"المحاماة أتعبتني ونضالي من أجل حقوق الإنسان سيتواصل" يحدثنا الأستاذ فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان في لقاء مع " صوت الأحرار" بكل صراحة عن مشواره النضالي الطويل واختياره لمهنة المحاماة التي قال إنها أتعبته كثيرا وبالرغم من ذلك لا يمكنه الاستغناء عنها، عن بساطته في تصوره للأمور وفي علاقاته مع غيره مهما كانوا لم يتردد قسنطيني في التأكيد على خصلة التواضع التي تصنع عظمة كل شيء، شخصية تولي اهتماما كبيرا للعائلة ودورها في منح الشخص الاستقرار الذي يدخره لمواجهة كل المصاعب وتجاوز كل العقبات والعراقيل، أحب الجزائر ورفض العيش بعيدا عنها، يؤمن بالإصلاح خاصة في قطاع العدالة ويناضل من أجل إشاعة العدل الذي هو أساس الملك. *في البداية هل لنا أن نعرف من هو قسنطيني؟ ولدت بمدينة بوفاريك في الأربعينات وأنا أشغل مهنتي كمحامي منذ سنة 1966 إلى يومنا هذا، كنت نقيبا جهويا للمحامين بالبليدة طيلة عهدتين خلال الفترة الممتدة ببن 1987 إلى 1991 وكنت من الأشخاص الذين ساهموا في تأسيس الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان سنة 1987 والتي كان يشرف عليها الأستاذ ميلود إبراهيمي آنذاك، ومنذ سنة 2001 أتولى رئاسة اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان. أنا رب عائلة ولي ابنتان إحداهن متزوجة ولها أبناء، إذن فأنا جد، وعلى العموم أنا من عائلة بسيطة وأعيش حياة عادية جدا ومازالت لي علاقات متينة مع "الدوار" الذي ولدت فيه ومع كل الأشخاص الذين تربيت معهم، بساطة مدينتي التي رأيت فيها النور وهي بوفاريك التي أعشقها وأحب سكانها. *أنتم من مواليد الأربعينات، كيف عشت فترة ما قبل الاستقلال؟ كنت من بين الطلبة الذين قاموا بإضراب على مستوى مدينة البليدة لمدة سنتين ونحن لا زلنا في مرحلة الثانوي وذلك ابتداء من 20 ماي 1956، أما قبل هذا التاريخ فقد درست في الابتدائي في "الكوليج كولونيال" بمدينة بوفاريك، أي المتوسط كما يعرف الآن، ثم استأنفت دراستي في فرنسا أين تحصلت على شهادة البكالوريا في فرنسا سنة 1958 ويمكن القول أنني خريج المدرسة الفرنسية بالنظر إلى ظروف تلك المرحلة. كنا نجتاز شهادة البكالوريا على مرحلتين ومن ثم واصلت دراستي بفرنسا أين تحصلت على شهادة الليسانس في الحقوق. *لماذا وقع خياركم على الحقوق؟ يعجبني السؤال كثيرا، يجب أن تعلموا أن جيلنا كان متعطشا للحرية والعدالة، شعب مضطهد، وموازاة مع ذلك فإن باقي التخصصات كانت حكرا على الفرنسيين ولا يمكن للجزائريين الذين كانوا مصنفين كمواطنين من درجة ثانية التسجيل فيها، وبالتالي كان أمام الطلبة الحاصلين على شهادة البكالوريا خيارات جد قليلة، فإما الطب، الأدب أو الحقوق، وقد وقع اختياري على الحقوق. وفي وسط كل هذا الزخم ما يمكن قوله في الحقيقة هو أنني في البداية كنت أريد مزاولة التعليم، لأنني أؤمن بالتعليم ودوره في تكوين الأجيال واعتبر أن مستقبل الجزائر مرتبط بالتعليم، إنما لا أؤمن لا بالبترول ولا بالغاز وإنما بضرورة الاستثمار في العقل البشري، وما حدث هو أن ظروفي لم تسمح لي آنذاك أن أتوجه لقطاع التعليم، ثم في مرحلة ثانية فكرت في ولوج عالم الصحافة وفي الستينات اتصلت بيومية المجاهد وعرضوا علي تغطية