تسلم الرئيس اللبناني المنتخب ميشال سليمان ظهر أمس مقاليد الحكم بدخوله القصر الرئاسي بعد فراع امتد ستة أشهر، بينما بدأت الأكثرية النيابية مشاوراتها لتحديد مرشحها لرئاسة الحكومة المقبلة. ويتوقع أن يقع الاختار على زعيم تيار المستقبل النائب سعد الحريري وبدرجة أقل رئيس الحكومة المستقيلة فؤاد السنيورة. وفي أول أيام عمله الرئاسي، وصل سليمان إلى قصر بعبدا الساعة الثانية عشرة ظهرا، حيث سار على بساط أحمر امتد على الطريق الفرعية المؤدية إلى القصر مستعرضا الحرس الجمهوري الذي عزف النشيد الوطني ولحن التعظيم، كما أطلقت مدفعية الجيش 21 طلقة إيذانا بتسلم الرئيس مهماته، بينما كان العلم اللبناني يرتفع على السارية مجددا بعد غياب استمر نصف عام. واستقبل موظفو القصر وعدد كبير من الإعلاميين، الرئيس الجديد الذي دخل القاعة وجلس على كرسي الرئاسة. وكان سليمان القادم من رئاسة الجيش قد بدأ أولى نشاطاته الرئاسية أمس بوداع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي حضر حفل تنصيب الرئيس أول أمس بصفته ضيف الشرف، تقديرا له على الدور الذي لعبه في جمع الفرقاء اللبنانيين في اتفاق الدوحة الذي وضع حدا لأزمة سياسية استمرت نحو 18 شهرا وتفجرت بسببها اشتباكات مسلحة كادت تدخل البلاد في حرب أهلية جديدة. وقد واصلت الأكثرية النيابية مداولاتها أمس لاختيار مرشحها لمنصب رئيس الحكومة، حيث يتوقع أن يقع الاختيار على زعيم تيار المستقبل النائب سعد الحريري أو رئيس الحكومة المستقيلة فؤاد السنيورة. ومن المرجح أن يكلف الرئيس اللبناني المرشح الذي سيقدمه له مجلس النواب اليوم لرئاسة الحكومة، ليبدأ الرئيس الجديد مشاوراته لاختيار تشكيلتها. وكان سليمان وبعد أقل من ساعة على تنصيبه أول أمس، قد أصدر مرسوما طلب فيه من حكومة السنيورة مواصلة تصريف الأعمال ريثما يتم تعيين حكومة جديدة. وقد حدد سليمان الذي قوبل انتخابه بترحيب عربي ودولي منقطع النظير ورحبت به حتى الدول التي اختلفت فيما بينها بشأنه، في الخطاب الذي ألقاه أول أمس بعد أدائه القسم الدستورية أبرز ملامح السياسة التي سينتهجها. فعلى الصعيد الداخلي دعا الرئيس الذي حظي بأصوات 118 نائبا من أصل 127، اللبنانيين لبدء مرحلة جديدة يجري فيها الالتزام بمشروع وطني يخدم الوطن ويضع مصلحته كأولوية على المصالح الفئوية والطائفية ومصالح الآخرين. وفي موضوع المقاومة أكد سليمان في خطابه الذي ألقاه أمام مجلس النواب وعدد كبير من المسؤولين العرب والأجانب الذين حضروا جلسة الانتخاب، أن بقاء أراضي شبعا اللبنانية في يد الاحتلال يحتم على اللبنانيين وضع إستراتيجية لحماية الوطن بالتلازم مع حوار هادئ مع المقاومة التي أشاد بدورها في تحرير الجنوب اللبناني والتصدي للاحتلال الإسرائيلي. ودعا إلى الاستفادة من خبرات المقاومة، مشددا في الوقت ذاته على أن البندقية اللبنانية لن توجه "إلا للعدو وليس لأي جهة أخرى". أما فيما يتعلق بالعلاقة مع سوريا فرأى أن "العبرة هي في حسن المتابعة لعلاقات مميزة وندية خالية من أي شوائب اعترتها سابقا". كما أكد دعمه "لاستمرار عمل المحكمة الدولية في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري وما تلاه من اغتيالات". وبدوره أكد الرئيس السوري بشار الأسد في اتصال هاتفي مع نظيره اللبناني وقوف دمشق إلى جانب كل ما يتفق عليه اللبنانيون. كما رحب الرئيس الأمريكي جورج بوش بانتخاب سليمان، مؤكدا أنه يأمل أن يدشن "اتفاق الدوحة حقبة من المصالحة السياسية تصب في مصلحة لبنان الذي اختار قائدا سيحترم التزامات لبنان بالقرارات الدولية التي تدعو إلى نزع سلاح حزب الله". وباركت كندا على لسان رئيس وزرائها ستيفن هاربر الانتخاب، وأكدت عزمها مساعدة الحكومة اللبنانية بكل الوسائل الممكنة لبسط الاستقرار بالمنطقة. وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن أمله بأن تكون هذه الخطوة "بداية لإعادة إحياء مؤسسات لبنان كافة والعودة إلى الحوار".