لم نكن نتوقع أن نجد منطقة بولاية باتنة وفي سنة 2013 م، تفتقد لأدنى ضروريات الحياة ، خاصة وأن المنطقة كانت من بينأحد أهم معاقل الثوار ، أثناء الحقبة الاستعمارية التي اعترف قادتها بضراوة المعارك التي خاضوها مع المجاهدين خاصة معركة تابقارت الشهيرة ، وخرج الاستعمار وبقيت القرية على حالها ، لا تنمية لا تهيئة ولا مرافق، تم توالت السنوات وصمدت القرية بقوة في وجه الإرهاب الأعمى وتمكنت بفضل يقظة أبنائها من الوقوف حصنا منيعا في وجه المتطرفين ، وانتهت أزمة العشرية السوداء بفضل المصالحة الوطنية وما زالت تابقارت تبحث عن التنمية ... فلم تجدها وتسأل أين حقي في الكهرباء والماء كون الحديث عن الغاز والتهيئة والمرافق الأخرى أصبح حلما يدرك السكان أنه لن يتحقق قريبا ...رغم تعاقب المسؤولين المحلين والولائيين المنتخبين كالمير والمعينن كرئيس الدائرة والوالي . يواجه أكثر من 3500 نسمة بقرية تبقارت التي تبعد ب7 كلم عن البلدية أولا سي سليمان التابعة لدائرة أولاد سي سليمان بولاية باتنة ، الأمرين جراء لا مبالاة المسؤولين من جهة ، وانعدام أهم شروط الحياة حتى لا نقول “الكريمة” كالماء والكهرباء ، وهو ما أكده لجريدة “أخر ساعة” مجموعة كبيرة من المواطنين واعيان المنطقة خلال زيارتنا لها مؤكدين أن “أخر ساعة” أول مؤسسة إعلامية وطنية تفك “الحصار” عن تابقارت وتلتقي السكان لإيصال انشغالاتهم التي لم تعد أذان المسؤولين قادرة على سماعها ، مكتفية بوعود لم تتحقق منذ أكثر من 30 سنة خلت ، ورغم ذلك ما يزال السكان متمسكون بأرضهم ويرفضون تركها رغم التهميش الممارس ضدهم مع سبق الإصرار والترصد. سكان تابقارت بطالبون بحقهم في نعمة الماء يعتبر غياب الماء سواء الشروب أو الخاص بالسقي كون المنطقة فلاحية ، من أهم مشاكل سكان قرية تبقارت وهو مطلبهم الرئيسي للخروج من أزمة يتخبطون فيها منذ سنوات طويلة ولم يجد طريقه إلى الحل بعد رغم غنى المنطقة بالمياه الجوفية وتوفر الولاية باتنة على سد كدية لمدور بتيمقاد الذي يمول ولايات مجاورة ويحرم منه سكان مناطق كثيرة بباتنة ،فقدم شبكة التوزيع وإهترائها بالإضافة إلى التوصيل الفوضوي حال دون توفير الماء لعشرات العائلات المحرومة من هذه المادة الحيوية بأغلب أحياء القرية كحي أولاد بخوش وحي أولاد علي بن موسى وحي أوراغن...وهو ما دفع بالعائلات إلى جلب المياه عن طريق الصهاريج من مصادر مجهولة بمبالغ كبيرة تفوق 1000 دج ما يؤثر سلبا على صحة السكان . يحدث كل هذا في غياب مشاريع واضحة من الجهات الرسمية المحلية بتبقارت ، وتتعاظم مشكلة غياب مادة الماء بعد جفاف وغور منبع “السلاوجي” في بداية الثمانينات مع لجوء أغلب الفلاحين إلى سقي بساتينهم عن طريق الصهاريج وشراء أنبوب الماء من أصحاب المضخات بأثمان غالية ، رغم استفادة القرية من بئر لكن محدودية المبلغ الممنوح جعله يصرف في بداية أشغال الحفر فقط، وقد تدخل السكان وساهموا من أموالهم في إتمام أشغال الحفر ولكن مشروع البئر تعطل قبل أن يتم منحه لأحد الأشخاص الذي زوده بمضخة وأصبح يبيع الماء للفلاحين والسكان على حد سواء بمبلغ 600 دج للساعة الواحدة، ما تسبب في عزوف الفلاحين عن شراء “مياههم” نظرا للمبالغ المالية الكبيرة