دعت الولاياتالمتحدةالأمريكية السلطات في مالي إلى ضرورة القبول بخيار إرسال قوة عسكرية إفريقية من أجل استعادة السيطرة على مدن في شمال البلاد استولت عليها جماعات مسلحة قريبة من تنظيم »القاعدة« منذ مارس الماضي، وأعنت دعمها لمساعي المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا، وهو موقف أقرب ما يكون إلى مقاربة الجزائر لحلّ الأزمة في مالي . طالبت الإدارة الأمريكية من سلطات مالي بقبول عروض من دول إفريقية بإرسال قوة عسكرية لإرساء الاستقرار في البلاد والمساعدة في استعادة السيطرة على الشمال الصحراوي الذي يسيطر عليه مسلحون متشدّدون مقرّبون من تنظيم »القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي«، حيث أكد »جوني كارسون«، وكيل وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون الإفريقية، أنه »ينبغي أن تقبل مالي القوة سواء كانت من الجنود أو الشرطة أو الدرك.. التي عرضت »إيكواس« إرسالها «. ونقلت وكالة »رويترز« عن المسؤول الأمريكي خلال زيارته قبل يومين إلى العاصمة باماكو قوله: »ينبغي لمالي قبول هذا العرض لأنها شاركت في عمليات مشابهة في دول أخرى« في إشارة منه إلى مشاركة قوات حفظ سلام مالية في مهام بمناطق أخرى. كما حثّ »كارسون« قادة الجيش المالي الذي قادوا الانقلاب الأخير على أن يبقوا بعيدين عن السياسة، وأفاد بأن بلاده تدعم خيار اتفاق السياسيين في مالي على تشكيل حكومة توافقية بنهاية الشهر وفق ما دعا إليه زعماء بالمنطقة . يأتي الموقف الأمريكي داعما لرغبة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا »إيكواس« التي أكدت أنها تريد إرسال قوة من 3 آلاف جندي لإرساء الاستقرار في مالي غير أنها لم تحصل حتى الآن على تأييد الأممالمتحدة وقوبلت مبادرتها بمعارضة من سياسيين وعسكريين في مالي، كما أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يرفض دعم التدخل العسكري دون وجود خطة أوضح بشأن القوة . في غضون ذلك أكمل فريق خبراء مشترك من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا والاتحاد الإفريقي والأممالمتحدة مهمة لمحاولة تحسين العلاقات وتقييم وضع الجيش في مالي الذي تفوق المتمردون عليه في التسليح بعدما دعموا ترسانتهم بأسلحة مهربة من ليبيا مستغلّين بذلك تدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة نتيجة التطوّرات التي أعقبت سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي . وكانت الجزائر قد أعلنت في أكثر مرة عن دعمها لخيار الحلّ السياسي، حيث جاء على لسان رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد قايد صالح، خلال مشاركته الأسبوع الماضي في أشغال الاجتماع الدوري لمجلس رؤساء أركان الدول الأعضاء في لجنة الأركان العملياتية المشتركة المنعقد بموريتانيا، بأن »الأزمة التي يمرّ بها مالي نتجت عنها تداعيات سلبية على الحالة الأمنية بمنطقتنا وهي بالتالي تتطلب حلّها في أحسن الآجال حتى يتسنى لأصدقائنا الماليين استرجاع الاستقرار السياسي«. وبرأيه فإن الوضع في شمالا مالي »يستلزم منّا واجب الجوار والأخوّة والصداقة والتضامن معهم وتقديم الدعم والمساندة لهم في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة..«، قبل أن يوضّح بأن »الجيش الوطني الشعبي، بصفته مؤسسة جمهورية للدولة الجزائرية، يندرج تماما ضمن مسار المواقف الثابتة والصريحة المتخذة في أعلى مستوى للسلطة السياسية، يعتبر أن الحلّ للأزمة المالية لا يكون إلا سياسيا بقرار من الماليين أنفسهم وبما يخدم مصالحهم كدولة ذات سيادة«. ومن جانبه أعلن ممثل الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة لإفريقيا الغربية، الدبلوماسي الجزائري سعيد جنيت، أن »الحوار هو الأولوية لتسوية الأزمة في مالي«، معتبرا أن تشكيل حكومة تمثيلية بمثابة خيار حتمي للبحث عن حل للأزمة السياسية في هذا البلد، ومع ذلك فإن جنيت اعترف بأنه »لا يجب إقصاء تدخل عسكري بالمنطقة«. ويتردّد العسكريون في مالي في قبول فكرة إرسال قوات أجنبية بعد الانتقادات الإقليمية للانقلاب الذي نفذه الجيش في مارس، وتسبّب هذا الوضع في إضعاف الجبهة الداخلية مما مكّن مسلحين محليين ومتشددين أجانب مقرّبين من تنظيم »القاعدة« من التغلّب على الانفصاليين »الطوارق«، وهو يسيطرون حاليا على المناطق الشمالية الثلاث الرئيسية في مالي مما أثار مخاوف من تحول المنطقة إلى ملاذ للإرهابيين.