أرسلت القاهرة رئيس وزرائها إلى قطاع غزة تعبيرا عن التضامن مع القطاع الذي يواجه عدونا إسرائيليا جديدا، هكذا يقول الرسميون في القاهرة، هكذا يقول الرسميون في مصر، وتقول إسرائيل إنها أوقفت غاراتها بطلب من مصر تأمينا لزيارة رئيس وزرائها، أما أمريكا فتقول إنها طلبت من مصر أن تضغط على حماس من أجل وقف العنف وكأن حماس هي الطرف المسؤول عن تصاعد العنف، وبحسب ما قاله رئيس الوزراء المصري فإن الهدف من الزيارة هو البحث عن تهدئة، والطرف المطالب بالتهدئة هو المقاومة الفلسطينية. إسرائيل تحركت ضمن الخطة التي يجري تنفيذها في المنطقة، فسوريا تتعرض لعملية تفكيك منهجية تتضمن القضاء على كل أسباب بقاء الدولة السورية واستمرارها بالإضافة إلى تدمير المقاومة اللبنانية ومحاصرة إيران، وفي غزة أيضا يجب تفكيك المقاومة، ولا بد من إدخال الفلسطينيين بيت الطاعة بعد نزع كل الأوراق من أيديهم، والمصالحة الفلسطينية التي بدت وكأنها تحصيل حاصل في ظل التغيرات التي شهدتها المنطقة، خاصة انهيار نظام مبارك، لن تحدث على ما يبدو إلا وفق شروط السلطة الفلسطينية التي هي في الأصل شروط إسرائيلية تزكيها القوى الإقليمية. الزوبعة الإسرائيلية التي تضرب قطاع غزة هي جزء من عدوان أمريكي إسرائيلي على المنطقة العربية يجري تنفيذه بأدوات إقليمية وبتمويل عربي، ودماء الفلسطينيين التي تسفك تحولت إلى ورقة انتخابية، وبيانات التنديد التي تصدر من القاهرة وأنقرة والدوحة لن تنقذ أهل غزة من حرب الإبادة التي يشنها المجرمون الصهاينة، فالتصميم على إسقاط النظام في سوريا بحمام دم لن نجد له أثرا في القطاع، والأسلحة التي توجه إلى سوريا عبر تركيا ولبنان لا يمكن توجيهها ضد الإسرائيليين لأن الثورة بالمفهوم الأمريكي يجب أن تضمن أمن إسرائيل. من السذاجة الاعتقاد بأن ما يجري في غزة معزول عما يحدث في سوريا، ومن البلاهة الاعتقاد أن كل هذا الحرص الأمريكي على تدمير سوريا سيثمر ضعفا إسرائيليا.