جدد الفنزويليون الولاء لقائدهم هوغو شافيز ونفذوا وصيته بانتخاب نائبه نيكولاس مادورو رئيسا للبلاد، ورغم احتجاجات المعارضة التي طالبت بإعادة فرز أوراق التصويت، وهو مطلب وافق عليه مادورو دون تردد، فإن النتيجة كانت متوقعة. هذه النتيجة تؤكد أن شافيز لم يكن مجرد شخصية كاريزمية، وأن فوزه في كل الانتخابات التي خاضها لم يأت صدفة، ولم يكن نتيجة قدراته البلاغية وتحكمه في فن الخطابة، فالملايين الذين منحوا أصواتهم أمس لمادورو كانوا يريدون في الحقيقة الاستمرار على نهج شافيز، نهج يقوم على الانحياز للفقراء وعلى السعي إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من العدالة في توزيع الثروة، وتوفير فرص متكافئة لأغلبية المواطنين. في المقابل لم تفلح الدعاية الإعلامية في الخارج وفي الداخل في إثارة الشك في نفوس الفنزويليين الذين يراقبون عن كثب ما يجري في أمريكا اللاتينية حيث يعيش الملايين الدول التي اختارت السير في الركب الأمريكي تحت رحمة الشركات الأمريكية التي استعبدت شعوبا بكاملها كما هو الحال في المكسيك، وخرب البيئة وجعلت دولا مثل كولومبيا محميات هي أشبه بالمستعمرات. انتخاب مادورو هو أيضا هزيمة لأمريكا التي تآمرت على الراحل شافيز ودعمت الانقلابيين الذين أرادوا الاطاحة به قبل أن يصفعها الشعب الفنزويلي الذي نزل إلى الشارع لتثبيت رئيسه الذي فرض احترامه على الجميع حيا وميتا، وقبل هذا وذاك يمثل انتخاب مادورو درسا في الديمقراطية التي أرادت الدعاية الغربية أن تربطها بالليبرالية والرأسمالية رغم أن كل الحقائق تقول أن عدو الديمقراطية والحرية هو النظام الرأسمالي. صناديق الاقتراع قد تنتج أنظمة ثورية عندما يقتنع الناس بالسياسات لا بالأشخاص، وهذا درس للمستبدين الذين يتشبثون بالكرسي دون الاستناد إلى أي شكل من أشكال الشرعية الشعبية بدعوى أن بقاءهم تبرره مقاومتهم للإمبريالية والمؤامرات الخارجية.