الجلسات والقضايا على مستوى المحاكم، لكنني رفضت. ثم بعدها جاء الدور على المحاماة التي التحقت بها في سنة 1966 بعد أن أديت الخدمة الوطنية لمدة سنتين في إطار الخدمة المدنية على مستوى المحكمة، أين شغلت منصب وكيل جمهورية بالنيابة، وبالرغم من أنني لم أكن أتقاضى أجرا إلا أن التجربة كانت مميزة وجد هامة بالنسبة إلى كل ما سيأتي في مشواري المهني فيما بعد، لأن تلك الخبرة ساعدتني في ممارسة مهنة المحاماة، فأحسن المحامين هم الذين يمرون على القضاء، ناهيك عن كوني احتككت بأشخاص كانوا في المستوى، لم يكونوا يتوفرون على شهادات لكن كانت لهم أفكار ويعملون وفق نظام والتزام كبيرين، بالإضافة إلى امتلاكهم لمستوى نكاد نفقده في أيامنا هذه. في رأيي اليوم هناك شهادات ولكن لا نملك كفاءات، أتذكر أحد الأشخاص ببوفاريك من خريجي المدرسة الفرنسية والذي لم يتحصل إلا على شهادة المتوسط حينها، عندما طلبنا منه تحرير رسالة بالفرنسية، قام بذلك وكانت لغته في مستوى جد راقي نعجز حتى نحن المحامين على أن نحرر رسالة مثلها. *في رأيكم أين الخلل في تكوين الأجيال الحالية؟ هناك تراجع في المستوى وهناك تضخم في الشهادات، في رأيي الخلل موجود في التعليم والتكوين، لأنك لكي تكون تلميذا نجيبا يجب أن يكون لك معلم في المستوى، للأسف الجيل الجديد يعاني من نقص كبير في التكوين والأغلبية في حاجة ماسة إلى تكوين حقيقي، وكما يقال "فاقد الشيء لا يعطيه"، وأمام تدني المستوى التعليمي فإننا سنخسر الكثير وفي جميع التخصصات وبدل أن نحرز تقدما سنسجل خطوات نحو الوراء ونخسر مكتسبات كانت قائمة. في تصوري يجب العودة إلى الصواب والامتحانات الصارمة التي تزرع الرعب وتجعل الجميع يحسب ألف حساب للدراسة والتعليم، فمن غير المعقول أن تضخم نسب النجاح فنكون أمام نسبة 80 بالمائة من النجاح في امتحان معين، لأننا إذا حققنا نسبة 55 بالمائة، فهذا نجاح بذاته لأنها نسبة حقيقية. نحن الآن ندفع الفاتورة غالية وفي النهاية تنعكس كل هذه السلبيات على مستقبل الجزائر وأبنائها، حيث أصبحنا أمام مسؤولين غير أكفاء لأن تكوينهم غير مكتمل وناقص، يجب أن تعود الأمور إلى مجراها، يجب أن تعود تلك الجدية في البكالوريا، الليسانس وفي الدكتوراه ونتجاوز مرحلة توزيع الشهادات. *كيف ترون مستوى المقالات الصحفية التي تنشر حول قطاع العدالة؟ العدالة يجب أن تكون في الأول شفافة ويجب على الصحفيين أن يكتبوا ما هو موجود لأن العدالة لا يمكنها أن تعمل في الخفاء، ويبقى أن هناك أحكاما صادرة عن العدالة غير معقولة على الإطلاق، فالنوعية والأداء أصبحا نادرين، للأسف الصحافة لا تتكلم عن كل الملفات فالأحكام أغلبيتها ليست في المستوى ولهذا السبب يجب أن نتكلم على إصلاح العدالة قبل كل شيء. أما فيما يخص التغطية الإعلامية للمحاكمات، فإنها تبقى دون المستوى المطلوب لأن الصحفيين لا يفرقون بين المجلس والمحكمة، الدرجة الأولى والدرجة الثانية، هناك خلط في المفاهيم، لذلك يجب أن يكون هناك تخصص على مستوى دوائر التحرير، فمثلا في فرنسا نجد صحفيين مختصين في القضاء لهم مستوى يتجاوز في بعض الأحيان مستوى القاضي نفسه يتحولون مع مرور الوقت بمثابة مرجع قضائي. يجب على الصحفيين الدراية بالقانون وبالمصطلحات القانونية ، بالإضافة