أصبح العالم يقرن الجزائر فقط بالإرهاب، لذلك أصبح الفريق الوطني لكرة القدم ملزما بالتأهل لكأس العام وكأس إفريقيا .. إنه القدر .. فالعالم كرة قدم.. كان يوم أمس ، يوما كرويا في مختلف ربوع الكرة الأرضية، سواء المقابلات الرسمية لكأس العام، أو المقابلات الودية، كتلك التي جرت بين منتخبنا الوطني، ومنتخب الأوروغواي. فما الذي جعل هذا » الجلد المنفوخ « يشغل مئات الملايين من الناس في مختلف بلدان العالم ؟ إذا كان رابح سعدان مدرب الفريق الجزائري لا يرى أهمية للفوز أو الخسارة، باعتبار أن العبرة في التحضير الجيد والوقوف على استعدادات كل لاعب للمباراة الرسمية الحاسمة، فإن كرة القدم فعلا لديها أهداف ما وراء الربح والخسارة. هناك بعض الدول لا يعرف عنها الناس في مختلف بلدان العالم شيئا، رغم تطور أجهزة الإتصالات والمعلومات التي جعلت العالم كله تحت أصابع اليد بفضل الكومبيوتر وشبكة الأنترنيت. فالشعوب العربية مثلا لا تعرف شيئا عن جزر القمر رغم أنها بلد عربي مسلم عضو في الجامعة العربية. لكن لو كان لجزر القمر فريق قوي في كرة القدم لعرفه جميع الناس. فكم بيّنت عمليات سبر الرأي أن كثيرا من الشعوب تجهل حتى بلدان جارة، وفي أمريكا كشفت أحيانا عملية سبر رأي أن بعض الأمريكيين لا يعرفون حتى رئيسهم. لكن نجوم كرة القدم يعرفهم الجميع. وفي مقابل ذلك بدأ يتأكد أن كثيرا من البلدان احتلت مكانتها في الذاكرة الجماعية للشعوب بفضل كرة القدم، وبدأ الناس يعرفون البلدان المشهورة أكثر بلعبة كرة القدم، وراحوا يتهافتون على زيارتها والسياحة فيها، بل إن كثيرا من الأندية جعلت من المدن التي تنتمي إليها مدن » عالمية السمعة « ، فأصبحت المدينة تعرف بفريقها في كرة القدم. وهكذا تحولت كرة القدم من مجرد لعبة، إلى لعبة متعددة الأبعاد والأهداف. فمن بعدها الأساسي الذي يكمن في الترفيه والتسلية، أخذت أبعادا تسويقية تساهم في الترويج للبلد، وأحيانا أهدافا اقتصاديا باعتبار أن الفرق الرياضية تحولت إلى مؤسسات اقتصادية تدر الأرباح والفوائد، وراحت البلدان تتسابق في احتضان مختلف المناسبات والبطولات لما تدره من عوائد مالية، فضلا عن استغلال نجومها في حملات الإعلان والدعاية للمنتوجات والخدمات. ولا يمكن أيضا أن ننسى البعد السياسي للعبة، فبدون شك أصبحت الكرة وسيلة للتقريب بين الشعوب، والتعرف فيما بينها، وأصبحت وسيلة للحكام للتسويق السياسي عبر نجومها ومشاهيرها خاصة في فترة الحملات الانتخابية، وفرصة للتنفيس عن الجماهير من ضيق الحياة وبؤسها أحيانا. وحتى المنظمات الدولية اعتمدت على المشاهير الرياضيين وعينتهم » سفراء « لها للتسويق لقضاياها الإنسانية. لهذا السبب تحرص جميع البلدان وجميع الفرق على أن تكون حاضرة في المناسبات الكروية الدولية .. والجزائر التي غابت عشرات السنين عن هذه المواعيد، حتى أصبح العالم يقرننا فقط بالإرهاب، ملزمة بالتأهل لكأس العام وكأس إفريقيا .. إنه القدر .. فالعالم كرة قدم..