تتّجه أنظار الطبقة السياسية إلى ما ستحمله تعيينات رئيس الجمهورية في الأسابيع القليلة المقبلة في الثلث الرئاسي لمجلس الأمة خلال عملية التجديد النصفي لأعضائه المنتظرة نهاية الشهر، وفيما إذا كان المرسوم الرئاسي المتضمن لقائمة الأعضاء المعينين سيجدد الثقة في عبد القادر بن صالح الرئيس الحالي للغرفة العليا الذي استوفى عهدته الحالية أم أنه سيحمل مرشحا آخر لمنصب الرجل الثاني في الدولة، كما ترجح توقعات المتتبعين رفع الرئيس بوتفليقة لحصة النساء في الثلث الرئاسي انسجاما مع الغرفة السفلى التي عرفت بعد تطبيق نظام الكوطة في التشريعيات الأخيرة زيادة في نسبة النساء والتي بلغت ال30 بالمائة . رغم الاهتمام الذي توليه الأحزاب السياسية منذ الأسبوع الفارط لمسألة التحالفات داخل المجالس المحلية التي أفرزتها انتخابات ال29 نوفمبر الفارط لما لها من علاقة مباشرة على انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة والمقررة نهاية الشهر الجاري، وسعيها بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة لترجيح كفة مرشحيها لهذه الانتخابات، إلا أنها في المقابل لا تغفل الثلث المعين في الغرفة البرلمانية العليا والمعني هو الآخر بتجديد نصف أعضائه خاصة وأن من بين الأعضاء المنتهية عهدتهم الرئيس الحالي للمجلس عبد القادر بن صالح، حيث تحظى هذه الجزئية باهتمام خاص من قبل الطبقة السياسية لأن الأمر يتعلق بمنصب الرجل الثاني في الدولة والذي تؤول إليه مهمة تولي شؤون البلاد مؤقتا في حال شغور منصب رئيس الجمهورية لأي سبب من الأسباب. ومعلوم أن الدستور الحالي الذي يحدّد عهدة عضو مجلس الأمة ب6 سنوات لا يحدّد في المقابل عدد العهدات البرلمانية لعضو مجلس الأمة بل تركها مفتوحة إلى ما لا نهاية سواء بالنسبة للأعضاء المنتخبين أو المعينين، وهو ما يثير تساؤلات المتتبعين للشأن الوطني فيما إذا كان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سيلجأ إلى إعادة تعيين عبد القادر بن صالح لعهدة أخرى في الثلث الرئاسي وبالتالي امكانية توليه رئاسة المجلس لثلاث سنوات أخرى أم أن مرسوم التعيينات سيخلو من اسم بن صالح وبالتالي فتح مجال التساؤلات عن خليفة بن صالح في منصب الرجل الثاني في الدولة للمرحلة المقبلة. وجدير بالذكر أن بن صالح يتولى رئاسة مجلس الأمة منذ جويلية 2002 عندما استدعي من الغرفة السفلى لخلافة الراحل شريف مساعدية، ليعاد تعيينه مرة أخرى في الثلث الرئاسي سنة 2006 لعهدة جديدة تنتهي ديسمبر الجاري وهي المدة التي انتخب خلالها لمرتين متتاليتين لرئاسة مجلس الأمة، وإلى جانب عبد القادر بن صالح ما يقارب 20 عضوا تنتهي عهدته ديسمبر الجاري منهم المجاهدة زهرة ظريف بيطاط التي تمتعت بعضوية مجلس الأمة لعهدتين متتاليتين والظاهر زبيري ومحمد بوخالفة ومحمد بولحية وعبد الرزاق بوحارة. وفي انتظار ما ستحمله نتائج انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة المنتخبين المنتظرة في 29 ديسمبر، لم تتسرب في المقابل أية معلومات عن الأسماء المرشحة للتعيين في الثلث الرئاسي، وإن كانت قراءات المتتبعين ترجح تعيين بعض الأسماء التي غادرت الجهاز التنفيذي في التعديل الحكومي الأخير وأن يحمل مرسوم التعيينات هذه المرة عددا أكبر من النساء لخلق انسجام بين غرفتي البرلمان بعدما أصبح التمثيل النسوي في الغرفة السفلى في حدود الثلث بينما ما يزال دون ذلك بكثير في الغرفة العليا. ومن وجهة النظر الدستورية فإنه ليس وجوبا الإعلان عن قائمة المعينين في الثلث الرئاسي كاملة أي 24 عضوا وإنما بما يضمن توفر النصاب لعقد جلسة تنصيب المجلس بتشكيليته الجديدة على أن يتم تعيين بقية الأعضاء لا حقا مثلما حدث في مرات سابقة. ومن المرتقب أن يتم التنصيب الرسمي لأعضاء مجلس الأمة الجدد في النصف الأول من شهر جانفي الداخل وانتخاب رئيس للغرفة البرلمانية العليا الذي جرت العادة أن يختار من الثلث الرئاسي، حيث تنص المادة 2 من النظام الداخلي لمجلس الأمة وطبقا للمادة 113 من الدستور على وجوب عقد مجلس الأمة لجلسته الأولى في اليوم العاشر الموالي لإنتخاب أعضائه و على إقامة الجلسة الأولى برئاسة أكبر عضو في الهيئة وبمساعدة اصغر عضوين ،يجري خلالها انتخاب رئيس المجلس تطبيقا للمادة 114 من الدستور الجزائري حيث تنص في فقرتها الثانية على ما يلي : ينتخب رئيس مجلس الأمة بعد كل تجديد جزئي لتشكيلة المجلس.