يعيش قطاع الصحة تحركات نقابية، وحالة من الاستعداد، واستنفار الهمم على مستوى عدد من الأسلاك الهامة، ذات التأثير والحضور الأكبر على السير العادي والطبيعي للهياكل الصحية والاستشفائية، ونذكر من بين هذه الأسلاك الأطباء العامين والأخصائيين، والصيادلة وجراحي الأسنان، الذين هم حاليا يتأهبون لحالة استنفار، في حال عدم الاستجابة لمطالبهم، وشرائح السلك شبه الطبي، التي قررت رسميا الدخول في إضراب وطني بداية من 24 ديسمبر الجاري. تتهيأ منذ بضعة أيام خمس نقابات تمثيلية نشطة بقطاع الصحة العمومية للخروج من حالة التهدئة المواكبة لمقدم الوزير الجديد عبد العزيز زياري، والدخول في حركة احتجاجية، وتحرص من الآن أربع نقابات وطنية فاعلة أن تكون حركتها الاحتجاجية موحدة، ضمن إطار تنسيقية نقابات الصحة، وهذه النقابات هي: النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية التي يرأسها الدكتور الياس مرابط، والنقابة الوطنية لأخصائيي الصحة العمومية، التي يرأسها الدكتور محمد يوسفي، والنقابة الوطنية للأخصائيين النفسانيين، التي يرأسها الأستاذ خالد كداد، والنقابة الوطنية لأساتذة التعليم شبه الطبي، التي يرأسها اسماعيل حاجيح، وهذه النقابات جميعها كانت عقدت منذ عدة أشهر اجتماعات تنسيقية تمهيدية للدخول في مرحلة نضالية جديدة، تقوم على التضامن والتحرك الجماعي الموحد، وكانت أولى خطواتها الجماعية السابقة التوجّه نحو التأسيس الفعلي، والعملي لهذه التنسيقية، وكان لها ذلك منذ أزيد من نصف شهر، حيث أقرت نظاما داخليا لهذا الفضاء النقابي الجماعي، كما أقرت له أيضا ميثاقا، وقّعت عليه جميعها، وكانت في نفس الوقت توجهت بالدعوة إلى النقابات الأخرى من أجل الانضمام إليها، ومن بين الأمور النظامية التي أنجزتها هذه التنسيقية أنها أقرّت تدوير منصب الناطق الرسمي باسمها بصفة دورية على جميع القيادات الوطنية الأربع، والبداية حسب ما تقرر كانت للأستاذ خالد كداد، رئيس نقابة الأخصائيين النفسانيين. ومن بين الأمور التي كانت قررتها التنسيقية في الإطار الجماعي أن تسعى كل نقابة نحو عقد جمعياتها العامة على المستويات المحلية الولائية، وأن تخرج بتوصيات محددة بشأن المطالب المهنية الاجتماعية العالقة، وموقف الوصاية والسلطات العمومية الأخرى المعنية منها، وهذه التوصيات المستخلصة لابد أن تُحال على المجالس الوطنية، من أجل أن تعقد هذه الأخيرة دورات استثنائية مباشرة عقب الانتخابات المحلية، وقد كان لها ذلك بالطبع، ونذكر منها نقابة الأخصائيين التي ناشدت عبر مجلسها الوطني من جديد وزير الصحة زياري عبد العزيز، التدخل من أجل إنصافها بتلبية المطالب العالقة، وقطع الطريق عليها في التوجّه نحو الإضراب والاحتجاج، الذي هو في الأصل لا يخدم المريض على المدى القصير، بل يُضاعف من معاناته مع الهياكل الصحية والفرق الطبية العلاجية، ورغم أن الأخصائيين والأطباء العامين والصيادلة وجراحي الأسنان، وأساتذة التعليم شبه الطبي قد أرجؤوا الوزير الجديد بعض الوقت، حتى يتمكن من الوقوف الفعلي على مطالبهم، إلا أنهم يعيشون قلقا متزايدا بشأن عدد من الأمور العالقة، وفي مقدمتها مراجعة القوانين الخاصة المعدلة بالتركيز على التصنيف والترقية، وأنظمة المنح والعلاوات، وكرامة المهنة، والخارطة الصحية والسكن الوظيفي، ويصرون على أن يعودوا إلى أسلوب الاحتجاج والإضراب الذي كانوا باشروه لسنوات مع الوزراء السابقين، وغير مستبعد أن يُعلنوا بشكل مسبق عن سياق الاحتجاج، في انتظار ما ستُقدم عليه الوصاية. وعلى النقيض من نقابات تنسيقية الصحة، فإن النقابة الوطنية للسلك شبه الطبي، التي يرأسها غاشي الوناس قد قررت الدخول في إضراب وطني مدته ثلاثة أيام من كل أسبوع، بداية من يوم 24 ديسمبر الجاري، وهذا الإضراب قرره المجلس الوطني للنقابة في دورة استثنائية نهاية الأسبوع الفارط، وقد شارك فيه ممثلو 48 ولاية، وهؤلاء وفق ما قال رئيس النقابة غاشي الوناس: ظروف عملهم مزرية، ولهم مطالب عالقة، حوصلها أساسا في التأخر في تلقّي الأجور للممرضين في عدد من الولايات، والتأخر في تلقي المستحقات المالية لمخلفات التعويضات، إلى جانب عدم تسليم المنحة للمتربصين في شبه الطبي على امتداد سنتين، والتماطل في توظيف المتخرجين الجدد، رغم أن الهياكل الصحية والاستشفائية كلها تعاني من النقص الكبير في هذا السلك.