عرفت الإدارات العمومية على مدار الأيام الأخيرة حالة استنفار وسط موظفيها وذلك بعد القرار الذي أعلن عنه عبد المالك سلال الوزير الأول والذي يقضي بمنع أي موظف أو عامل من التقاعد قبل سن 60 حتى في حال إتمامه32 سنة من الخدمة. وقد أصبح الإسراع في التقاعد هو الشغل الشاغل لجميع الموظفين وفي مختلف القطاعات التي عرفت طلبات قياسية للإحالة على التقاعد خلال الأيام الأخيرة، وهو الأمر الذي كانت تدفعهم إليه الحكومة أثناء “البحبوحة المالية” من أجل فتح المجال للشباب للحصول على مناصب شغل، لتدفعها الأزمة المالية إلى تغيير موقفها 360 درجة، ولأن القانون الجديد لم يدخل حيز التنفيذ لكون ما يزال حيز الصياغة من قبل لجنة مختصة، فإن الموظف الجزائري لا يريد أن يكون حبيسا له، لذا فقد شهدت الإدارات العمومية طوابير من قبل موظفيها الذين قضوا عدة سنوات في الخدمة من أجل تقديم طلب التقاعد سواء النسبي أو المسبق، المهم بالنسبة لهذه الفئة هو أن لا يمسها القانون الجديد الذي كانت حجة الوزير الأول فيه هو إيقاف النزيف المالي الذي يعاني منه الصندوق الوطني للتقاعد بسبب التقاعد النسبي، الأمر الذي كان بمثابة الصدمة بالنسبة للطبقة العاملة، وهو ما وقفت عليه “آخر ساعة” من خلال المسح الذي قامت به في الأيام الأخيرة على مستوى عدد من الإدارات العمومية بولاية عنابة التي يوجد بها العشرات من الموظفين الذين لم يتبق لهم الكثير لإكمال 32 سنة عمل وأصبحوا بذلك على مشارف التقاعد طبقا للقانون الحالي، لذا فقد قامت هذه الفئة من العمال وغيرها من الفئات الأخرى التي ترغب في الحصول على التقاعد النسبي بتقديم طلباتها من أجل التقاعد، خصوصا وأن هناك أخبار تتحدث عن أن القوانين الجديدة ستصبح سارية المفعول خلال شهر أوت المقبل، وبما أن الحكومة لا يمكنها منعهم حاليا من التقاعد طبقا للقوانين الحالية، فقد استغلوا الفرصة من أجل إنهاء مسيرتهم الوظيفية، وبخصوص قضية التقاعد قال لنا مصطفى وهو موظف في إدارة عمومية بولاية عنابة: “أنا أبلغ حاليا من العمر 56 عاما ولدي تقريبا 30 سنة عمل، لذا لا يمكني العمل إلى غاية سن 60 من أجل التقاعد، لأن هذا الأمر غير منطقي، لقد قررت الاستفادة من التقاعد المسبق الآن حتى لا يحبسني القانون الجديد للتقاعد”. عجز كبير في الموظفين منتظر في الإدارات العمومية وحسب ما كشفت عنه مصادر “آخر ساعة” من الصندوق الوطني للتقاعد فإن العشرات من الموظفين والعمال يتوقع تقاعدهم خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وهو ما من شأنه أن يؤثر كثيرا على سير العمل، خصوصا وأن الجهات الوصية لم تحضر نفسها لمثل هذا الوضع، كما أنها لا يمكنها حرمان موظفيها من التقاعد، وحسب المصدر ذاته فمنذ أن أدلى سلال بتصريحاته ارتفعت نسبة طلبات التقاعد بشكل ملحوظ، حيث أصبحت مختلف الإدارات والمؤسسات تتلقى طلبات التقاعد بشكل يومي، لتجد هذه الأخيرة نفسها أمام معضلة سد الفراغ الكبير الذي سيتركه رحيل هؤلاء العمال، حيث سيكون اللجوء إلى التوظيف والترقيات هو السبيل الوحيد أمامهم. صندوق التقاعد سيجد نفسه في ورطة حقيقية وإذا كان الهدف من الإجراءات الجديدة للحكومة هو تقليل خسائر الصندوق الوطني للتقاعد الذي أعلنت وزارة العمل مؤخرا بأن 830 متقاعدا استفادوا من التقاعد المسبق وهو ما يكلف خزينة الصندوق قرابة 400 مليار دينار سنويا، باعتبار أن الصندوق يصب سنويا ما قيمته 770 مليار دينار لنحو 1.600 مليون، فإن القرار الجديد من شأنه أن يرفع نسبة المتقاعدين نسبيا وأصحاب التقاعد المسبق كثيرا، وهو ما سيكلف الصندوق أعباء مالية أكبر، وما تجدر الإشارة إليه فإن عبد المالك سلال الوزير الأول في الخامس من شهر جوان بالجزائر العاصمة خلال جلسة اختتام اجتماع الثلاثية(حكومة، مركزية نقابية، منظمات أرباب العمل) عن تحديد التقاعد ب 60 سنة وذلك من خلال مشروع قانون جديد يعدل الأمر97/ 13 الذي يؤسس الإحالة على التقاعد دون شرط السن، كما أن القرار الجديد للحكومة يمنع أي عامل من التقاعد قبل هذه السن حتى لو أكمل 32 سنة من العمل.