قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إنه يجب استخدام التاريخ لبناء مستقبل مع الجزائر، وشدّد على »إقامة علاقة تمكّن من تجاوز كل ما هو مؤلم مع ذاكرة لا زالت مجروحة«، مشيرا إلى أن زيارته المرتقبة إلى الجزائر الشهر القادم حدث هام يتمناها الطرفين الفرنسي والجزائري على حد سواء، وفي سياق آخر، أكد هولاند أن بلاده لن تتدخل عسكريا في مالي. أكد هولاند في ندوة صحفية نشطها بمقر قصر الاليزيه، أول أمس، أن الزيارة التي يعتزم القيام بها الشهر المقبل إلى الجزائر »ينتظرها ويتمناها« الجانبان الفرنسي والجزائري على حد سواء كونها تشكل »حدثا هاما« بالنظر إلى العلاقة التي تربط البلدين وكذا الرئيس الجزائري والرئيس الفرنسي« . وفي السياق ذاته، أوضح حاكم فصر الإليزيه أن فرنساوالجزائر تحضران »بكثير من العناية لهذه الزيارة«، علما أن عدة وزراء فرنسيين قاموا بزيارات تدخل في إطار التحضير لهذه الزيارة بدءا من وزير الخارجية لوران فابيوس في جويلية الماضي وصولا بوزير تقويم الإنتاج الفرنسي أرنو مونتبور مطلع الشهر الجاري. واعتبر هولاند بأن زيارته للجزائر تهم البلدين والجزائريين المقيمين في فرنسا وكذا »الجزائريين الذين يريدون القدوم إلى فرنسا ولا يستطيعون ذلك بسبب وجود قواعد«، مشددا بالقول: »هذه الزيارة تهم المستقبل والتاريخ وينبغي أن تساعد على بناء المستقبل وليس منعه«. وفيما يتعلق بملف الذاكرة، أوضح الرئيس الفرنسي الذي اعترف بمجازر 17 أكتوبر 1961، قائلا: »يتوّجب علينا إذن إقامة علاقة نعرف أنها حتما خاصة مع الجزائر حتى نتمكن أخيرا من تجاوز كل ما هو مؤلم مع ذاكرة لا زالت مجروحة وذلك بشكل يمكننا من المضي قدما نحو المستقبل«. ولم يفوت هولاند الفرصة للحديث عن العلاقات الاقتصادية والثقافية بين البلدين حين أكد أن هناك »إمكانات هائلة« لدى البلدين من أجل التنمية الاقتصادية والثقافية. وبخصوص الأزمة في مالي، قال الرئيس الفرنسي »في أي حال من الأحوال، لن تتدخل فرنسا بنفسها في مالي«، لكنه اعتبر أن احتلال شمال مالي من قبل »مجموعات إرهابية« بمثابة »أمر بالغ الخطورة يحمل فرنسا، لا على التدخل بدلا من الأفارقة، وهذا أمر ليس مطروحا، بل على مساعدة الأفارقة على تنظيم صفوفهم لمواجهة هذا التهديد«. وذكر بقمة رؤساء الدول الأفارقة التي انعقدت الأحد الماضي في أبوجا، وأوضح أن »مجموعة دول غرب إفريقيا بالإضافة إلى الجزائر وموريتانيا وتشاد ناقشت إمكانية التدخل«، مشيرا إلى أن »فرنسا وأوروبا ستقومان بتقديم دعم لوجستيكي مع التدريب والإعداد«. وبرّر هولاند الهدف من عملية عسكرية محتملة في مالي بالقول هو»مساعدة الماليين على أن يتمتعوا بسيادة تامة وكاملة على أراضيهم، وليس شيئا آخر«، ليضيف: »يكفي أن تنسحب هذه المجموعات الإرهابية حتى ينتفي أي سبب للتدخل«، وذكر بأن »حوارا سياسيا قد بدأ مع بعض جماعات الطوارق التي تريد قطع العلاقات مع هذه المجموعات الإرهابية«، مخاطبا: »يتعين على الذين يقومون اليوم بهذه التجاوزات ألا يدخلوا في منطق المواجهة هذا«. وأضاف الرئيس الفرنسي »ثمة اليوم ويا للأسف عدد ليس كبيرا من الرعايا الفرنسيين في شمال مالي ويشاركون في هذا الاحتلال أي في هذا الإعداد لأعمال إرهابية، يجب أن نولي ذلك اهتماما خاصا«، مشيرا إلى الخطر الأكبر الذي يهدد في هذا الوقت بلاده وعليه يضيف »كانت فرنسا في مقدم البلدان التي تحملت مسؤولياتها ودعمت الأفارقة«. وتطرّق هولاند إلى مسألة الرهائن الفرنسيين الستة المعتقلين في الوقت الراهن في الساحل، متعهدا ببذل كل ما في وسعه حتى »يفهم الخاطفون أن الوقت حان ليفرجوا عنهم«، وأضاف»عليهم ألا يأملوا شيئا من خلال الاحتفاظ بهم وأيضا، فان الأفارقة هم الذين سيتدخلون« في مالي »وليس فرنسا«، قائلا »نقوم بكل ما هو ممكن القيام به، لكننا لن نشكك في سياسة فرنسا ونعرض بالتالي أمنها للخطر لأننا يمكن أن نتعرض للضغوط«.