في مثل هذا اليوم اتخذت الجزائر أهم قرار يتعلق بتأميم أهم مورد طبيعي في البلاد ورئة اقتصادها وهو النفط، لتستكمل بذلك استقلالها الوطني من الاستعمار الفرنسي، بعد أن فتح هذا التاريخ المجال واسعا أمام متغيرات ساعدت الدولة على استغلال هذه الثروة بما يسمح بالاستجابة لمتطلبات الشرائح الواسعة من المجتمع. قرار تأميم المحروقات من القرارات الشجاعة والحاسمة التي أعلن عنها الرئيس الراحل هواري بومدين في خطابه التاريخي الذي ألقاه على الساعة الرابعة من مساء يوم 24 فيفري1971 أمام إطارات الإتحاد العام للعمال الجزائريين بعد المفاوضات الجزائرية الفرنسية بشأن نصوص تضمنتها معاهدة إيفيان الموقعة في 7مارس ,1962 لاسيما ذات الصلة بحماية مصالح فرنسا وامتيازاتها في استغلال ثروات البترول في الصحراء الجزائرية ضمن ما عبرت عنه هذه الاتفاقية بعبارة مبهمة هي »التعاون العضوي« . ولا جدال في أن القرار كان صائبا بإعادة الحق إلى أصحابه الأصليين مما جعل صحيفة »لوموند« تكتب إثر ذلك إن الجزائر أصبحت حاملة لواء الدول البترولية التي تريد التحرر من وصاية الشركات الأجنبية منطلقة في سباق لاسترجاع ثرواتها، حيث تمضي في الطليعة الآن للوصول إلى هذا الهدف، وبالفعل فقد حذا حذو الجزائر في قرار تأميم المحروقات كل من العراق عام 1972 وليبيا عام .1973 ومكن القرار التاريخي لتأميم المحروقات الذي اتخذمنذ42 سنة في هذا القطاع الاستراتيجي من التحكم الفعلي في الثروات الطبيعية من أجل تنمية اجتماعية واقتصادية إضافة إلى الطابع السياسيلتأميم المحروقات إذ سمح للجزائر بالظهور القوي على الساحة الإقليمية والدولية لشركة المحروقات التي كانت في السنة الثامنة فقط من إنشائها. كما تم يوم 24 فيفري 1971 المصادف للذكرى 15 لإنشاء الاتحاد العام للعمال الجزائريين تأميم جميع الفوائد المنجمية المتعلقة بحقول الغاز الطبيعي، وكذا كل الفوائد المحصلة من طرف شركات نقل المحروقات، وتمت التسوية النهائية للخلافات التي نجمت عن هذا القرار بالتوقيع يوم 30 جوان 1971 بين سونطراك و»سي أف بي ا« و يوم 13 ديسمبر من نفس السنة بين سونطراك و»أو أل أف-أو أر ا بي« على اتفاقين حول الشروط الجديدة التي تسير نشاطاتها بالجزائر. ومنذ ذاك، استطاعت سوناطراك أن تتطور بخطى ثابتة، وعرفت كيف تستغل, بشكل صائب حيث واجهت التحدي التقني لاستخلاف الشركات المتعددة الجنسياتورفعت التحدي خلال سنوات قبل أنتبلغ نهاية السبعينات مستوى معتبرا من الاندماج في مختلف المجالات المتعلقةبالصناعة النفطية و الغازية الدولية من التنقيب والإنتاج إلى التسويق. هذا واعتزمت الجزائر رفع إنتاجها من النفط والمكثف وغاز البترول المميع إلى حوالي مليوني برميل يوميا من 2010 إلى 2012 وحققت أعلى المداخيل لها سنة2011 لأن النفط الخفيف الجزائري مطلوب بكثرة في السوق العالمية ، وتميز مستوى إنتاج النفط بنوع من الاستقرار خلال سنة 2011 إلا أن سنة 2012 عرفت تراجعا مستمرا منذ بدايتها وهذا حسب رأي الخبراء في الاقتصاد الذين دعوا إلى تحسين مناخ الاستثمار في قطاع يظل استراتيجيا. من جانب آخر شغل إنتاج الغاز مجالا هاما من السياسة الطاقوية فبعد التأميمأصبح الغاز مصدر طاقة هامة للمجتمع و للصناعة بالإضافة إلى التصدير، فقد عرفت شركة سوناطراك تطورا على الصعيد الدولي بتوسيع نشاطها في العديد من المناطق الأفريقية والعربية والأوروبية وكذا في أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة. جدير بالذكر أن الاحتفال بالذكرى المزدوجة لتأميم المحروقات وتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين سيقام هذه السنة باليزي وبالتحديد في مجمع تيقنتورين في عين أميناس، الذي تعرض إلى اعتداء إرهابي، الشهر الماضي، ويعد اختيار الموقع »إكراما لأرواح ضحايا الإرهاب الهمجي«، وتكريما خاصا للجيش الوطني الشعبي وجميع قوات الأمن الجزائرية، التي أظهرت مرة أخرى تمسكها التام بالجمهورية، وعزمها الثابت على الدفاع عن الإقليم، كل ذلك من أجل رفع »مكانة الجزائر على الساحة الدولية في كل المجالات«، وكذا العمل من أجل تكريس »السلم الاجتماعي، الذي ساهم في تجسيد الكثير من الإنجازات خلال السنوات الأخيرة«. وبعد الاعتداء الإرهابي الذي استهدف الموقع الغازي بمصنع تيقنتورين بولاية ايليزي في 16 جانفي الماضي أكد الرئيس المدير العام لشركة سوناطراك عبد الحميد زرقين أنه من المقرر أن يستأنف الإنتاج بهذا المصنعفي مرحلة أولى من خلال الاشتغال بثلث قدراته الإجمالية التي تقدر ب 9 ملايير متر مكعب سنويا. للتذكير ينتج مركب تيقنتورين الذي دخل مرحلة الإنتاج سنة 2006 الغاز الطبيعي و الغاز المكثف بطاقة إنتاج تبلغ 9 ملايير متر مكعب في السنة انطلاقا من حقول تيقنتورين وحاسي فريدة و حاسي أوان ابيشو و وان تاردرت وقد سمح المركب الذي يشرف عليه بالشراكة مجمع سوناطراك »الجزائر« و برتيتش بتروليوم« بريطانيا و»ستاتويل« النرويج والذي كلف إنجازه ملياري دولار بزيادة حجم الصادرات الجزائرية من الغاز باتجاه السوق الأوروبية.