إلى الاجتهاد من أجل تحسين المستوى والمثابرة في العمل من خلال متابعة المحاكمة من البداية إلى النهاية وهنا نصبح أمام تخصص حقيقي، مهنية واحترافية. لا يمكن كتابة مقالات صحفية من المقهى، يجب التركيز على التكوين والتخصص في المجال القضائي، تصوروا لو طلب مني كتابة تقرير عن مقابلة رياضية فلن أتمكن من ذلك لأنني لست من ذوي الاختصاص بالرغم من أنني هاوي لكرة القدم. *هل تلقيتم انتقادات من طرف الصحافة، وإن كان ذلك كيف تصرفتم مع هذه المواقف؟ لا أستاء أبدا من انتقادات الصحافة لأنني أحترم قواعد اللعبة وأؤمن باختلاف الرأي، بطبيعة الحال أنا أرفض القذف، أما الباقي فلا يهمني. *هل تؤيدون تجريم الصحافة؟ أنا مع الغرامة المالية التي قد يعاقب بها الصحفي في حال إثبات التهمة عليه، أما الحبس أو السجن فهذا مرفوض قطعا، لأن الصحفي لا يمكن له أن يتواجد بالسجن مهما كان، ويبقى أنه على الصحافة ن تتحاشى السب والشتم وتحترم بدورها قواعد اللعبة وأن تنشط في إطار الاحترافية والمهنية. *تعرضتم لانتقادات عنيفة من قبل جمعية العلماء المسلمين، كيف تعاملتم مع الأمر؟ أنا شخصيا لم أتأثر بما حدث ولم تقلقني أي تصريحات كانت، وكل ما في الأمر هو أنني تأثرت بسبب الإساءة التي لحقت بعائلتي، تلك التصريحات تركت جرحا عميقا في مشاعر العائلة، زوجتي بكت وبناتي تأثرن كثيرا لما قيل، فكما تعلمون نحن من عائلة محافظة فمن غير المعقول أن تسمع زوجتي وهي المرأة المثقفة الملتزمة أن زوجها كافر. أما على مستواي الشخصي، أنا أعلم جيدا علاقتي مع الله وأعرف أنني لم أتجاوز أي خط أحمر، عقيدتي سليمة ولم أعتد على أي أساس من أسس الدين الإسلامي الحنيف، ومن هذا المنطلق لا يهمني ما قد يقال عني أو أين سأدفن فالأرض كلها لله. *أنتم مع إلغاء عقوبة الإعدام؟ لا زلنا على الدرب وما حدث لم يكن بالأمر المستبعد ولكن هي مسألة نضال، ولا بد من احترام كل المراحل، فالسلم لا يؤتي إلا من الأسفل، لو يسأل هذا الشخص الذي أساء إلي بتلك الفتوى التكفيرية نفسه بنزاهة لحظة واحدة فقط، كلنا دون استثناء رأينا كيف تم إعدام صدام حسين، حينها تكره الإعدام رغما عنك، وبالرغم من كل هذا أتمسك بموقفي وبما قلته سابقا أنا أحترم كل ما قيل عني وما صدر في حقي. *ما هو منبع قناعتكم بضرورة إلغاء عقوبة الإعدام ؟ الإعدام لا يصلح لأي شيء وأنا اعتبر أن الدولة لا يجب أن تقتل، العدالة لا تقتل ، تعاقب نعم، لكن لا تقتل، كما أنني لا أريد تكريس مفهوم أو مبدأ اللاعقاب من خلال ما أقوله، لأن هناك العقوبة البديلة وهي السجن المؤبد، لو ترون كيف يعاملون المحكوم عليهم بالمؤبد في الولاياتالمتحدةالأمريكية، يجب أن نعلم أن الموت حق إلهي لا يملكه إلا الله. *من أين تبلورت قناعتكم للنضال من أجل حقوق الإنسان؟ أنا شخصيا ما أثر في نفسي هو ذلك الصحفي الفرنسي الذي كان يكتب في جريدة أسبوعية تسمى "الكناري المسجون" في فترة الخمسينات وهو "مورفون لوباسك" من شمال فرنسا، كان يحب الجزائر كثيرا، تكلم حينها على الإعدام والمقصلة التي كانت في سركاجي والتي عدمت المئات والمئات من الجزائريين، كل أسبوع كان يكتب عنها، لقد أثر كثيرا في نفسيتي وشخصيتي لأنه كان إنسانا له مبادئ وثقافة، كان رحيما وعظيما بكل ما قد تحتويه الكلمة من معنى. *كيف كان نشاطكم في الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان التي شاركتم في إنشائها ابتداء من سنة 1987؟ صحيح أن أول تجربة كانت مع الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان، في تلك الفترة كما تعلمون كان كل شيء ممنوعا ومع أول فرصة انطلقنا في العمل ولعل أبرز ما حققناه في تلك الفترة هو إقناع الرئيس الشاذلي بن جديد لإصدار أمرية رئاسية تقضي بإلغاء قانون يمنح قاضي الجنح الحق في الحكم بالمؤبد على انتكاسي عاود جريمته أربع مرات، الإنجاز كان عظيما سنة 1989 بعدما ألغينا ذلك القانون. في أي ظروف تواصل نضال الرابطة خلال العشرية الدامية التي عرفتها الجزائر؟ عرف نشاط الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان جمودا كبيرا مع مطلع التسعينات خاصة بعد اغتيال رئيسها رحمه الله يوسف فتح الله سنة 1993 في مكتبه بشارع العربي بن مهيدي، ومن ثم عرف نشاط الرابطة فتورا كبيرا، واقتصرت من جهتي على ممارسة مهنة المحاماة لكن الرابطة بقيت إلى يومنا هذا. وأشير فقط أنني لم أنسحب من الرابطة لكن بعد مقتل فتح الله كان من غير المعقول العمل في تلك الظروف وهذا بالرغم من أنني لم أكن مهددا من طرف الجماعات الإرهابية لكن في رأيي الإرهاب كان يستهدف الجميع من دون استثناء. *وتعيينك على رأس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان؟ تعييني على رأس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان كان سنة 2001 بعد أن قرر رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة تعييني في هذا المنصب، لم يكن لي أن أرفض طلب رئيس الجمهورية وأنا الذي كنت على اتصال دائم معه، كما أنني أجريت مشاورات عديدة معه حول واقع حقوق الإنسان بالجزائر، فكان من الطبيعي أن أستجيب لطلبه. بوتفليقة في تصوري رجل عظيم من حيث أنه يولي اهتماما كبيرا لحقوق الإنسان، وهو مقتنع بها كثيرا، وبالفعل انطلقنا في العمل، نقدم له تقريرا سنويا في كل مرة ولنا علاقة مباشرة معه فهو يتابع نشاط اللجنة باستمرار. لقد تبنى رئيس الجمهورية عديد التوصيات التي قدمناها له بعين الاعتبار، مثل إصلاح العدالة، قانون الأسرة، الحقوق الاجتماعية، العفو، حالة السجون، بالإضافة إلى عديد المواضيع، ولن أبالغ إذا قلت إننا ساهمنا في بلورة فكرة المصالحة وإعطائها دفعة قوية ، فهو يستشيرنا ونحن نقدم له استشارات دون أن يطلبها منا في بعض الأحيان ويجب أن نعلم أننا بمثابة مؤسسة ضاغطة. *لماذا لم تستقروا في فرنسا بحكم أنكم زاولتم دراستكم هناك وكل الفرص كانت متاحة أمامكم من أجل مشوار مهني واعد؟ منذ طفولتي وأنا أعشق الجزائر، لو تعطيني مال الدنيا لا أبتعد عن وطني، جيلنا كانت له تلك الخصوصية التي تجعله يرتبط بالوطن الأم، كنا متشوقين للاستقلال، عشنا العنصرية في عهد الاستعمار، التعامل كان مختلفا ولا يمكنني أن أتصور نفسي خارج الجزائر، من المستحيل أن يحدث ذلك، هل تعلمون أنني عندما أسافر، فإن رحلتي لا تكاد تتجاوز 10 أيام، وسرعا ن ما أعود أدراجي إلى الجزائر. كنت أدرس في فرنسا وكانت كل الفرص متاحة أمامي لأقيم هناك وأشتغل في المحاماة أو غيرها من المهن، لكن ما يجب أن نعيه جميعنا هو أن هذا الوطن قد ضحى الكثيرون