نفى وزير الداخلية والجماعات المحلية، دحو ولد قابلية، وجود أي انسدادا على مستوى المجالس المحلية المنتخبة نتيجة صراع التحالفات الذي فرضته النتائج الأولية للانتخابات الأخيرة، واعتبر أن الحديث عن هذا الإشكال »أمر سابق لأوانه«. ورغم ذلك طمأن الوزير قائلا بأن »هناك حلولا لكل الوضعيات« لكنه لم يكشف عن تفصيلات إضافية في الموضوع. اكتفى وزير الداخلية والجماعات المحلية بإطلاق تصريحات عامة ومقتضبة بشأن احتدام الصراع على رئاسة المجالس المحلية المنتخبة، سواء البلدية أو الولائية، والواقع أن بعض الإجراءات التي فرضتها الجهات المكلفة بالأمن »الحرس الشخصي للوزير«، حالت دون حصول الصحفيين على توضيحات أكثر من طرف ولد قابلية الذي بدا على استعداد للردّ على أسئلة رجال الإعلام على هامش مشاركته أمس في افتتاح أشغال المؤتمر العاشر لمنظمة الوحدة النقابية الإفريقية التي شهدت أيضا حضور الوزير الأول عبد المالك سلال الذي امتنع عن التصريح. ورغم إصرار الصحفيين على معرفة موقف وزارة الداخلية باعتبارها الجهة المكلفة بتنظيم الانتخابات ومتابعة عملية تنصيب رؤساء المجالس البلدية والولائية الجدد، إلا أنهم لم يحصلوا سوى على عبارات تطمين أظهر خلالها الوزير دحو ولد قابلية تقليلا من شأن ما يتم تداوله على صفحات وسائل الإعلام منذ تاريخ إعلان النتائج التي أبقت الأمور عالقة على مستوى 1150 مجلس بلدي و46 مجلسا شعبيا ولائيا. وقد اقتصر تصريح وزير الداخلية على التأكيد بأن الحديث عن انسداد في عدد كبير من المجالس »أمر سابق لأوانه«، ورغم الحصار الأمني المفروض عليه من طرف الحرس الخاص إلا أن دحو ولد قابلية عاد وخاطب عددا من الصحفيين الذين أصرّوا على الحصول على تصريح تفصيلي، قائلا بالمختصر المفيد: »ليس هناك انسداد والحلّ موجود لا داعي للتخوّف«. وتبقى »الحلول« التي لمّح إليها غير معروفة خاصة وأن القانون العضوي المتعلق بالنظام الانتخابي تعرّض لانتقادات حادة من طرف الكثير من الأوساط السياسية بالنظر إلى الوضعية التي أفرزتها انتخابات الخميس الماضي. تأتي تصريحات وزير الداخلية في وقت تداولت فيه بعض الأوساط الإعلامية هذا الأسبوع حديثا عن اتصالات بين الوزارة الأولى ومصالح دحو ولد قابلية وكذا المجلس الدستوري من أجل تباحث الوضعية المعقدة التي أدت إليها انتخابات 29 نوفمبر، وبحسب هذه الأوساط فإنه من المرتقب الإعلان عن تدابير مرتقبة خلال الأيام المقبلة لتجاوز ما أصبح يوصف ب »الأزمة«. وبعملية حسابية فإنه من إجمالي 1541 مجلس بلدي لم تحصل قوائم الأحزاب على الأغلبية المطلقة سوى في 391 مجلس منتخب، وهذا ما يعني أن رئاستها محسومة وتتم دون أية مشاكل، لكن في المقابل هناك 1150 مجلس شعبي بلدي لا يزال مصير الرئاسة فيه عالقا ومؤجلا إلى حين الفصل فيه عن طريق التحالفات، وبحسب قراءة الكثير من الملاحظين فإن هذا الوضع غير سليم لأن الأمر يتعلق في هذه الحالة على صراعات وتوجهات إيديولوجية قد تدفع نجو مزيد من التعفّن في الفترة المقبلة. وبالعودة إلى قانون الانتخابات فإن هناك حالة أخرى تتطلب إجراء انتخابات ثانية لاختيار رئيس المجلس الشعبي المحلي، ويتعلق الأمر بالتشكيلات التي تحصل على نسبة مقاعد تتراوح بين 35 إلى 49 بالمائة، وهنا فإن كل قائمة مجبرة على اختيار مرشح لها ليتم الانتخاب مجدّدا قصد إعلان الفائز، وفي حالة حصل ذلك وتعادلت قائمتان أو أكثر من حيث عدد الأصوات المعبّر عنها فإنه تتم تزكية الأقل سنا لتولي منصب »المير«. لكن من بين الحالات الأكثر تعقيدا التي وردت في القانون العضوي المتعلق بالنظام الانتخابي هي تلك المتعلقة بحصول تشكيلة أو قائمة واحدة على النصاب القانوني الذي يؤهلها لتقديم مترشح لتولي منصب رئيس المجلس الشعبي البلدي، وليس مستبعدا هنا أن يتعرّض الحزب الفائز إلى تكتل بقية التشكيلات الأخرى التي فازت بمقاعد وبالتالي يتم إسقاط مرشحه، ولم يُحدّد المشرّع كيفية التعامل مع مثل هذه الوضعيات ما يجعل البلديات معرّضة للانسداد بشكل غير مسبوق.