مدخل مركب الحجار لم يتردد أمس حوالي 95 بالمائة من عمال وعاملات مركب أرسيلور ميتال الحجار بولاية عنابة، في الاستجابة لنداء الإضراب العام والمفتوح الذي دعت إليه النقابة العامة للمركب، على خلفية تدهور الأوضاع ووصول أبواب الحوار إلى طريق مسدود مع الإدارة الفرنسية للشريك الهندي... * وخرج حوالي 7200 عامل وعاملة في تجمهر حاشد داخل المركب، بعد أن شلوا كامل الوحدات وأغلقوا جميع الورشات التابعة لمؤسسة عملاق الحديد داخل مركب الحجار وخارجه منذ الساعة الخامسة صباحا، إذ طالت الحركة الاحتجاجية ما أسموه بتماطل الإدارة الفرنسية في معالجة التقهقهر الفادح لعدة هياكل تابعة للمركب، شملت نقاط بيع الحديد عبر الوطن وكذا بعض الوحدات التابعة لأرسيلور بولاية وهران، وأكد ممثل نقابة العمال إسماعيل قوادرية في تصريحات بعين المكان، بأن هذا الإضراب سيكون الأعنف من نوعه، متعهدا بعدم العودة للعمل إلا في حالة تلقي ضمانات مؤكدة من قبل الإدارة الفرنسية بالعمل على تجسيد الوعود المتفق عنها، تأتي على رأسها مسألة إعادة ترميم مفحمة المركب المتواجدة في حالة توقف منذ نحو 4 أشهر اثر قرار بغلقها من قبل الإدارة تحت حجة انفجارها في أي لحظة، وكانت المديرية العامة للمركب باللوكسمبورغ قد تعهدت بالعمل على إعادة تأهيل المفحمة في ظرف زمني لا يتجاوز الثلاثة أشهر، إلا أن تقرير الخبرة المعد من طرف تقنيين روس وبوسنيين بشأنها أسفر عن قيمة 50 مليون دولار ككلفة مالية لإعادة المفحمة للنشاط العادي، مما جعل الإدارة الفرنسية تخلف وعودها، الأمر الذي يهدد مصير مركب الحجار مستقبلا ويرهن اقتصاد الجزائر وإنتاجها من الحديد، الذي سجل تراجعا مخيفا وعجزا كبيرا أجبر الحكومة على اللجوء لاستيراد بعض احتياجاتها من الخرسانة وحديد التسليح من الخارج بكميات ضخمة، وفي الوقت الذي كانت فيه الشركة الهندية تعد الحكومة بالقيام ببرنامج استثمار ضخم يحول الجزائر إلى قطب عالمي لإنتاج الحديد بقدرة 2.5 مليون طن سنويا، ثبت فيما بعد أن هذه الأرقام مجرد وعود لإغراء الجزائر بإبرام اتفاقية الشراكة عام 2001، التي مكنت الشريك الهندي من نسبة 70 من أسهم المركب مقابل 30 بالمائة للطرف الجزائري ممثلا في مجموعة سيدار، التي وقفت عاجزة عن إيجاد حل للوضعية المهلهلة والمصير الحتمي الذي يتجه نحوه مركب أرسيلور بعنابة، ولم يستطع المركب إنتاج سوى أقل من 1.2 مليون طن سنويا من الحديد، مقابل المشاريع الاقتصادية والحيوية الكبرى التي تعرفها الجزائر خلال العشرية الأخيرة، مما أحدث خللا كبيرا في السوق الوطنية، وسبب عجزا فادحا مقابل ارتفاع مذهل للأسعار، حالت دون التجسيد الفعلي لعشرات المشاريع التي تم الاضطرار في الكثير من المرات إلى إعادة تقييمها ماديا. * ونددت نقابة عمال أرسيلور في احتجاج أمس بالغياب التام للشريك الجزائري، مطالبينه بتوضيح موقفه إزاء ملف الاستثمار، وقال قوادرية، بأن الإضراب مستمر نحو التصعيد، الذي من بين أشكاله القيام بمسيرة احتجاجية نهار غد الخميس يشارك فيها جل العمال والعاملات، انطلاقا من مقر المركب بالحجار إلى غاية إدارة مجمع سيدار بسيدي عمار، لإرغامه على الانضمام لموقف الرفض المعلن من العمال إزاء سياسة لاكشمي ميتال، وقدر قوادرية حجم الخسائر اليومية للمركب عن كل يوم إضراب بعشرات الملايير، رافضا تحديدها، لأنها تختلف من يوم لآخر، داعيا العمال إلى الالتفاف حول مطلب النقابة لحماية مصير المركب، وأوضح في هذا السياق بأن السيد والي ولاية عنابة، اجتمع بممثلي العمال أول أمس، وطلب منهم إفادته بتقرير مفصل يحول على المصالح المختصة والسلطات العليا، وموازاة مع ذلك طلب سيدي السعيد الأمين العام للمركزية النقابية بدوره تقريرا مفصلا لعرضه على الحكومة، ومن جهة أخرى أوضحت المديرية العامة لعملاق الحديد عبر العالم الكائن مقرها باللوكسمبورغ، في بيان تم توجيهه للنقابة ووزع على الصحافة الوطنية، بأنها مستعدة لتمويل مركب الحجار بمادة الفحم عن طريق الاستيراد، وهو ما فهمته النقابة بأنه إشارة ضمنية من الإدارة العامة بعجزها عن إعادة تأهيل المفحمة.