أخذت قضية الخبير العقاري المتهم بالتزوير واستعمال المزور في أحكام قضائية للاستيلاء على قطع أرضية تابعة لمعمرين أبعادا خطيرة منذ أن تفجرت نهاية شهر أفريل الماضي، وأصبحت الشغل الشاغل للرأي العام العنابي بعد أيام من إسدال الستار على قضية الوحش الفرنسي جون ميشال باروش. يبدو أن قضايا الفساد الكبيرة لا تريد أن تفارق ولاية عنابة في السنوات الأخيرة، فبعد أن حكم على الفرنسي باروش وشركائه في قضية هتك عرض قصر وبعض التهم الأخرى المتعلقة بذلك بتاريخ، 17 أفريل 2013، أمر قاضي التحقيق، لدى محكمة عنابة الابتدائية، بعد أيام فقط من هذا التاريخ، بوضع خبير عقاري معتمد لدى مجلس قضاء عنابة ويبلغ من العمر 72 عاما، رهن الحبس الاحتياطي، بعد أن اكتشفت مصالح الأمن، على إثر شكوى من صندوق الوطني للتوفير والاحتياط (كناب) حول تأميم أحد الخبراء العقاريين لأرض خصصتها الدولة لبناء فرع ل(كناب)، أن هذا الخبير فتح عريضة شكوى افتتاحية وهمية ضد معمر برتغالي متوفي (اسمه كاردوز) للحصول على قطعة أرض، تبلغ مساحتها حوالي 2000 متر مربع وتقدر قيمتها في السوق العقاري بالملايير، حيث تتواجد بحي 8 مارس المحاذي للمركب الأولمبي 19 ماي 1956. وأفضت التحقيقات الأمنية إلى أن القطعة التي يطالب بها الخبير العقاري أصبحت بصفة آلية تابعة لأملاك الدولة ولا علاقة للمعمر البرتغالي بها، كما تبيّن للجهة ذاتها أن الخبير وبتواطؤ مع بعض الأطراف زوّر أحكاما قضائية تثبت أنه كسب النزاع القضائي الذي كان بينه وبين المعمّر. وبعد توسيع عمليات التحقيق، التي شملت أكثر من 20 شخصا بين متهم وشاهد، بدأت تكتشف أسماء الأطراف الذين ساعدوا هذا الخبير على القيام بعملية التحايل، خصوصا بعد إيفاد وزارة العدل، شهر ماي الماضي، مفتشا من المحكمة العليا إلى عنابة من أجل الاستماع إلى أقوال قاض بالمحكمة، أمين ضبط ومحام بخصوص هذه القضية وذلك لمعرفة المزيد من التفاصيل حول هذه القضية، لتتوالى بعد سلسلة التوقيفات والتي شملت كل من المحافظ العقاري بعنابة، صهر الخبير العقاري، وهو رئيس أمناء الضبط بمحكمة عنابة وزج ابنته التي أوقفت هي الأخرى عن أداء مهامها بمحكمة برحال. ومن المنتظر أن تكشف هذه القضية عن الكثير من التجاوزات التي تحدث في مجال العقار بعنابة، كما سيرفع الستار عن أسماء نافذة قامت بمثل هذه التلاعبات من أجل الحصول على أراض في أماكن إستراتيجية بجوهرة الشرق.