قال المدير العام لمؤسسة أرسيلور ميطال ‘'فانسون لوغويك«، أن مركب الحجار لا يتواكب مع ما تفرضه المنافسة من معطيات اقتصادية، وكشف أن المصنع يضم أكثر من 5800 عامل ويعجز عن بلوغ ذروة انتاج مليون طن من منتجات الحديد سنويا. وأوضح المدير العام في حوار خص به جريدة «آخر ساعة» أجري بمكتبه، أن الشريك الأجنبي متواجد بالجزائر منذ 10 سنوات ويريد الاستمرار في استثماراته، مبرزا أن المجمع يساهم في تغطية نسبة مهمة من احتياجات السوق الوطنية، داعيا لإعادة بعث روح عملاق الحديد من خلال ما يعرف بالبرنامج التنموي، ويأمل في إعادة تشغيل وحدة صناعة الأنابيب، التي لم يتم منحها أية مشروع منذ 18 شهراّ. حاوره :طالب فيصل تحضر أرسيلور ميطال حاليا للانطلاق في التفاوض من أجل إعادة إبرام عقد الشراكة بعد مرور 10 سنوات، بصفتكم المسؤول الأول عن المؤسسة بالجزائر هل سيشهد هذا العقد تغييرات ؟ أولا وقبل كل شيء أريد أن أوضح أن عبارة إعادة إبرام عقد خطأ شائع، حيث أن الشريك الأجنبي يمتلك ما نسبته 70 بالمائة من المركب، وصحيح أن الشريك الأجنبي متواجد بالجزائر منذ 10 سنوات عند إبرام العقد الأول سنة2001، ويريد الاستمرار في استثماراته، لذلك نحن نحضر حاليا لاجتماعات مع الوصاية الجزائرية الممثلة بوزير الصناعة، من أجل تحديد سبل هذه الشراكة ودراسة ما يمكن أن تقدمه الحكومة الجزائرية من مزايا وبرامج تنموية لمؤسستنا باعتبارها مستثمار أجنبيا، وما يمكن أن توفره مؤسسة أرسيلور ميطال وتغطيته من احتياجات السوق الوطنية للمواد الحديدة وبعض النقاط الأخرى المرتبطة بمحاور اقتصادية بحتة، وبذلك ستدخل حتما بعض المعطيات الجديدة في هذا العقد. ودائما فيما يخص هذه الشراكة، يعاب على ارسيلور ميطال قضية تقليص عدد العمال وعدم توفيرها مناصب شغل جديدة، ما يمكنكم إضافته حول هذه النقطة ؟ بصفتي مسير المؤسسة، اعتبر أن هذه النقطة ايجابية، حيث تفرض علينا المنافسة حاليا معطيات اقتصادية جديدة، وان المركب بعيد عن الوصول لهذه المستويات، حيث تضم المؤسسة حاليا ما يقارب ال5800 عاملة وعامل، ونحن نهدف لبلوغ مستوى إنتاج يقارب المليون طن سنويا، ولما لا بلوغ إنتاج 2.4 مليون طن آفاق 2015، لكن الواقع القاسي يفرض علينا تقليص عدد العمال، علما أن المنافسة هي الأخرى تفرض علينا ذلك، فعلى سبيل المثال المركب الحديدي بتركيا يضم 6 آلاف عامل وينتج حاليا ما لا يقل عن 3 مليون طن من الحديد سنويا، ومركب الحجار حاليا لا يتواكب وهذه المعطيات الاقتصادية، وببساطة أننا لم نفعل ذلك أي محاولة رفع الإنتاج بأقل تكلفة، وكأننا حكمنا على نفسنا بالإعدام. وفيما يخص عدد العمال، أريد توضيح أن الأرقام المتداولة غير صحيحة حيث كان المركب يضم 8 آلاف عامل سنة 2001 وليس 11 ألف موظف، كما أن أرسيلور ميطال لم تفصل العمال من مناصب عملهم ولم تطرد أي عامل، بل أن المركب شهد خروج 6 آلاف عامل في إطار التقاعد والتسريح الإرادي منذ 10 سنوات، وتم في نفس الفترة توظيف 2000 عامل جديد ما أدى لا محال إلى تقليص عدد العمال. وماذا عن برنامج التوظيف وعن الاحتجاجات الأخيرة التي شهدها ميناء عنابة بعد إدراج عدد من العمال بمناصب دائمة ؟ في هذا الصدد لقد قمنا بتجسيد مخطط لتوظيف 690 عامل من مؤسسات المناولة على مدى 12 شهرا، وقد انطلقنا في العملة التي سيتم من خلالها توفير مناصب عمل على ثلاث مراحل آخرها شهر جانفي 2012، كما أريد أن أوضح أننا تبنينا لهذه العملية طريقة خاصة لتنقيط العمال لمحاولة غربلة القائمة وتوظيف الأكثر تأهيل بين هؤولاء العمال، وستتم دراسة كل الملفات، وسنحرص على مراقبة التجاوزات في قوانين التوظيف ومن الأآن الإدارة تحترم الاتفاق الثنائي المبرم في إطار البرنامج التنموي 2011-2015 والذي تطرق إلى قضية توظيف العمال المتعاقدين والذين يعملون بشركات المناولة بصفة رسمية قبل نهاية السنة الجارية. كما أريد توضيح نقطة أخرى، هي أن أرسيلور ميطال مؤسسة خاصة ولها الحق في تبني منهجية توظيف تخصها، وأن الاحتجاجات وتصعيد اللهجات لن تنفع، وانه سيتم توظيف من سيكون فعلا مؤهلا وسنحرص على تبني طريقة التوظيف الأكثر موضوعية . هل يمكنكم شرح ما يحصل بوحدة إنتاج الأنابيب التابعة لأرسيلور ميطال حيث علمنا أنها لم تستفد من مشروع منذ مدة ؟ ببساطة الوحدة تشهد توقفا وشللا شبه كامل منذ حوالي 18 شهرا، حيث لم تستفيد من أي مشروع ضمن سجل الطلبيات منذ مدة، الأمر الذي أثار خيبة كبيرة، خاصة أن الجزائر تمتلك مؤسسات كبيرة ولها حاجيات معتبرة للأنابيب نذكر مثلا شركتا سونلغاز وسوناطراك، التي لوحدها تستطيع إعادة بعث روح هذه الوحدة التي تعاني من أزمة خانقة ومهددة بالغلق، علما أن الإدارة تحاول في كل مرة تطوير هذا المجال الصناعي الخاص، وتم صرف ما قيمته 6 مليون دولار لتطوير وتنمية وحدة إنتاج الأنابيب الحديدية، كما قمنا بتكوين العمال والإطارات، وحصلنا على كل الشهادات والتسريحات الممكنة، من أجل مشاركة فعالة كطرف ممون بهذه المادة ، لكن لم يتم منحنا أي طلب من طرف المؤسسات المعنية. وهل قمتم بطرح هذه الإشكالية على الوصاية من أجل إيجاد حلول فعلية ؟ نعم بالطبع، لكن يجب أن نذكر بأن أرسيلور ميطال قدمت سنة 2006 أنابيب وصفتها الشركات الزبونة بغير المؤهلة، ما أفقد الثقة في منتوج مؤسستنا، ورغم ذلك نؤكد أن أنابيب أرسيلور ميطال لا تفرق بين التي يتم استرادها من الخارج ومن القارة الآسياوية، والتي استغلت في مشاريع مؤسسات المحروقات والغاز، ومنذ أكثر من سنتين وجدنا صعوبات لتغطية دفتر شروط طلابيات هذه المؤسسات، ونأمل انه حاليا يتم شراء ما ننتجه بمؤسستنا من أنابيب، خاصة أن المؤسسات المعنية خططت لمشاريع مهمة ضمن ما يعرف بالبرنامج التنموي، وبذلك يمكن إنقاذ وحدة الأنابيب من الغلق نهائيا. بعد أن تم إمضاء اتفاق لرفع أجور العمال هل أنتم متفائلون لإنتاج 590 ألف طن اللازمة لزيادة 4 بالمائة في الأجور شهر ديسمبر ؟ لقد أبرمنا اتفاقا معقولا رفقة الشريك الاجتماعي الذي اتسم بروح المسؤولية خلال المفاوضات، والسؤال الذي طرح نفسه الآن هل يمكن للمؤسسة تغطية هذه الزيادات في ظل ما تعانيه من أزمة مالية؟ لذلك وصلنا إلى تفاهم منطقي، آلا وهو منح زيادات مشروطة بمستوى الإنتاج، ووصلت الإدارة والنقابة إلى هذا الاتفاق بكل احترافية، لأننا في مرحلة حساسة اين أجبرتنا الوضعية المالية على تبني هذه المعطيات التي من شأنها تحفيز العمال، وفيما يخص بلوغ ال590 ألف طن أنا شخصيا آمل ذلك لكن يجب أن يكون العمال والمسيرين في المستوى، وان تقل العراقيل التي تكبح في كل مرة مردود الإنتاج، على غرار ما يحدث حاليا بعد انقطاع المياه منذ ال14 جوان المنصرم. أنتم حاليا تنتظرون ما يعرف بالبرنامج التنموي والذي تم تخصيصه غلافا ماليا يقدر ب500 مليون دولار، فما الذي تنتظرونه في هذا البرنامج وأين تتمحور أمال المؤسسة وشكوككم فيما يخص هذه التنمية المحددة آفاق 2015 ؟ نحن محظوظون لأننا نعمل وننتج داخل بلد لديه سوق مهمة واحتياجات معتبرة من المواد الحديدية بمختلف أنواعها، وما يثير تخوف الإدارة فيما يخص هذا البرنامج التنموي الاستثماري هو عامل الوقت. حيث تستغل بعض الإجراءات الإدارية والمالية أكثر وقت من اللازم أخذه ما يضر بطريقة مباشرة البرنامج التنموي علما أن بعض الإجراءات التي من المفروض استكمالها في بضعة أيام فقط تتخذ أشهرا كاملة، واعتقد أن هذا المشكل تشهده مختلف المؤسسات التي تنشط في الجزائر، أما بخصوص البرنامج في حد ذاته فقد تم الإدراج ضمنه عدة مشاريع من شأنها النهوض بعملاق الحديد، خاصة المشاريع التي سيتم من خلالها إنتاج مواد حديدية إضافية مطلوبة في السوق الجزائرية . بصفتكم المسؤول الأول عن مؤسسة أرسيلور ميتال، كيف تقيمون وضعية المؤسسة اليوم، وما هي أهم التحديات التي يواجهها المركب وأين يباع الحديد الجزائري وما هي أهم سوق؟ المؤسسة حاليا تشهد أزمة مالية حادة، والتحدي الرئيسي الآن هو تغطية احتياجات المالية ببيع اكبر نسبة ممكنة من منتوجاتنا، ذلك ما يجبرنا آليا لرفع مستوى الإنتاج لذلك عقدنا اتفاق لرفع أجور العمال مشترط بالإنتاج، لاسيما خلال ال18 أشهر القادمة. وفيما يخص سوق بيع الحديد، الأكثر أهمية في سوق البناء والأشغال العمومية، ما يمثل 50 بالمائة من احتياجات السوق أي إنتاج ما يعرف بحديد الخرسانة الذي يستعمل في البناءات، لكن حاليا نواجه منافسة شرسة، على سبيل المثال المنتوج الاسباني الذي ينتج ما لا يقل عن 6 مليون طن من الحديد سنويا، علما أن طلبيات السوق الجزائرية حاليا تقل عن 3 مليون طن من حديد الخرسانة، ورغم وجود مؤسسة ارسيلور ميطال بالجزائر، لكن يجب ذكر أن تكلفة نقل الحديد مثلا إلى ولاية وهران أكثر من تكلفة نقله من مدينة فالنسيا الاسبانية، لذلك في بعض الأحيان سعر الحديد المحلي الصادر من مؤسستنا يباع بسعر مرتفع مقارنة بمنافسنا باسبانيا. كما أن أرسيلور ميطال تبيع إنتاجا مهما للسوق التونسية فرغم صغر مساحة البلاد الجارة، إلا أن احتياجات السوق هناك، يمكن وصفها بالمعتبرة، حيث نبيع في هذه السوق المنتوجات الحديدية المسطحة، ورغم الاضطرابات نواصل بيع هذه المواد لمختلف المؤسسات التونسية. تواجهون حاليا أزمة اخرى بعد انقطاع المياه هل اثر ذلك بصورة دراماتيكية بالمركب، وهل ستتخذون اجراءات ردعية ضد مؤسسة تسيير المياه «سياتا»؟ إن انعدام الماء شل مختلف وحدات المركب، الأمر الذي خلف خسائر معتبرة وأوقف إنتاج ما لا يقل عن 10 ألاف طن من الحديد، كما سيصعب علينا استعادة العمل بعد توقف الفرن ومختلف الوحدات، في الوقت الذي كان يشهد فيه المركب تحسنا قياسيا في مستوى الإنتاج. واريد ذكر أن المركب كان يحوز على كمية من المياه بخزان المصنع، وتم استغلالها منذ انقطاع تزويد المياه يوم 14جوان المنصرم، لكن هذه الكمية نفدت منذ 3 أيام، وبذلك توقفت وحدات المصنع وشل الإنتاج بصفة كاملة. وفي ما يخص السؤال حول عواقب هذا الانقطاع في تزويد المياه وعن ما ستتخذه إدارة أرسيلور من إجراءات ضد شركة توزيع المياه سياتا، فاننا حاليا لا نلوم شركة توزيع المياه «سياتا» لانها تحاول اصلاح عطب بالقنوات الرئيسية للمياه، ونحن نحضر لاجتماع مع المسؤولين بشركة التوزيع لاتخاذ التدابير اللازمة فيما يخص التعويض، يمكن لنا استغلال ما جاء في عقد تأمين هذه المؤسسة لاسترجاع أكبر نسبة ممكنة من الخسائر الباهظة التي تكبدها المركب كما سنجتمع مع المسؤولين بالمصنع لتحديد القيمة المالية الحقيقية لهذه الخسائر.