هاجم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، الجهات التي تسعى إلى »تسويد« ما حققته الجزائر خلال خمسة عقود من الاستقلال، وردّ عليها بالقول: »أكبر من هذا أو ذاك هو أن يعيش الإنسان سيّدا على أرضه«. وفي تقديره فإن الجزائر التي طردت الاستعمار بعد تضحيات جسام تبقى اليوم مستهدفة من طرف »الحالمين باسترجاع الفردوس المفقود«. اجتهد عبد العزيز بلخادم خلال إشرافه أمس على تكريم عدد من المخترعين الجزائريين عشية الاحتفال بخمسينية استرجاع السيادة الوطنية، من أجل إبراز مختلف التحدّيات التي تنتظر البلاد بعد مرور كل هذا الوقت، حيث لم يُنكر أن هناك بعض النقائص التي سيتوجب تداركها في أكثر من مجال، لكن هذا الانطباع لم يمنعه من التأكيد بأن المكاسب التي تحقّقت حتى الآن جديرة بالتثمين »أكبر من هذا وذاك هو أن يعيش الإنسان سيّدا على أرضه«. وحرص بلخادم على مخاطبة الشباب الذين حمّلهم مسؤولية »تثمين ما كسبتموه في الجامعات والمخابر حتى تكون الجزائر قادرة على صناعة غذائها وكسائها ودوائها وسلاحها لأنهم لا يزالون طامعين فينا«، قبل أن يضيف: »هم لا يبيعون لنا الدواء والسلاح والقمح والتكنولوجيا التي نحن بحاجة إليها وهذا هو التحدّي الحقيقي الذي ينتظرنا لأن السيادة تُحمى بالاقتدار«. وحذّر في السياق ذاته من المؤامرات التي تُحاك ضد بلادنا »فهناك دول هُدّمت بالإعلام المغرض وأخرى بالعُمل المزوّرة«، مشدّدا على أن »صراعنا اليوم مع الآخرين هو صراع وجود أو عدم وجود، فإما أن نحافظ على سيادتنا أو نكون أتباعا. وبالتالي فإن الدرس هو ألا تخضع بلادنا للمساومة أو الابتزاز«. وتابع كلامه: »التحدّي اليوم هو تحقيق الأمن الغذائي. لا يجب على الشباب أن يفقد ثقته في بلده حتى وإن كانت هناك ظروف صعبة قد تضيّق العيش عليه..«. وبناء على هذا التحليل وصل أمين عام الأفلان إلى قناعة مفادها أن »الدول التي لديها إمكانات واقتدار هي التي تُستهدف بكل الطرق من طرف الحالمين بإمكانية استرجاع الفردوس المفقود« في تلميح منه إلى مستعمر الأمس، وأشار إلى أن الجزائر تبقى مستهدفة كذلك »بالنظر إلى مواقفها الرافضة لكل أشكال التبعية«، ثم نبّه إلى أن »هؤلاء لم يقطعوا اليأس ويسعون إلى إضعاف بلادنا كلما قدروا على ذلك في إطار عولمة الهيمنة التي تهدف إلى التجزئة وقد بدأت من السودان ولا نعرف أين ستنتهي..«. وبعد ذلك تفرّغ المتحدث للإشادة بمكتسبات الجزائر بعد 50 سنة من الاستقلال قائلا: »نهنئ اليوم أنفسنا بكل الإنجازات التي حققناها وبخروجنا سالمين من محن التسعينيات بفضل سياسة الوئام المدني والمصالحة الوطنية«، ثم استدرك: »هذا لا يعني أننا بلغنا كل أهدافنا فهناك مزيد من الحاجيات وبعزيمة المخلصين سنحققها«، مؤكدا بأن جبهة التحرير الوطني لها الكثير من الحمل خلال المرحلة المقبلة لاستكمال هذا المسار. ومن هذا المنطلق كان من الطبيعي أن يعود بلخادم إلى الانتخابات التشريعية الأخيرة التي يعتقد بأن الجزائريين قدّموا فيها ثلاث رسائل كبرى، كانت الأولى موجهة - حسبه- إلى الخارج وكان قصده »الذين راهنوا على استنساخ تجار بالخارج عندنا«، ليخاطبهم: »هم لا يعرفون نفسية الجزائريين الذين يرفضون أن يُشبّهوا بالآخرين«. أما الرسالة الثانية »فهي للمشككين في الداخل بأبناء بلدنا بأن اعتقدوا أن حزب جبهة التحرير الوطني هرم بعد 50 سنة مثلما حصل مع التجمع الدستوري في تونس وحزب البعث الاشتراكي في العراق والحزب الوطني في مصر«. وكانت ثالث رسالة لفت إليها بلخادم في مداخلته التي استمرّت لأكثر من ساعة هي »رسالة إلينا كمناضلين في جبهة التحرير الوطني بإعطائنا الثقة التي لم نكن نحلم بها«، موضحا في الوقت نفسه أنه »يجب أن نفهم ما هو منتظر منّا اليوم. واجبنا أن نكون في مستوى هذا القدر والعطاء السخيّ لأن شعبنا لا يطلب المحال وإنما يطلب القدوة والعدل«، مذكرا بأن الأفلان هو الحزب الوحيد الذي تأسّس ببيان أوّل نوفمبر »ويكفينا فخرا بأن هذا المعطى كان لحزبنا وليس لحزب آخر قبلنا أو بعدنا حتى وإن كان بيان نوفمبر مرجعية لهم«.