كثيرات هن اللواتي وضعن حملهن على قارعة أبواب المستشفيات وأخريات وضعن حملهن في الأدراج وداخل السيارات بحجة الاكتظاظ وعدم شغور الأسِرة، ''عندما ولدت وجدت نفسي أتقاسم السرير مع امرأة أخرى''··· شهادات روتها على مسامعنا إحدى الحوامل تتضمن في طياتها معاناة الكثيرات من الحوامل في أقسام التوليد، فغالبا ما تفضي إلى تسجيل وفيات المواليد أو الأجنة في بطون أمهاتهن· شكلت حادثة وفاة إحدى المواليد بالمؤسسة العمومية الاستشفائية حسن بادي أولى الحالات التي صادفتها ''الجزائر نيوز''، حيث كانت بمثابة المنفذ الذي سمح لنا بالولوج إلى قلب المصلحة ورصد شهادات الحوامل عن ظروف وضع حملهن بأقسام الولادة· الوالد يتهم المصلحة بالإهمال وعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة هدد بن عاشور برفع دعوى قضائية ضد ممرضي المناوبة الليلية بمصلحة طب التوليد وأمراض النساء التابعة للمؤسسة الاستشفائية العمومية حسن بادي بالحراش، فحواها ''الإهمال'' و''التماطل'' المفضي إلى وفاة المولود في رحم أمه· وتعود وقائع القضية، حسب المتحدث في حديثه للجزائر نيوز''، إلى تاريخ 12 أوت الماضي بعد أن التحقت زوجته بقسم التوليد، حيث واجهت صعوبة في الظفر بسرير، يقول إن حالة زوجته الصحية صنفت في خانة الجيدة بحكم أنها لم تكن تشكو من أي مرض قد يتسبب في وفاة جنينها الذي حملته لمدة 9 أشهر، بناء على التقرير الطبي للمختصة في أمراض النساء والتوليد التي قامت بمتابعة حالتها الصحية منذ الشهور الأولى من الحمل، التي ضمنت تقريرها -حسبه- بوجوب إجراء عملية قيصرية إذا تعسرت عليها الولادة الطبيعية في ظرف 24 ساعة، وتعد هذه الحالة من بين الحالات التي وقعت فيها الحوامل ضحية الوضع الكارثي الذي يميز أقسام التوليد بالمؤسسات الاستشفائية بالعاصمة، والتي كانت مصلحة حسن بادي عينة منها· استقينا خلال تواجدنا بمصلحة طب أمراض النساء والتوليد، شهادات لنساء حوامل وأمهات وضعن أبناءهن في ظروف أقل ما يمكن وصفها به بالمزرية، حيث أكدت زوجة بن عاشور أنها مكثت في المؤسسة الاستشفائية مدة ثلاثة أيام تم خلالها حقنها لمساعدتها على الولادة بشكل طبيعي، لكن مفعولها لم يجد نفعا، واستمر الوضع على حاله بالرغم من بروز أعراض تستدعي القيام بالإجراءات اللازمة لإنقاذ الجنين، وأضافت أنها لم تتلق أي إسعافات أولية عند ارتفاع درجة حرارتها إلى ما يقارب 40 درجة أثناء الليل، واكتفت بوضع الماء البارد، وهو ما أدى إلى اختناق الجنين داخل رحم الحامل التي ألحت بالتعجيل في إجراء العملية القيصرية، حيث أكدت أن إجابة الممرضات بعد سوء حالتها الصحية إبلاغها انتظار الطبيبة المختصة· رئيسة قسم التوليد تبرر سبب الوفاة بعدم خضوعها للعملية القيصرية رفضت رئيسة قسم التوليد التي تقربت منها ''الجزائر نيوز'' تقديم الأسباب التي أدت إلى وفاة الجنين، وأضافت قائلة ''إنه لن يتم إخضاع الحامل للجراحة القيصرية'' حيث ترك الجنين في بطنها لمدة يوم بأكمله