أكد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، أمس، أن المهرجان الثقافي الإفريقي ليس حدثا احتفاليا عظيما فحسب بقدر ما هو ترجمة للإرادة السياسية في السير قدما بالقارة الإفريقية، داعيا شعوب القارة إلى شن حروب على الجوع والجهل والمرض والفقر والإقصاء والفوارق التي تشكل تربة خصبة للعنف والإرهاب ووقودا لهما. أكد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في خطاب له في افتتاح المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني قرأها نيابة عنه ممثله الشخصي عبد العزيز بلخادم أن هذا المهرجان ليس حدثا احتفاليا عظيما فحسب بل هو ترجمة للإرادة السياسية في السير قدما بالقارة السمراء ضمن ديناميكية طموحة بجعل مدينة الجزائر ملتقى لجمال القارة كله ونفائس القارة كلها وثرواتها. وأمام الطاقم الحكومي وسفراء الدول الإفريقية المشاركة، كرم بوتفليقة كافة رجال الثقافة وكافة المثقفين المناضلين من أجل الحرية الذين أدركوا قبل الكثير من غيرهم مطالب مجتمعاتهم و نجحوا كل بلغته وكل بوسائله الخاصة في الارتقاء إلى مستوى هذه المطالب، ولاسيما الفنانون والنحاتون والموسيقيون والممثلون والرسامون وصانعوا الجمال والقدسية . واعتبر رئيس الجمهورية أن الجزائر ستضبط على امتداد أسبوعين نبضها على وقع نبض إفريقيا وستذكر إفريقيا العالم بالكلمة والنغمة والصورة والريشة بالمعاناة التي يعجز دونها الوصف المعاناة التي كابدتها شعوب إفريقيا وألم الاجتثاث من الجذور والمنفى القسري والإهانة والظلم والجور. ودعا بوتفليقة سكان القارة السمراء إلى شن حروب أخرى على الجوع والجهل والمرض والفقر والإقصاء والفوارق التي تشكل تربة خصبة للعنف والإرهاب ووقودا لهما، مشيرا إلى أن الاستقلال المأخوذ غلابا بالنفس والنفيس لم يسمح بتحقيق كل الطموحات، كما شدد على أنه ينبغي بعد مرور أربعين سنة على المهرجان الثقافي الإفريقي الأول أن نتأكد من أن حروب التحرير الوطني وسياسات تعزيز الوحدة والتنمية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية قدمت أجوبة ملموسة لما كان ينشده أفارقة الشتات. وفي السياق، أشاد بوتفليقة بإنشاء الإتحاد الإفريقي والشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا (نيباد) معتبرا إياهما البوتقة الرئيسية التي تنصهر فيها النهضة الإفريقية التي تتكاتف القارة جميعا في الاضطلاع بها سعيا لتسوية قضايا اندماجها الجهوي واندراجها ضمن الاقتصاد العالمي في قرن صنعت العولمة ملامحه وتولته بالتغيير بقوة. وفي سياق ذي صلة، انتقد رئيس الجمهورية "نظرة الغزاة الأحادية" إلى القارة السمراء، مؤكدا أنها أغفلت التعددية والتنوع، وأنها عرضت القارة طويلا لخطر السقوط إلى الحضيض بفعل صورة مشوهة غريبة وخدعة ما كانت قادرة على تصحيحها. وقال المتحدث إن "كل مرة كانت مهمة "تمدين" إفريقيا المتوحشة في زعمهم تتخلى عن ضرورة البحث عن تبريرات للاستعمار كانت تكتشف في النهاية ثقافة إفريقية لكن بشعور احتقاري متعال وقناعة راسخة بأن هذه الثقافة كانت لا تتغير وكانت خارج التاريخ". وفي مقابل ذلك، ذهب بوتفليقة إلى أن إفريقيا رغم كل هذا تفرعت إلى تجليات إفريقية متعددة عبر العالم لترفع الخصوصية الإفريقية عاليا لا سيما لمواجهة الرق المسلط على الزنوج ولمواجهة الاستعمار، معتبرا أنها قد نجحت في النهوض من كبوتها بتعليل الأمل المتهاوي رغم الخزي الذي ما بعده خزي الذي وقع على تجارة الرقيق والاستيلاب الثقافي الناجم عن الاستعمار. ولم يغفل بوتفليقة التطرق إلى الفترة الفاصلة بين المهرجانين قائلا "كيف لنا ألا نذكر أولا بما شهدته الفترة الفاصلة بين المهرجانين هذين من أعمال متعددة وتعبئة متواصلة للآباء المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية ولزعماء إفريقيا المستقلة في سبيل تأمين التحرير التام للقارة من نير الاستعمار وخروج نلسون مانديلا من المعتقل ونهاية نظام الأبارتيد ". وأضاف أنه خلال مرحلة "التحولات المكثفة"، فإن الوطنية قد ألقت بكامل ثقلها لصالح القومية الإفريقية مشيرا إلى أن التطلع إلى حس سياسي مشترك بين الأفارقة وإلى انعتاقهم انتشر في كافة أصقاع القارة. وخلذص رئيس الجمهورية إلى القول إن "مدينة الجزائر التي تحتفي بإفريقيا و بجميع تجلياتها تعيد ابتكار الوعي بهويتنا وبانفتاحنا على العالمية ومن ثمة فإن إفريقيا التي تشكل جزءا من العالم لابد كذلك أن تحمل العالم في حناياها".