التي يتكبدونها يوميا وهم في غنى عنها ، مما جعل بساتين المشمش عرضة للجفاف، وما زاد الطين بلة حسب السكان الذين تحدثنا إليهم وجود هذه البئر بعيدة عن الخط الرئيسي للكهرباء ، الآمر الذي صعب توصيلها بالكهرباء وأكدت مؤسسة سونالغاز للسكان بعد احتجاجهم انه ينبغي عليهم توفير مبلغ 400 مليون سنتيم لإيصال البئر بالكهرباء وهو المبلغ الذي يعجز سكان القرية عن توفيره . ويقابل غياب الماء عن السكان فواتير جزافية للجزائرية للمياه، حيث يتفاجئ السكان كل ثلاثي بمبالغ جزافية كبيرة في حقهم من طرف مصالح المياه بأولاد سي سليمان ، وفي حال عدم التسديد تكون المتابعة القضائية سبيل تلك المصالح ،ورغم احتجاجات السكان السلمية وشكاويهم إلا أن البيروقراطية حالت دون استرجاعهم لحقوقهم المهضومة حيت أصبحت انشغالات السكان كرة تتقاذفها كل المصالح المحلية . الكهرباء الريفية.... حلم مرهون بإرادة المسؤولين رغم المراسلات الكثيرة للسكان وشكاويهم للسلطات المحلية مناشدين إياها التدخل لإيجاد مخرج لمشكلتهم المتمثلة في غياب طاقة الكهرباء الريفية عن منازلهم ، ولكن حسبهم لا حياة لمن تنادي وهو ما تسبب مع مرور الوقت ووسط صمت ولا مبالاة المسؤولين في ظهور أحياء سكنية جديدة دون كهرباء وهي الآن تعاني من “جحيم” غياب هذه الطاقة خلال الفصول الأربعة ، وهو ما دفعهم لسلك طريق أخر لتزويد منازلهم بهذه الطاقة عن طريق أسلاك الموت، ورغم ذلك فضعف قوة التدفق الكهربائي تسبب في إتلاف الأجهزة الكهرومنزلية للكثير من العائلات ، وهو ما وقفنا عليه ميدانيا خلال تجولنا في كل شوارع القرية أين التقينا بممثلي تلك الأحياء والذين سردوا لنا قصصا “فظيعة” عن معاناة كبيرة يعيشونها يوميا ، مؤكدين ان شبكة الكهرباء لم تجدد منذ سنة 1985 عندما كان سكان القرية يعدون على الأصابع ولكن الآن تغير كل شيء في القرية إلا شدة تدفق الكهرباء ، ما يطرح أكثر من علامة إستفهام كبيرة عن مدى معرفة كل من رئيس دائرة أولاد سي سليمان ووالي باتنة “الحسين مازوز” لواقع “اللاحياة” بهذه القرية المجاهدة ، وبدوره المجاهد الكبير عمي “بودهان سنوسي” طالب الوالي بإيفاد لجنة ولائية للتحقيق في جفاف منازل السكان وغرقهم في الظلام ، مؤكدا أن التوقيعات والمراسلات إلى السلطات المحلية بأولاد سي سليمان لم تعد تجدي نفعا مناشدين الوالي التدخل ولو بزيارة معاينة للقرية للوقوف ميدانيا وشخصيا على حقيقة “المعاناة” . في ظل غياب الغاز صيف وشتاء تابقارت غير مختلف رغم كون قرية تبقارت من بين القرى الكبيرة جغرافيا وديموغرافيا وقربها من مقر البلدية والدائرة ، إلا أنها لم تستفد من أي مشروع يتعلق بغاز المدينة ، هذه الطاقة الحيوية والهامة لم يعرفها بعد سكان تبقارت، ويستعملون في قضاء حوائجهم المنزلية خاصة مختلف الأدوات المولدة للطاقة على غرار الحطب وفي أحسن الأحوال الاستعانة بقارورات غاز البوتان لمختلف الاستخدامات كالتدفئة في الشتاء والطبخ وغيرها . وإن كان الحصول على هذه المواد متوفرا في فصل الصيف فإنه ينعدم تماما في أحيان كثيرة خلال فصل الشتاء، ما يعمق معاناة المواطنين ويزيد من حاجتهم الماسة إلى تدخل عاجل لمسؤولي الولاية باتنة ، بعد أن يئسوا من وعود مسئوليهم المحليين . لا تهيئة لا طرقات والصرف الصحي في خبر كان سجلنا خلال زيارتنا لقرية تابقارت بأولاد سي سليمان غياب كلي لشبكة الطرق التي لا يصلح إطلاق هذا المصطلح بمفهومه التقني عليها ، بسبب افتقادها لكل المواصفات “البسيطة” في ذلك ، فطرق تابقارت عبارة عن “أخاديد” ومنعرجات ترابية يصعب المشي فوقها سواء بالأرجل أو فوق المركبات التي اشتكى أصحابها من صعوبة المسالك شتاءا بسبب البرك المائية والغبار المتطاير صيفا ،حيث سجلنا بقاء عديد الطرق غير معبدة خاصة المار وسط القرية ، بالإضافة إلى طريق حي أولاد علي بن موسى وطريق حي لهضاري وطريق حي أولاد بخوش . كما سجل السكان في مراسلاتهم الكثيرة والتي حصلنا على نسخة منها تراكم النفايات في القرية وانبعاث الروائح الكريهة، بسبب عدم وجود شاحنة لنقل القمامة إلى مكان مخصص لها، وقد ساعد عدم وجود شبكة للصرف الصحي في انتقال عديد الأمراض بين السكان وتعرض حياتهم لخطر حقيقي، حيث يعتمد السكان في صرف الفضلات مثلا عبر الخزانات الأرضية والتي مع مرور الوقت تطفو على السطح وتتسبب في تدهور المحيط البيئي للقرية. الانحرافات تهدد شباب تابقارت تتوفر قرية تابقارت على طاقات شبانية كبيرة ، تعاني من غياب المرافق الترفيهية والرياضية ، خاصة في أوقات العطل وفصل الصيف ن حيث تسبب غياب مثل هذه المرافق حسب عديد المواطنين في تفشي ظواهر غريبة ودخيلة على سكان القرية المحافظة فأصبحت المخدرات والسرقات ومختلف الظواهر الاجتماعية السيئة منتشرة بقوة بعد أن طفت على السطح ظاهرة البطالة لدى معظم شباب القرية المحلية، الذين لم يستفد أي واحد منهم من مختلف برامج الدولة المخصصة لمساعدة الشباب وإدماجه في عالم الشغل على غرار مشاريع المؤسسات المصغرة بسب بيروقراطية الإدارة. وبخصوص ظروف تمدرس التلاميذ فنسجل عدم وجود حافلة خاصة لنقل التلاميذ إلى أكمالية الشيحات ما جعل الأغلبية منهم ينتقلون مشيا على الأقدام وما يعني ذلك من مخاطر وصعوبات على الأطفال الصغار المتمدرسين خاصة في فصل الشناء البارد في القرية ، وإن فضل بعضهم التنقل إلى المدرسة في الحافلة الخاصة بالنقل المدرسي فالأكيد أن الاستيقاظ باكرا والتنقل إلى الإكمالية ساعتين قبل الوقت الرسمي ، الأمر الذي أثر على المردود الدراسي للتلاميذ . ويضاف لمشاكل تمدرس تلاميذ تابقارت تنقل تلاميذ حي أولاد بخوش إلى مدرسة محمد عزيز بالحمام لمسافة تزيد عن 3 كلم ،إضافة إلى عدم وجود جسر بوادي تبقارت مما جعل التلاميذ يتغيبون عن الدراسة أثناء الفيضانات موازاة مع الخطر الكبير على حياة المارين على الوادي والسائقين . يعتبر سكان تابقارت من أوائل المجاهدين الذين خاضوا معارك ضارية ضد الاستعمار الفرنسي وقدموا في سبيل تحرير الجزائر العشرات من الشهداء ، وما يحز في أنفسهم والجزائر تحتفل بمرور 50 سنة على الاستقلال وانتزاع السيادة الوطنية من المستعمر هو عدم وجود نصب تذكاري يخلد شهداء المنطقة ، وقد أرفق السكان انشغالاتهم بمجموعة من التوقيعات لعل تأخذ صدى هذه المرة ، خاصة وان الأمر يتعلق بانشغالات مشروعة للسكان الذين رفضوا التحاور مع السلطات المعنية عن طريق سياسة غلق الطرقات والاحتجاجات ، مناشدين والي باتنة التدخل لإعادة البسمة لأهالي القرية .