التقرير النهائي لبعثة الملاحظين الأوروبيين للانتخابات التشريعية لم يكن حافلا بالمجاملات للسلطة كما توقع من روجوا لفكرة وجود صفقة مع الاتحاد الأوروبي يتم بموجبها منح الأوروبيين مزيدا من الامتيازات مقابل غض الطرف عن التلاعبات التي شهدتها العملية الانتخابية، لكن على العكس من ذلك تضمن إشارات واضحة إلى أنه من الواجب القيام بمزيد من الخطوات لإقامة ديمقراطية حقيقية سيكون الطريق إليها طويلا وشاقا. لعل من أهم الملاحظات التي تم تسجيلها تتعلق بالنظام الانتخابي، فقد تحدث رئيس البعثة عن كون نظام التمثيل النسبي خدم بعض الأحزاب وخاصة جبهة التحرير الوطني، ورغم أن الدعوة إلى تعديل النظام الانتخابي تعتبر سياسية وليست ملاحظة تقنية، فإن المفارقة هي أن وزير الداخلية أشار إلى هذا الأمر في نفس الوقت تقريبا، حيث دعا الأحزاب الصغيرة إلى ضرورة التكتل من أجل تجاوز عقبة النسبة المئوية التي تحول دون تحويل الأصوات إلى مقاعد، وهذه أيضا دعوة سياسية ولا يمكن إدراجها ضمن الإجراءات التقنية المتعلقة بتنظيم الانتخابات. الأحزاب السياسية المعنية بالانتخابات المحلية عليها أن تتعامل مع النظام الانتخابي بذكاء، فحالة التشرذم التي تعرفها الساحة الحزبية لا تعكس وضعا سياسيا صحيا، وقد اعترف الوزير أن هناك أحزابا يجري تأسيسها بقصد بيع القوائم، وهو أمر يجب أن يتوقف لأنه يسيء إلى العمل السياسي ومن يمارسونه، وهو من الأسباب التي تدفع الجزائريين إلى الاستقالة من الشأن العام والعزوف عن المشاركة في الانتخابات بالتصويت أو المراقبة. أصبح الآن لدينا تفسير لنتائج الانتخابات التشريعية، بل إن هذه النتائج من المتوقع أن تتكرر في الانتخابات المحلية إن لم تغير الأحزاب استراتيجيتها الانتخابية، فالحديث عن التزوير دون توفير أي دليل هو علامة عجز، وسيكون من الأفضل التوجه إلى بناء تحالفات سياسية وتقديم قوائم موحدة تسمح بتمثيل أصوات المواطنين بشكل أكثر عدلا، والانتخابات المحلية أفضل فرصة للتحالف لأنها تتعلق بانتخاب مجلس تدير الشأن اليومي للمواطن وتدافع عن مصالحه بعيدا عن حسابات السياسة.