يبدو أن الوضع الراهن على مستوى قطاعات التربية الوطنية، والصحة العمومية، والإدارة يسير بخطى متأنية نحو شنّ حركة احتجاجية مشتركة بين حوالي ستّ نقابات أو أكثر في الأيام القليلة القادمة، ما لم تبادر الوصايات المعنية في هذه القطاعات بالاستماع الجاد والمسؤول للمطالب المهنية والاجتماعية المرفوعة، التي هي مقيدة في ملفات على مستوى وتعاني من حالة من التجميد المقصود، وجميعها تكاد تكون مطالب وملفات واحدة مثماثلة بين كل القطاعات. يُنتظر وفق المعلومات المتداولة أن تكون نقابات قطاعات التربية الوطنية، والصحة العمومية، والإدارة قد شرعت منذ مدة في اتصالات وحوارات مكثفة، من أجل التباحث والتحاور والتنسيق فيما بينها، من أجل الخروج بموقف جماعي موحد، يكون قادرا على أن يحدث ضغطا قويا على الوصايات والسلطات العمومية المعنية، قصد تحريك ملفات المطالب المهنية الاجتماعية التي هي في نظرهم جميعا تعاني من حالة مقصودة من التجميد، سواء كان ذلك على مستوى وزارة التربية الوطنية، أو على مستوى وزارة الصحة، أو على مستوى القطاعات المتعددة التي تربطها شراكة عمالية ووظيفية مع النقابة الوطنية لمستخدمي الإدارة العمومية )سناباب(. وكان من المتوقع أن يتمّ هذا التنسيق العملي، وتلجأ النقابات على شن حركات احتجاجية فردية وجماعية، إلا أن التعديل الوزاري الأخير الذي تمّ يوم 4 سبتمبر الماضي أجّل هذا الأمر، وقد وجدت النقابات نفسها مُلزمة بتأجيل الحديث عن الاحتجاج والإضراب، ومنحت بشكل علني مهلة زمنية للوصايات التي مسّها تغيير الوزراء، وكانت وزارتا الصحة والتربية الوطنية المعني الأول بهذه المهلة. ورغم أن وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات الجديد عبد العزيز زياري، ووزير التربية الوطنية عبد اللطيف بابا أحمد قد أعربا منذ مجيئهما على رأس هذين القطاعين الحساسين والهامين عن استعدادهما للإصغاء باهتمام كامل لكافة الشركاء الاجتماعيين، واستقبالهم بصورة متواصلة في جلسات عمل وحوار، وقد حدث هذا بالفعل، حيث استقبل الأول عددا معتبرا من نقابات قطاعه، نذكر منها نقابة الاستشفائيين الجامعيين التي يرأسها البروفيسور جيجلي، ونقابة أخصائيي الصحة العمومية التي يرأسها الدكتور محمد يوسفي، ونقابة ممارسي الصحة العمومية التي يرأسها الدكتور الياس مرابط، والتي تضم الأطباء العامين والأخصائيين والصيادلة وجراحي الأسنان، ونقابة أساتذة التعليم شبه الطبي التي يرأسها اسماعيل حاجيح، وفيدرالية عمال الصحة التابعة للاتحاد العام للعمال المركزيين، الذي يرأسه سيدي السعيد، وأجرى وزير الصحة حوارات جادة مع كل هذه النقابات، ووعد بالسعي لتجسيد المطالب المرفوعة، الممكنة التحقيق والاستجابة التي هي على مستواه، وتدخل ضمن صلاحياته كوزير للقطاع، وعلى أن يسعى بشكل مواز صوب الحكومة، من أجل دفعها لتلبية المطالب التي هي على مستواها بالشرح والتوضيح. ومن جهته أيضا وزير التربية الوطنية عبد اللطيف بابا أحمد استقبل هو الآخر كافة النقابات المعتمدة بقطاعه، وقد استمع لها باهتمام، وتباحث وإياها حول كافة المطالب والملفات المطروحة، وهو الآخر وعدها جميعها بالسعي وفق ما تمليه عليه صلاحياته كوزير للقطاع من أجل تحقيق المطالب التي هي على مستواه والسعي في الاتجاهات الأخرى الحكومية من أجل تحقيق بقية المطالب التي هي على مستويات أخرى، ومن هذه النقابات، نقابة »كناباست« التي يرأسها نوار العربي ونقابة »إينباف« التي يرأسها الصادق دزيري، ونقابة »سناباست«التي يرأسها مزيان مريان. ولأن الأمور حسب النقابات السابق ذكرها لم تسر بما تمّ{ الاتفاق عليه، وبما يُرضي شرائحها العمالية المختلفة، فإنها قد عادت إلى إقرار سياقات الاحتجاجات والإضرابات، التي قد يُشرع فيها هذه المرة خلال الأيام القليلة القادمة بشكل جماعي موحد ضمن إطار تنسيقية النقابات المستقلة، ومقرر أن تجتمع تنسيقية نقابات الصحة بعد غد الثلاثاء من أجل الخروج بموقف واحد مشترك، وهو الأمر نفسه الذي سيتمّ على مستوى نقابات التربية، وكلا الأمرين سيُوظفان لغاية واحدة، وهي إضراب جماعي، تشترك فيه كل النقابات والقطاعات التي تنضوي تحت لوائها.