بحكم أنه لن يشكل خطرا على حياتها، موضحا أن ما يتم فعله هو استمرار حقنها بالأدوية المساعدة على الولادة· وبالرغم من بقاء الحامل في المصلحة منذ ما يقارب 3 أيام وهي تتلقى نفس العلاج، وهو ما أدى إلى سوء حالتها الصحية بالرغم من أن التقرير الطبي يشير -حسب تصريحات الزوج- إلى أنه بعد مرور 24 ساعة لم تتمكن الحامل من الولادة بشكل طبيعي لابد من إجراء العملية القيصرية· حوامل يؤكدن أنها مصالح للإهانة لا للولادة يكفي أن تقف أمام مدخل المصلحة لترى مشاهد المعاناة التي تتكبدها الحوامل جراء ساعات طول الانتظار، حوامل في حالات استعجالية يوشكن على وضع حملهن يُرفض استقبالهن ويتم توجيههن إلى مستشفيات أخرى، الوضع الذي يتسبب في نشوب مشادات بين أزواج الحوامل وأعوان الأمن تستدعي تدخل أعوان الشرطة في حالات كثيرة، فقد تزامن تواجدنا مع وقوع حادثة من هذا النوع، حيث كانت تشير الساعة إلى الحادية صباحا بعد أن أوصدت المصلحة أبوابها أمام امرأة حامل توشك أن تضع حملها، وطلب من زوجها الذي أكد في حديثه أنه جاب عددا من مستشفيات العاصمة انطلاقا من مستشفى بني جابت مرورا بمستشفى عين طاية ومستشفى القبة ليحط بها الترحال بمصلحة حسن بادي ولم يتم إدخالها إلا بعد أن جلست على ركبتيها من شدة وقع الألم· سرير واحد تتقاسمه مريضتان ومواليد دون سرير كشفت العديد من الحوامل اللائي تحدثنا إليهن أنهن يضطررن في قسم التوليد إلى اقتسام سرير واحد، وهو ما يزيد من معاناة الحامل، وهو ما أكدته السيدة (أ· ب) التي اضطرت إلى تقاسم السرير مع غيرها رغم آلام المخاض، كما أشارت إلى أن هذا الوضع يجعل إمكانية انتقال العدوى بين الحوامل ممكنة، علاوة على العجز المسجل في الأسِرة الخاصة بالمواليد الجدد، حيث يشاركون الأمهات في أسِرتهن، وهو ما يشكل خطورة على حياة المولود في حال غفلة الأم· النظافة آخر الاهتمامات؟ إذا كان هدف وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات هو توعية المواطنين بأهمية الحفاظ على النظافة التي تلعب دورا هاما في حماية الفرد من الأمراض عبر حملات التوعية التي تطلقها عبر وسائل الإعلام وتدونها في وصفات الأدوية لتحقيق المسعى الرامي لإبراز أهمية نظافة الجسد والمحيط، فإن مصلحة طب النساء والتوليد تفتقر تماما لهذا العنصر الأساسي، ولم نكن بحاجة هذه المرة لشهادة الحوامل أو الأمهات الماكثات بالمصلحة بل تجسد المشهد أمامنا، بقايا الطعام متناثرة في زاويا الغرفة، والشكاوى التي رفعتها إلينا النساء اللواتي وجدنهن بغرفة نقلن إليها بعد الولادة في الطابق الثالث بسبب انقطاع المياه وقيام العاملين بالمصلحة بغلق دورات المياه ومنعهن من الدخول إليها وفقا لتصريحات النساء الحوامل، ولكم أن تتصورا كيف يتحول الوضع في ظل غياب الماء عن حنفيات المستشفى، علما أن القسم تجرى به عمليات الجراحة القيصرية التي تستدعي من الطبيب القائم بها أن ينتهج طرقا محددة لتعقيم اليدين قبل مباشرتها، فقد أكدت جل من