من أجله، ضحوا بأرواحهم وبكل ما يملكون، هي أرض عانت الكثير من المحن، شعب عانى ولا يزال يعاني ويدافع من أجل حياة أفضل، أتأسف عندما أرى جيل اليوم يتمنى لو أن فرنسا ظلت في الجزائر، في وقت ضحى فيه أباؤنا وأجدادنا من أجل حرية هذا الوطن. أتذكر الاستقلال وحلاوته تلك الفرحة التي لا تنسى، الشعب انفجر، أتذكر الرئيس الأسبق أحمد بن بلة عندما خطب في الأمة سنة 1963 وقال إن المغرب "حقرنا"، حينها كيف هب الشعب الجزائري بإرادة لا تقهر من أجل ثورة أخرى ليس إلا من أجل الجزائر، فكيف لي أن أغادر الجزائر وأن أحيا في أرض غير أرضها. هل أتعبتكم المحاماة؟ نعم، نعم، هي مهنة صعبة تتطلب الصحة والعقل والضمير، هذه المهنة تشردك، هي نضال مستمر، فما بالكم إذا كانت مرفوقة بنضال آخر من أجل حقوق الإنسان، من الطبيعي أن تؤثر على حياتي الشخصية، ترى أبناءك قد شبوا دون أن تستغل الوقت الكافي للعيش معهم، أن تكون مجندا طول الوقت خارج المنزل ليس بالأمر الهين، "وربي ستار". ويبقى أن الاستقرار العائلي لعب دورا كبيرا في حياتي وذلك بفضل الزوجة وحكمتها في إدارة شؤون البيت. *أوقات الراحة، كيف يقضيها قسنطيني؟ أجلس في المنزل لأرتاح وفقط، وفي بعض الأحيان أشتغل بالحديقة. *أين تسكنون حاليا، فيلا أو ...؟ في المنزل العائلي بمدينة البليدة فبعد أن تركنا منزلنا في بوفاريك في فترة الثورة استقرينا هناك، وهو المنزل الذي لا يمكنني أن أبتعد عنه. *هوايتكم المفضلة؟ أنا أطالع كثيرا مع قليل من مشاهدة التلفاز، ربما ربع ساعة في اليوم. *آخر كتاب قرأتموه أو أنتم بصدد مطالعته؟ أنا بصدد قراءة مذكرات الجنرال ديغول للمرة الثانية والحافز الذي يدفعني إلى إعادة قراءتها هو ذلك المغزى التاريخي الذي تحمله وإن كان ديغول فرنسيا وإن كان عدوا للجزائر، لكنه كان رجلا عظيما، رجل دولة محترم، لأنه هو من بنى فرنسا العصرية التي نراها اليوم، لقد أحب بلده وليتنا نكون مثله في حب بلادنا. أنا أطالع كذلك الكتب الأدبية، الروايات بصفة أقل لأن ذلك كان في الماضي، لكن حاليا أفضل التاريخ والأدب وربما التاريخ فهو مدرسة لاستخلاص الدروس. *كيف تتعاملون مع أحفادكم؟ أحفادي يذهبون إلى المدرسة وعندما نلتقي نلعب ونتصارع وأوصيهم دائما بطلب العلم والحرص على الدراسة، علاقتي بهم بسيطة، كما أنها تبقى بسيطة مع الجميع دون استثناء. *فلسفتكم في الحياة؟ في الحياة يجب التحلي بالشجاعة والحيوية لا للكسل، الله لم يخلقنا للسياحة وإنما للعمل والتعب والحصول على الرزق والقوت بالكد والجد والاجتهاد. *أمثال تؤمنون بها وتتعاملون بها؟ أومن بالعائلة والدولة لأنهما رمز للوحدة، مثال بسيط معمول به يوميا "يد وحدة ما تصفق" الحكمة في الجماعة، ربما هذه هي مشكلتنا، ننجح كأفراد ونفشل في العمل في إطار الجماعة وهذا ما يجب أن نعمل على إصلاحه، أي كيف نتعلم أن نعمل جماعيا. *ما هي أمنيتكم في الحياة؟ أنا شخصيا أتمنى أن تخرج الجزائر من الأزمة نهائيا، الفرنسيون كانوا يقولون لنا في المدرسة عندما نتساءل عن الحرية، أنتم غير قادرين على تحمل المسؤولية، لكن أنا على يقين أن الجزائريين قادرون على ذلك ويجب أن نؤكد لهم عكس ذلك، فلا فضل لأحد على الآخر، كلنا نملك عقولا ويكفي أن نعمل فقط، هذا ما أنتظره من الحياة.