يرفض منسق المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني، عبد الرحمان بلعياط، الخوض في تفاصيل تحديد هوية الأمين العام المقبل للأفلان، ومع ذلك أطلق الكثير من الرسائل السياسية لخّصها في كون أن من يتولى هذا المنصب سيكون حتما منسجما فكريا وسياسيا مع رئيس الحزب. ويبقى الأهم بالنسبة إلى بلعياط هو أن يخرج الأفلان أكثر قوة ولحمة خلال الدورة الطارئة للجنة المركزية المرتقبة، ويؤكد في هذا الحديث الذي خصّ به »صوت الأحرار« أنه لا مجال للاستعجال في انتخاب الأمين العام وكذلك لا مجال للتساهل في قضية التعامل مع عامل الوقت بالنظر إلى الاستحقاقات التي تنتظر الحزب في المرحلة المقبلة. الكثير من اللغط الإعلامي صاحب انعقاد الدورة العادية السادسة للجنة المركزية. ما هي قراءتكم للنتائج التي أفرزتها؟ ● ليس لديّ أيّ تعليق على ما حصل في دورة اللجنة المركزية الأخيرة ولا على نتائجها ليس فقط من موقعي عضوا في المكتب السياسي ولكن بحكم كوني، حاليا، منسقا للمكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني. لكن الكثير من القراءات اعتبرت بقاء الأفلان دون أمين عام بمثابة أمر غير طبيعي ومؤشرا على الأزمة الحادة التي وصلت إليها هذه التشكيلة بسبب الخلافات بين أعضاء أعلى هيئة بين مؤتمرين. هل تتفقون مع هذه التفسيرات؟ ● صحيح أن منصب الأمين العام لجبهة التحرير الوطني شاغر حاليا، ولكن في المقابل الحزب ليس دون رأس كما يعتقد البعض، وذلك بحكم الآليات المنصوص عليها في النظام الداخلي والقانون الأساسي وكذا النظام الداخلي للجنة المركزية. فالنظام الداخلي للحزب يؤكد في مادته 158 أنه في حالة شغور منصب المسؤول الأول لأي هيئة من هيئات الحزب سواء القسمة أو المحافظة أو المكتب السياسي يتولى العضو الأكبر سنا رئاستها. وفي حالة الأفلان الحالية فإن المكتب السياسي هو الهيئة القيادية التنفيذية للجنة المركزية وبالتالي يتولى رئاسته بحكم النصوص سالفة الذكر عبد الرحمان بلعياط. وتكملة لذلك فإن النظام الداخلي للجنة المركزية في مادته التاسعة ينصّ بدوره على أنه في حالة شغور منصب الأمين العام يتولى العضو الأكبر سنا والعضو الأصغر سنا من أعضاء المكتب السياسي مسؤولية رئاسة الدورة الاستثنائية للجنة المركزية من أجل انتخاب الأمين العام للحزب. لذا فالأمور واضحة وتسير بطريقة طبيعية. وانطلاقا من هذه المعطيات فإنني بحكم المسؤولية الموكلة إليّ بعد اختتام الدورة العادية السادسة للجنة المركزية، باشرت هذه الأيام في اتصالات مع زملائي وزميلاتي في المكتب السياسي من خلال زيارات لتدقيق ما هو مطلوب من هذه الهيئة خلال هذه الفترة الانتقالية المؤدية حتما إلى انتخاب أمين عام جديد في الآجال المعقولة التي تضمن رأب الصدع واستتباب الأمور لتسترجع اللجنة المركزية عافيتها بشكل نهائي. على ذكر زياراتكم إلى أعضاء المكتب السياسي، حول ماذا دار النقاش وإلى أيّ مدى يمكن القول إن »صراع الأجنحة« انتهى داخل الأفلان؟ ● بما أنّ منصب الأمين العام للحزب شاغر فإنه من الضروري في هذه الفترة العمل على توفير الشروط اللازمة لانعقاد الدورة الطارئة للجنة المركزية عن طريق اعتماد الهدوء والحكمة والتبصّر والسعي نحو لمّ الشمل والجمع بين كل الأعضاء قصد تهيئة الأجواء الضرورية. والمطلوب تزامنا مع هذا الوضع الانتقالي هو أن نفصل في الكثير من الأمور المتعلقة بالتسيير اليومي لشؤون الحزب. ما أريد التأكيد عليه في هذا الظرف بالذات هو أنه ليس هناك صراع أجنحة مثلما يُسميه البعض، الحاصل أنه كان لدينا مشكل في منصب الأمين العام، وبعد انعقاد الدورة العادية للجنة المركزية لم يعد هناك ما يُفرّقنا بل إن ما يجمعنا الآن أكثر من أيّ وقت مضى وهو أننا نسعى جميعا كأعضاء في اللجنة المركزية من أجل توفير الشروط الضرورية لانتخاب أمين عام جديد لجبهة التحرير الوطني ومن ثم الحفاظ على المرتبة القيادية التي يحظى بها حزبنا في المنظومة السياسية الوطنية. موازاة مع هذه الزيارات التي باشرتم فيها تتسرّب أخبار عن ترشيح أسماء لتولي منصب الأمين العام المقبل للحزب، بل إن هناك حديثا عن »توافق« على شخصية محدّدة، وبالمقابل هناك من يقول إن القيادة الحالية تنتظر »التعليمات الفوقية«، ما صحة كل هذا الكلام؟ ● لحدّ الآن لم تتأكد الترشيحات لمنصب الأمين العام، أما فيما يخصّ الجهات التي تتحدّث عن »التعليمات الفوقية« فإنني أؤكد أن هذا الأمر ليس له محلّ من الإعراب لأن الجميع يعرف بأن حزب جبهة التحرير الوطني له الهيئات القيادية والنظامية وفي أعلاها رئيس الحزب الذي تجدر الإشارة إلى أنه تمّ انتخابه في 2005 بهذه الصفة، ثم أعيد انتخابه من جديد في 2010 بصلاحيات معروفة من ضمنها أنه بإمكانه أن يستدعي إلى عقد المؤتمر الاستثنائي كما يمكنه أن يرأس هو بنفسه دورة اللجنة المركزية للحزب. ومن هذا المنطلق فإننا في جبهة التحرير الوطني نأخذ في الحسبان دائما أن الأمين العام يتعيّن عليه وجوبا الانسجام مع رئيس الحزب، بمعنى أن اللجنة المركزية بكل أعضائها ومن دون استثناء مطالبة بأن تأخذ في اهتمامها وتضع حرصها على مبدإ أساسي هو أنه يتوجب على الشخصية التي تحظى بانتخاب اللجنة المركزية لمنصب الأمين العام أن تكون منسجمة تمام الانسجام مع رؤى وأفكار رئيس الحزب، الذي هو رئيس الجمهورية، في كل جوانب الحياة السياسية في البلاد. ولذلك نحن نعمل ضمن هذا التوجه في إطار الخطة التي يسير بها المكتب السياسي وسنفصل في الأمر قريبا. كثر الحديث في الفترة الأخيرة حول طريقة الحسم في اختيار منصب الأمين العام بين من يقترح »مرشح إجماع« وبين من يذهب إلى الدفاع عن ضرورة إجراء »انتخابات أوّلية«. كيف ستتعاملون مع هذا الوضع؟ ● هذه المسألة تدخل في صميم صلاحيات المكتب السياسي الذي سيعالجها بالطريقة المناسبة طبقا لما ينصّ عليه القانون الأساسي والنظام الداخلي، وطبقا كذلك لمتطلبات المرحلة الحالية التي يمرّ بها حزب جبهة التحرير الوطني. تضاربت التوقعات بخصوص موعد انعقاد الدورة الطارئة للجنة المركزية التي تعني انتخاب الأمين العام المقبل. هل هناك سقف زمني أنتم ملتزمون بعدم تجاوزه لحسم هذه المسألة؟ ● عند الحديث عن السقف الزمني لا بدّ من العودة إلى النصوص التي ذكرتها في بداية الحديث، لقد حدّدت هذه النصوص آليات واضحة لطريقة تسيير فترة الشغور في منصب الأمين العام للحزب، لكن يتوجب التأكيد في هذا الإطار على أن هذه النصوص لم تُدقق في الآلية الزمنية التي يبقى تقديرها مرتبطا بالتفكير السياسي الذي يقوم على مبدأين: عدم الاستعجال المفرط الذي قد يؤدي إلى مطبّات، ولا حتى التساهل الذي قد يؤدي إلى تسيّب الأمور وعدم الحسم في المسائل والقضايا الأساسية. وبهذا المفهوم أقول إننا اليوم في جبهة التحرير الوطني أمام مسألة تتطلّب التريّث وفي نفس الوقت العزم على إرجاع الأمور إلى مجراها العادي في أقرب وقت ممكن. اللافت أن أطرافا معروفة بعدائها لجبهة التحرير الوطني استثمرت في ما وقع من خلافات في دورة اللجنة المركزية وحرّكت من جديد مطالبها بإحالة الأفلان إلى المتحف. ما تعليقكم؟ ● بل على العكس من ذلك، ما عاشه حزب جبهة التحرير الوطني في هذه الأيام يُعطي إشارة قوية وواضحة على أن النضال في الأفلان والمسؤولية فيه لأعضاء اللجنة المركزية مما يدلّ على حرية الرأي وهذا ما هو مطلوب عندنا وعند غيرنا. الدليل الآخر على صحة هذا الكلام هو أننا نحتكم إلى النصوص ونتشاور مع بعضنا البعض، أي أن هناك حيوية كبيرة في اللجنة المركزية وليس هناك جمود. ففي الاختلاف رحمة لكن شريطة أن نتمسك بما يجمعنا وهو بالأساس طبيعة هذه التشكيلة السياسية التي انبثقت من رحم الثورة التحريرية ومن صُلب التشكيلة السياسية التي أنجزت الكثير والهام في بناء اقتصاد البلاد وتطور المجتمع لمدة 30 سنة في إطار عهد الحزب الواحد. كما أن هذه التشكيلة أعطت المثل على أنها تحترم أساس وقواعد وأساليب الممارسة الديمقراطية في إطار التعدّدية السياسية، فنحن في جبهة التحرير الوطني لم نحارب في يوم من الأيام هذه التعدّدية بل على العكس فقد احترمناها بكل شروطها وبكل نتائجها حتى وإن كانت هذه النتائج في غير صالحنا. الآن هناك حالة من الترقّب وسط المناضلين وحتى القياديين بشأن ما ستُسفر عنه الدورة الطارئة لأعلى هيئة بين مؤتمرين، أي رسالة يُمكن أن تمرّرها لطمأنتهم بخصوص مستقبل الحزب؟ ● الرسالة هي ما عبّرت عنه دورة اللجنة المركزية، ومفادها أنه لا يُمكن لأحد ينتمي إلى جبهة التحرير الوطني من مناضلين وقياديين في كل المستويات أن يُهمل مصلحة الحزب التي تتحدّد بالأساس في الحفاظ على لحمة صفوفه وصحة أدائه ضمن المنظومة الدستورية. والمكتب السياسي في هذه المرحلة، وفي إطار المهمة الموكلة إليه تحضيرا لانعقاد الدورة الاستثنائية للجنة المركزية، سيؤدي دوره وسيقول ويُعبّر عن رأيه في هذا الموضوع، وبالتالي لا داعي للخوف. بعد أن يتمكن الأفلان من تجاوز هذه المرحلة الظرفية، ما هو الدور الذي يُمكن أن يلعبه في الفترة المقبلة أمام استحقاق تعديل الدستور ومن بعده الانتخابات الرئاسية؟ ● الجواب على هذا السؤال ستجدونه بكل تأكيد عند الأمين العام المقبل لحزب جبهة التحرير الوطني.