توفي العداء الجزائري والبطل البارالمبي والعالمي السابق في اختصاص رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة، محمد علاق، صباح أمس الثلاثاء عن عمر ناهز 42 سنة، بعد معاناته من المرض تاركا وراءه سجلا حافلا بالألقاب وطنيا ودوليا، وتمكن علاق من حمل الراية الوطنية عاليا في مختلف المحافل الرياضية الكبيرة، على غرار الألعاب البارالمبية والبطولات العالمية، كما حطم أرقاما قياسية في سباقات ال100 متر و 200 متر و 400 متر أيضا. وسيتم تشييع جنازة الفقيد اليوم الأربعاء بقرية أقني قغران بتيزي وزو بعد صلاة الظهر. محمد علاق رحمة الله عليه ليس مجرد اسم كبير مر على رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة، بل هو نجم من طراز غير عادي، وله واقعة لا تزال محفورة بالأذهان ومسجلة باسمه حتى الآن كونه أول نجم من رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة في تاريخ الجزائر على الإطلاق تهتف باسمه الجماهير في ملعب 5 جويلية الأولمبي بعد تتويجه التاريخي بثلاث ميداليات ذهبية في الألعاب البارالمبية بسيدني.. من ينظر إلى الفقيد رحمة الله عليه يجد نفسه أمام أسطورة رياضية خالدة، وصانع مجد رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة الجزائرية بفضل نتائج باهرة وحصيلة ثرية تعكسها بوضوح الميداليات الأولمبية الستة (6) منها خمسة (5) من المعدن النفيس المحققة خلال الدورات شبه الأولمبية الخمسة التي شارك فيها، و الألقاب العالمية ال12 التي زين بها سجله المشرف منذ عام 1994، يبقى محمد علاك- دون منازع - الرياضي الأكثر تتويجا على الإطلاق في رياضة المعاقين الجزائرية. المسيرة الحافلة لمحمد علاق انطلقت من نادي اتحاد حسين داي مرورا بجمعية بريد الجزائر ثم مولودية الجزائر قبل أن يقرر قبل سبع سنوات وضع حد لمشواره الرياضي المشرف عندما كان ينشط تحت ألوان المجمع البترولي. فبعد سيطرته المطلقة على المستوى الوطني و الجهوي و القاري تمكن من فتح أبواب المجد العالمي بفضل إرادته الفلاذية و جديته الكبيرة في العمل. وبخطى ثابتة و رؤية مدروسة، خطط محمد علاق بنجاح (75,1 مترا وحوالي 40 كلغ)، الولوج لساحة الكبار التي كانت بدايتها في الطبعة الأولى من بطولة العالم برلين (ألمانيا 1994)، وهي المنافسة التي أعلن فيها بصراحة انضمامه للنخبة العالمية من خلال إحرازه لميداليتين منها ذهبية. وبعد هذه المحطة واصل محمد علاق المولود سنة 1974 و المنحدر من قرية أوقني يغران بتيزي وزو، حصد الألقاب واحد تلو الآخر. فمثل ما تؤكده النتائج، يعد هذا العداء بمثابة عداد حقيقي لحصد الأرقام القياسية في كل المنافسات، أبرزها الأرقام القياسية العالمية لسباقات ال100 متر و 200 متر و 400 متر) وهي الأرقام التي استمرت لعدة سنوات. وفي الألعاب شبه الأولمبية يعود أول لقب لمحمد علاق، إلى دورة 1996 بأطلانطا (أمريكا) التي فاز فيها بذهبيتي ال100متر و ال200 متر، قبل تأكيد قوته أربع سنوات بعد ذلك بإحراز ثلاث ذهبيات في دورة سيدني، ليختم الحصيلة ببرونزية في (أثينا-2004). وتبقى دورة بكين 2008 الأخيرة في مسيرة محمد علاك الرياضية. محمد علاق (الذي يبقى على مر الأوقات العربة التي تقود القاطرة) خطف بفضل نتائجه المشرفة وبعفويته الكبيرة وشخصيته المرحة حب و مساندة الجميع. وأصبح بحق الرياضي المحبوب الذي رفع راية الجزائر عاليا في مختلف المواعيد التنافسية العالمية. هذه الأسباب مجتمعة أهلته بجدارة لتقلد وسام «الاثير» من يدي رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة سنة 2008، بملعب 5 جويلية على هامش نهائي كأس الجزائر لكرة القدم بين وداد تلمسان و شباب بني ثور. وعن هذا التقليد أكد البطل الأولمبي الجزائري أنذاك بلهجة ممزوجة بين التأثر و الاعتزاز أنه عاش أيام سعيدة جدا. « إنها أسعد أيام حياتي، لم أصدق نفسي وأنا أقوم بجولة شرفية بالملعب أمام آلاف الجماهير. وما زاد من سعادتي و تأثري هو قيام رئيس الجمهورية بمنحى هذا الوسام الشرفي، تقديرا لي على الميداليات الذهبية الثلاثة التي فزت بها في دورة سيدني فرحتي كانت غير قابلة للوصف «. ويحق للفقيد محمد علاق أن يعتز ويفتخر بكل نتائجه ومشواره الرائع الذي يبقى مرجعية لكل رياضي يريد النجاح في مسيرته الرياضية. فهذا الأخير سيبقى إلى الأبد مفخرة رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة و الرياضة الجزائرية بشكل عام، في الأخير أقول بأنه من الصعب على الإنسان ، أن ينعي عزيزا ، ومن المؤلم جدا ، أن يجد المرء نفسه ، يسكب الدموع أو الكلمات، لترثي قلبا بحجم قلب وطيبة ونقاء وإخلاص هذا الرياضي الخلوق، إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا بفراقك يا محمد لمحزونون.