح عدد العمليات القيصرية من 20 إلى 30 عملية قصيرية في الليلة الواحدة، وتتكفل كل قابلة بما لا يقل عن 70 مريضة في المداومة الواحدة وهو رقم ينطبق على الممرضات ويكون أكبر في فصل الصيف، حيث أفادت إحدى الممرضات أن معدل التغطية في القاعة الواحدة يقدر بممرضة فقط فيما تتعدى عاملة التنظيف نطاق عملها إلى التكفل بالمريضات ونقلهن من مصلحة إلى أخرى، وتكلف أيضا بنقل عينات التحاليل، كما يطلب منهن تنظيف التجهيزات. و يستغرب الأطباء و الممرضين عن المبالغة في باقي المستشفيات والمراكز الصحية سواء داخل قسنطينة أو خارجها، في تحويل عدد هائل من الحالات إلى هذه المصلحة حيث قال لنا أحد الأطباء أن المستشفى الجامعي يفترض أن يكون للحالات الخاصة والدقيقة، لكن المريضات توجهن رأسا إليه للتخلص من العبء، ففيما تبقى مصالح مشابهة بمراكز صحية شبه خالية يشهد المستشفى حركة لا تهدأ ليل نهار ما انعكس على كل الجوانب، كالنظافة، التي يؤكدون أنها تكاد تكون منعدمة لشدة الضغط، حيث تستعمل طاولة التوليد ل100 امرأة وتشترك ثلاث مريضات في سرير واحد، فيما تفترش أخريات الأرض، وهو ما يهدد بانتشار أمراض خطيرة تنقل عن طريق العدوى مع نقص كبير في الأغطية و الأفرشة. نفس الوضع يشهده مستشفى الخروب و إن كان أخف شدة عن سابقه بقسنطينة رغم كونه المعني الأول الذي عوض غلق المؤسسة الاستشفائية بسيدي مبروك حيث تم تحويل كل الأطباء و الممرضين و العاملين بهاته الأخيرة إلى مستشفى الخروب، كإجراء مؤقت إلى غاية الانتهاء من ترميمه، لكن هذه الفترة حسب ما عبر عنه رئيس إحدى المصالح الطبية بذات المستشفى بات ينذر بالخطر، قد يتفاقم الوضع السيئ به من خلال ظهور أولى بوادر الاكتظاظ و التلوث و هو عكس ما كان يعرف به مستشفى الخروب، و يضيف مصدرنا أن الوضع لا يتوقف عند مصلحة التوليد بل تعداه إلى جل المصالح الأخرى خاصة من ناحية الاستعجالات الجراحية حيث تُعطى الأولوية للولادات القيصرية على حساب عمليات أخرى تخص باقي المصالح كانت مبرمجة، و انتقد محدثنا الإجراء المؤقت الذي لجأ إليه مسؤولو الصحة بالولاية حين نقلوا مستشفى متخصص بحجم عيادة سيدي مبروك التي يقصدها المرضى من 17 ولاية إلى مصلحة صغيرة بمستشفى الخروب، و هو الظرف الذي ترجمه في صورة بسيطة «أشبه بوضع برميل في وسط إناء» على حد تعبيره، و هو الوضع الذي وقفنا عليه خلال تجولنا بمختلف أقسام المستشفى حيث لاحظنا مثلا أن القاعة الواحدة في مصلحة التوليد صارت تحوي حتى سبع نساء مع أطفالهن حديثي الولادة في نفس الوقت. و للإشارة فقط رفض مسؤولو مستشفى البير نقل المؤسسة المتخصصة في الطفل و الأم إليه بسبب أنه هو الآخر يقوم على أشغال إعادة تهيئته و هو الأمر الذي اضطر من خلاله المسؤولون لنقله إلى مستشفى الخروب رغم عدم قدرته على استيعاب كل المرضى المحولين من سيدي مبروك. هاته المفارقة أدت بالأطباء للتساؤل عن جدوى تحويل كامل طاقم عيادة سيدي مبروك إلى الخروب رغم أن كل المريضات تقصدن المستشفى الجامعي ومؤكدين بأن هناك أطباء مقيمون لا يقومون بأي عمل في الخروب، بينما ازداد العجز بالمستشفى الجامعي بعد غلق عيادة سيدي مبروك التي تخضع للترميمات. حيث طالبوا بضرورة ضبط التحويلات و تعزيز الأطقم الطبية.