أصبحت أيام وزير التجارة، مصطفى بن بادة، في حركة مجتمع السلم التي التحق بها في العام 1994 معدودة، لأن قبوله بمنصبه الوزاري الحالي جلب له سُخط مناضلي وقيادة الحركة التي قرّرت إحالة ملفه على المكتب التنفيذي الوطني تمهيدا لرفعه إلى لجنة الانضباط بسبب »خرق قرارات« مؤسسات الحزب. دخل أبو جرة سلطاني مباشرة في صلب الموضوع خلال ندوة ولائية نظّمها أمس مكتب حركة مجتمع السلم بالعاصمة، حيث باشر في مهاجمة كل الذين اختاروا المناصب الحكومية على الولاء لمؤسسات الحزب، ولم يستثن منهم أحدا من جماعة مناصرة مرورا إلى الوزير عمر غول وكل من تبعه، وصولا إلى الوزير مصطفى بن بادة الذي قبل تكليفه في الحكومة الحالية، وعلّق على هؤلاء مجتمعين: »الرجال الذين تربّوا في الحركة يدركون أن حركتهم هي رأس مالهم وما زاد عليها فهو ربح«. وظهر رئيس »حمس« غير آسف على موقف بن بادة رغم اعترافه بأنه عاتبه خلال اتصال هاتفه به بعد نشر أسماء التشكيل الحكومي بقيادة عبد المالك سلال، شاكرا في الوقت ذاته موقف كل من إسماعيل ميمون الذي حضر النشاط وكذا عبد الله خنافو، في حين خاطب البقية قائلا: »لقد اخترتم الربح على رأس المال.. من حافظ على رأسماله فهو مستمر ومنضبط ووفيّ«، وأبان عن تفاؤل كبير بتأكيده: »الضربة التي لا تقصمك تقوّيك«. وسعى المتحدث إلى رفع معنويات المناضلين: »لو كانت الحركة تتزعزع لحصل ذلك لمّا ر حل عنها رئيسها وزعيمها الشيخ محفوظ نحناح«، قبل أن يستطرد: »الحركة التي لم تُقصم في 2003 لا يمكن أن تقصمها الهزّات المتتالية..«، ومن المفارقات التي تحدّث عنها سلطاني أنه »في المؤتمر الرابع اتهمنا بأننا نشارك شكليا في الحكومة وبعض إخواننا قالوا إننا نرتمي بين أحضان السلطة بمشاركة شكلية، وخيّرونا بين المشاركة الفعلية في الحكم أو الانسحاب وإما أن يغادرونا«. وكان يقصد بهذا جماعة مناصرة، وقال إن مكمن المفارقة أن »الذين غادرونا هذه الأيام جاؤوا بسبب معاكس هو أننا نريد الخروج من بين أحضان السلطة«، ليُعلّق على هذا الواقع مدافعا عن خيارات المؤسسات: »فوجودنا في أحضان السلطة تهمة وخروجنا من أحضانها تهمة«، مشيرا إلى أنه تفاجأ فعلا لقرار الوزير بن بادة البقاء في الحكومة »رغم أنه التزم بغير ذلك«. وعن مصير وزير التجارة الحالي الذي وصفه رئيس »حمس« ب »قليل الكلام«، أوضح المتحدّث بأن »الحركة ليس لديها وزراء في الحكومة ومن هو في الحكومة إن كان ينتمي إلينا فإنه لا علاقة لنا به ولا نتحمل مسؤوليته«، ملمحا إلى مباشرة إجراءات فصله خلال أوّل اجتماع للمكتب التنفيذي الوطني »لدينا لجنة انضباطية وطنية، الأكيد أنه سيتداول أمره في المجلس التنفيذي الوطني وسوف نرى ونقدّر ما ينبغي واجبا من أجل تحويل ملفه إلى لجنة الانضباط وهي التي مخولة في أن تقول فيها ما تريد..«. إلى ذلك كشف أبو جرة سلطاني أنه قام الفترة التي أعقبت تشريعيات 10 ماي بزيارة 22 ولاية »واستخلصنا أن الذين خرجوا من الحركة كانوا يغلقون الأبواب على المناضلين«، ليوضّح أن »حمس وصلت إلى مستوى النضج لا يؤثر فيها لا داخل ولا خارج«، مشدّدا على أن هناك حقيقتين خرج بهما خلال الأشهر الأربعة الأخيرة أوّلهما أن »النتائج المعلنة في التشريعيات لم تكن حقيقية«، مستندا على أن »الأغلبية لم يُسمح لها أن تحكم و هي لا تصنع الحدث«، وزاد على ذلك حقيقة ثانية مفادها أن »نظام الحكم ما زال قائما على حالة الطوارئ«. وتعليقا منه على التطورات الأخيرة انتقد سلطاني التعديل الحكومي: »لقد أظهرت تشكيلته ثلاث حقائق تتمثل في وجود ذوي الولاء المزدوج في كل التشكيلات من داخل السلطة أو أقطاب المعارضة« وأن »نتائج الانتخابات غير قابلة لصرف في السوق السياسية«، فضلا عن كون هذه الحكومة »هي حكومة ترتيب رئاسات 2014 التي بدأت بعض الأطراف تضع أوراقها«. كما أبرز أن تشكيل هذه الحكومة التكنوقراطية يشكل تكريسا ل »المأزق السياسي لم يعد فيه أي جدوى للتحالفات«، لافتا إلى أن »خروجنا المبكر من التحالف الرئاسي كان قرار صائبا«، ناهيك عن »عدم مشاركتنا في الحكومة ساهم في تقليصها من الألوان الفاقعة إلى الأوان الباهتة لأنها ليست حكومة سياسية كون الأزمة سياسية. فحكومة التكنوقراط لا يُمكن أن تقرّر«، ولاحظ ميلاد » ظاهرة الأتاتوركية في الجزائر بإنشاء أحزاب معارضة موالية للسلطة«. ولذلك اقترح رئيس »حمس« حلّين اثنين، إما الذهاب نحو حلّ البرلمان وإعادة تنظيم انتخابات جديدة، أو فتح النقاش »الآن« حول الدستور وتأجيل كل القضايا الأخرى بما فيها محليات 29 نوفمبر، فيما ربط مصير تكتل »الجزائر الخضراء« بيد القواعد النضالية للحركة، دون أن يستبعد خيار فكّ الارتباط مع شريكيه الآخرين، رفضا اعتبار التيار الإسلامي في الجزائري »هشا« لأنه »لا يمكن إصدار هذا الحكم مادام ليست هناك ديمقراطية حقيقية«.