أخذت ظاهرة التهريب في الطارف منحنى تصاعديا خطيرا، وأصبح الشريط الحدودي للولاية يشهد ازدحاما يوميا لمختلف أنواع العربات وكذا الحيوانات وعلى رأسها «الحمير». أحصت المصالح الأمنية المختصة بمراقبة وحماية الشريط الحدودي والفرق المتنقلة للجمارك الجزائرية في إطار المخطط الوطني الأمني لمكافحة التهريب وحماية الحدود حركة غير عادية لنشاط مكثف على تماس الحزام المرسم للحدود بولاية الطارف والملفت للانتباه في غياب أي نشاط لدواعي خدماتية أي مشاريع تنموية بالمنطقة. ففي تقارير لها موجهة للقيادات المركزية أفصحت ذات المصالح عن صعوبة التعامل مع المهربين وظاهرة التهريب التي ما ظلت تنخر في جسم الاقتصاد الوطني بصفة عامة والمحلي بصفة خاصة وهذا ما وصفته «بالنزيف الاقتصادي». ففي عملية إحصاء دقيقة أحصت المصالح المذكورة أزيد من 4000 سيارة نفعية منها ما يربو عن 2700 سيارة مسجلة كمؤسسات مصغرة مدعومة بقروض (أنساج، كناك) كان ينتظر منها الإسهام في الخدمة العمومية للحد من شكاوى المواطنين والمتعاملين الاقتصاديين في مجالات نقل البضائع والماشية وفي الأنشطة الفلاحية والصناعية ومثلها في أشغال الري وكذا الغابات وذلك ما تهدف إليه الدولة في منح قروض للشباب للمساهمة في تطوير عجلة الرقي الاقتصادي وتحسين المستوى المعيشي للشباب على وجه الخصوص. وتشير ذات التقارير الأمنية المدعمة بملاحظات الوحدات الأمنية المختصة في حركة المرور عبر شبكات الطرق بأن هذه السيارات النفعية في حركة يومية دؤوبة ذهابا وإيابا بمعدل لا يقل عن 8 دوريات يوميا معدومة الحمولة بين محطات توزيع الوقود بالبلديات الداخلية والمناطق المتاخمة للحزام الحدودي على طول شريطه (95 كلم) الذي تشترك فيه 9 بلديات حدودية وتتصدر بلدية بوقوس الحدودية قائمة هذه السيارات المشبوهة النشاط بتعداد 1027 سيارة نفعية الذي يستوعب خزان الواحدة منها 98 لترا من الوقود وفي كل دورية تفرغ حمولة خزانها ببراميل حديدية في مراكز مختصة ومدسوسة وسط التجمعات الريفية المحاذية لأبواب التهريب الحدودي. إن التقارير الأمنية سجلت وبشكل وصفته بالملفت وغير المعتاد في الحياة اليومية لسكان المشاتي الحدودية تضاعف قطعان الأحمرة التي فاقت ألفي رأس وهي التي تأتي من الضفة التونسية خصيصا لاستعمالها في نقل وتهريب خرسانة حديد البناء بمختلف أحجامه والذي دخل قائمة السلع المهربة عبر قوافل برية تتكون من أكثر من 10 أحمرة تساق عبر مسالك تفصل بين نقاط ضفتي التهريب بأقل من 3 إلى 5كلم. وما يؤرق المصالح الأمنية بصورة عامة أن عملية المقايضة بقدر ما تخدم الأطراف الخارجية فإنها لا تضر بالاقتصاد فحسب بل تشكل خطرا على المواطن والثروة الحيوانية الممثلة في ذخائر الأسلحة ومعدات الصيد الناري من بارود بنوعيه الأبيض والأسود والخراطيش والرصاص الكروي. كل هذه المعدات تستعمل في صيد الأيل البربري والطيور الوافدة إلى البحيرات الرطبة بالقالة المحمية عالميا. واستندت تقارير المصالح الأمنية إلى الأدلة المادية والحجة العينية من خلال إفشالها لعديد عمليات التهريب على الحزام الحدودي وشبكات الطرق المؤدية إليه. وتشير ذات الإحصائيات إلى إجهاض ما يفوق 36 عملية تهريب منذ بداية هذه السنة تمثلت في مجموعها في حجز ما يقارب 50 ألف لتر من المازوت و18 ألف لتر من البنزين مع حجز ومصادرة أكثر من 11 سيارة نفعية من نوع «هيليكس» وتوقيف أزيد من 9 أشخاص متورطين. كما تم حجز أكثر من 22 قنطار من خرسانة حديد البناء مع أكثر من 4 قوافل تتكون من 21 رأس حمير وهذه الأخيرة سجلت ضد مجهول. كما أجهضت ذات المصالح الأمنية على شبكة الطرق المتاخمة للحدود والطرق الوطنية والولائية الداخلية ما يربو عن 7 عمليات لتهريب ذخيرة سلاح الصيد حيث تم حجز 3 آلاف خرطوشة و300 كلغ من البارود الأبيض والأسود وأزيد من 1500 حبة رصاص كروية إلى جانب أكثر من 5 قطع سلاح صيد ومعداته.ولطول الشريط الحدودي ولصعوبة التضاريس وكثافة الثروة الغابية فإن تزويد المصالح الأمنية بأجهزة أكثر تطورا وأسرع فاعلية وحركية (طائرات هيليكوبتر) هو الحل الأمثل لشل حركة المهربين.