تحدثت إليهن ''الجزائر نيوز'' أن دورة المياه يتم إغلاقها ويطلب منهن استعمال المناديل بدل الاغتسال بالمياه· العلاقات الشخصية والمادية سيدة الموقف أجمعت معظم النساء اللواتي تحدثت إليهن ''الجزائر نيوز'' أن أسباب رفض المؤسسة الاستشفائية العمومية حسن بادي بالحراش استقبال الحوامل، تصب مجملها في عدم توفر أسِرة شاغرة نظرا لكثرة عدد الوافدين عليها في ظل عجز الهياكل عن استيعابها، غير أنهن أكدن أن هذه الحجج تزول وتتلاشى أمام قانون العلاقات الشخصية والمالية· وتضيف إحدى السيدات التي رفضت الكشف عن اسمها ''أنه إذا كانت الحامل تعرف شخصا ينتمي إلى سلك الأطباء فإنها ستحظى بتأشيرة الدخول، وإن كانت من عامة الناس فإن العملية تتطلب وقتا طويلا أو يتم إرسالها إلى مستشفيات أخرى، وهو ما تسبب في وجود حالات كثيرة لنساء وضعن حملهن في السيارات وعلى الدرج· وتساءلت المتحدثة ذاتها إذا كانت المستشفيات العمومية ترفض استقبالهن، فأين تتجه الشريحة العاجزة عن دفع تكاليف الولادة في العيادات الخاصة· تعليمات وقوانين تعلق على جدار المصلحة فحسب تنص التعليمة الوزارية رقم 03 المورخة في 26 /03 / 2006 المتعلقة بضبط مواعيد الزيارة والقواعد الواجب احترامها والتي تنص على انطلاق موعد الزيارة من الساعة الواحدة والنصف على أن تنتهي على الساعة الثالثة بعد الزوال، منع جلوس الزائرين على أسِرة المرضى، منع دخول الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة، منع إدخال الأفرشة والأطعمة للمرضى، في الوقت الذي يفترض فيه الامتثال بفحوى التعليمة يبقى تطبيقها خارج النطاق، كما أثارت النقطة المتعلقة بمنع إدخال الأطعمة استياء النساء الحوامل والأمهات بسبب رداءة الوجبات الغذائية المقدمة لهن بالمصلحة· وإذا كانت التعليمة تنص على منع جلوس الزوار على أسِرة المرضى، فإن احترامها يغيب تماما وهو ما يعكس عدم اكتراث المواطنين بها· قاعة الاستقبال تتحوّل إلى حلبة صراع وأطباء عرضة للاعتداء يثير قرار المصلحة الاستشفائية رفض استقبال حالات الولادة غضبا شديدا خاصة بعد رحلة التنقل عبر المستشفيات، حسب تأكيدات معظم من تحدثت إليهم ''الجزائر نيوز''، ليتم بعدها توجيههم إلى مستشفيات أخرى· ولأن معظهم يرفضون الفكرة مما يؤدي إلى نشوب خلاف بينهم وأعوان الأمن بعد أن تتحول قاعة الاستقبال إلى حلبة صراع بين أعوان الأمن والمواطنين تستدعي في أغلب الأحيان تدخل الشرطة، في حين يلجأ بعضهم إلى رفع دعاوى قضائية· وبالموازاة قد يؤدي ذلك إلى تعرض أعوان الأمن المنتشرين أمام مدخل المصلحة والأطباء الممرضين إلى التعرض للاعتداء بحكم أن الظروف الاستعجالية والحالة النفسية التي يصل فيها المواطن إلى المصلحة بعد رحلة التنقل من الأسباب التي تؤدي إلى إقدامهم على ارتكاب أفعال ضد الأعوان من فرط المعاناة التي يكابدونها من مستشفى لآخر وخوفهم من فقدان فلذات أكبادهم الذين انتظروهم طوال تسعة أشهر كاملة أو في أشد الأحوال فقدان زوجاتهم·