أكد رئيس الدولة عبد القادر بن صالح أمس في خطاب وجهه للأمة عشية الاحتفال بالذكرى المزدوجة لعيدي الاستقلال والشباب أن الحوار الذي سيتم إطلاقه من الآن، ستقوده شخصيات وطنية مستقلة تحظى بالشرعية، مؤكدا الالتزام بأن الدولة بجميع مكوناتها، بما فيها المؤسسة العسكرية لن تكون طرفا فيه.وشدد رئيس الدولة عبد القادر بن صالح على ضرورة الاستعجال في اللجوء إلى الحوار وفي أسرع وقت ممكن لاستعادة سجيتها السياسية و المؤسساتية، مضيفا أن مسار هذا الحوار الذي سيتم إطلاقه ، ستتم قيادته و تسييره بحرية و شفافية كاملة من قبل شخصيات وطنية مستقلة ذات مصداقية.وستكون هذه الشخصيات المعنية بتسيير مسار الحوار، بلا انتماء حزبي أو طموح انتخابي شخصي، كما أنها تتمتع بسلطة معنوية مؤكدة وتحظى بشرعية تاريخية أو سياسية أو مهنية تؤهلها لتحمل هذه المسؤولية النبيلة وتساعدها على حسن قيادة هذا الحوار.وبغية إبعاد أي تأويل أو سوء فهم أكد بن صالح في هذه الصدد مرددا جملته مرتين الالتزام بأن الدولة بجميع مكوناتها، بما فيها المؤسسة العسكرية لن تكون طرفا في هذا الحوار و ستلتزم بأقصى درجات الحياد طوال مراحل هذا المسار، حيث ستكتفي فقط بوضع الوسائل المادية تحت تصرف الفريق المسير.وفي معرض تقديمه لمختلف الضمانات التي توفرها الدولة لهذا المسعى، أشار السيد بن صالح إلى أن المشاركين في هذا الحوار سيكون لهم حرية مناقشة كافة الشروط الواجب توفيرها لضمان مصداقية الاستحقاق الرئاسي المقبل والتطرق لكل الجوانب التشريعية والقانونية والتنظيمية المتعلقة به، بما في ذلك الرزنامة الخاصة بمراقبة هذا الموعد الانتخابي والإشراف عليه.كما عاد رئيس الدولة للتأكيد على أن هذه الانتخابات تبقى الحل الديمقراطي الوحيد والواقعي والمعقول، مسجلا قناعته بكون رئيس الجمهورية المنتخب بشكل ديمقراطي لا جدال فيه، هو وحده الذي سيتمتع بالثقة والشرعية اللازمتين وكذا بالصلاحيات الكاملة التي تمكنه من تولي تحقيق هذه الرغبة العميقة في التغيير، وتلبية المطالب الشعبية المشروعة والقيام بالإصلاحات الجذرية المنشودة.وتابع مؤكدا في هذا السياق بأن ما تم اقتراحه يعد مقاربة عقلانية وسليمة، و السبيل الوحيد الذي يكفل للمواطنين تجنب المقترحات المحفوفة بالمخاطر وإفشال المخططات المريبة التي تهدف إلى جر البلاد نحو الفراغ الدستوري وتغييب دور الدولة والزج بها في دوامة الفوضى.كما تضمن خطاب رئيس الدولة الإشارة إلى جملة من المستجدات التي سيفضي إليها إنشاء الهيئة التي سيعهد إليها تنظيم و مراقبة العملية الانتخابية المقبلة.فبعد أن ذكر بأن مسار الحوار الذي يدعو إليه، سيكون هدفه الاستراتيجي الأوحد هو تنظيم الانتخابات التي يتعين أن تجرى في أقرب الآجال الممكنة، أوضح رئيس الدولة عبد القادر بن صالح بأن السلطة أو الهيئة التي ستوكل إليها مهمة تنظيم العملية الانتخابية ومراقبتها عبر كافة مراحلها ستكون في صلب هذه النقاشات، من خلال تحديد كيفية تسييرها و مهامها وصلاحياتها و كذا اختيار الشخصيات التوافقية التي ستسيرها.و من بين ما سيتمخض عن إنشاء هذه السلطة، تكييف النظام التشريعي والتنظيمي القائم، خاصة قانون الانتخابات، الذي أكد بأنه يحتاج إلى مراجعة قصد توفير الضمانات الكفيلة بتأمين شروط الحياد والشفافية والنزاهة المطلوبة.كما سينجر عن ذلك أيضا، إعادة النظر في تشكيلة الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات التي ينص عليها الدستور من أجل التوفيق بينها و بين السلطة التي سيتم إنشاؤها في أقرب وقت ممكن.كما أكد بن صالح تصميم الدولة على تنفيذ مسار التطهير و محاربة الفساد، وفقا لقوانين الجمهورية و دون المساس بحقوق العمال أو إلحاق الضرر بالاقتصاد الوطني.كما ذكر بن صالح في ذات الإطار بأن عملية التطهير الواسعة لأجهزة الدولة و تجديد تأطيرها تتزامن مع مكافحة صارمة لآفة الفساد و تبديد الأموال العامة، تضطلع بها بجدية عدالة تمارس اليوم كامل مهامها و صلاحياتها.كما اغتنم رئيس الدولة الفرصة للثناء على الشعب الجزائري لما أظهره من نضج و وعي كبيرين في هذه المرحلة الحساسة بالذات،و هذا من خلال تصرفه الحضاري المثالي.غير أنه أشار في المقابل إلى ضرورة بذل كل الجهود لضمان احترام و حماية الحقوق الأساسية و الحريات المكرسة دستوريا، خاصة حق التعبير و التظاهر، التي قال أنه يجب أن يرافقها الحرص على أن تتم ممارسة هذه الحقوق في ظل احترام الآخر و في كنف الامتثال التام لقوانين الجمهورية.وجدد رئيس الدولة في ذات السياق تأكيده على أن التطلع المشروع للشعب الجزائري قد حظي بتجاوب كبير، حيث أصبح في صميم انشغالات السلطات العمومية وضمن اهتمامات الدولة.