في إطار النشاطات الثقافية والفكرية التي تقوم بها جمعية العلماء المسلمين من أجل المساهمة في البناء الفكري للمجتمع اجتماعيا وثقافيا وربطة بالماضي المجيد، نظمت شعبة ليشانة ولاية بسكرة الندوة الفكرية الثانية والتي تزامنت مع الذكرى الثانية والثمانون لتأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. انطلقت فعاليات الندوة لمعالجة ودراسة أثر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في إصلاح المجتمع وتوعيته ومساهمتها في تحرير العقول والأبدان من الإستدمار الفرنسي وكذا تحرير الفكر المنحرف الذي يدعو إلى انحرافه والاستكانة والرضا بالحكم الرامي إلى طمس الهوية الوطنية. ولدى افتتاحه أشغال الملتقى ركز الدكتور فرج الله محمد على الدور الريادي الذي لعبته الجمعية في إصلاح المجتمع ومساهمتها في بعث الفكر التحرري للمجتمع. ومن جهته تناول بن عطا الله كمال رئيس شعبة ليشانة الكلمة ركز فيها عن فكرة تأسيس الجمعية ودور روادها في التضحية ونكران الذات وما قامت به من دور فكري وحضاري شهد به الأعداء قبل الأصدقاء. وكانت لهم القيادة والريادة الفكرية للمغرب والعالم العربيين، وذلك بفضل الشيوخ والعلماء وفي مقدمتهم رائد النهضة الإسلامية الشيخ عبد الحميد بن باديس، وكذا الأديب الملهم محمد البشير الإبراهيمي ومحمد السعيد الزاهري والطيب العقبي والعربي التبسي وامبارك الميلي وخير الدين الطولقي وأحمد سحنون وفرحات الدراحي اللشيانيين وغيرهم من العلماء رحمهم الله، مؤكدا بأن الجمعية انطلقت في بدايتها بوسائل بسيطة ولكنها فعالة مثل المدارس الحرة التي بلغ عددها حوالي 200 مدرسة عبر الوطن وكذلك الصحف الصادرة آنذاك من المنقذ إلى اللواء وصدى الصحراء والشهاب والبصائر والإصلاح والشريعة والسنة. وفي نفس السياق أكد رئيس شعبة ليشانة بأن جهود الجمعية توجت بحيل مجاهد حرر البلاد والعباد من أغلال الاستعباد والهيمنة الاستعمارية. ومن جهة أخرى تناول الأستاذ بلعيث محمد الأمين رئيس المجلس العلمي بجامعة الخروبة الكلمة تناول فيها المراحل التاريخية لتأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ونفسية هؤلاء العلماء في التلاحم والتآخي وحبهم لوطنهم مركزا على الصفات الخلقية للإمام عبد الحميد بن باديس حيث فصل في ظروف نشأنه وعناصر شخصيته ومحيط تربيته ليعتبر بأن مدينة قسنطينة كانت آنذاك تعيش في مناخ فكري وإصلاحي خاصة بعد زيارة محمد عبده سنة 1917 هذه المدينة، كما لم يفوت المحاضر الكلمة ليتحدث بإسهاب عن شخصية الشيخ محمد البشير الإبراهيمي من حيث نشأته إلى وصوله إلى رئاسة المجمع العربي. كما تناول الكلمة الأستاذ المبروك بولقرون ركز فيها عن العلاقة والأثر بين دعوة رائد النهضة ابن باديس ومحمد عبده حيث فصل في الرؤية التي اختلطت على الكثير، مبينا موقف الشيخ عبد الحميد بن باديس من السياسة الاستعمارية من حيث الإدماج والفرنسة وقصة التنصير. وفي نفس الإطار تحدث الدكتور عبد الرؤوف دبابش رئيس الشعبة بولاية بسكرة عن الدور الإصلاحي والبناء الفكري الذي انتهجته الجمعية في تكوين جيل يأخذ على عاتقه تحرير الجزائر وكان ذلك الأمر بتوفيق من الله وحده وإخلاص علماء الجمعية. ومن جهة أخرى تطرق الأستاذ نصر الله مصمودي في مداخلته عن أعلام المنطقة وخص منطقة ليشانة بالقسط الوافر ليؤكد الأستاذ فوزي مصمودي مؤسس الجمعية الخلدونية الرائدة في الدراسات التاريخية في مداخلته على الدور الريادي الإصلاحي الذي قام به شيوخ وعلماء الجمعية في توعية المجتمع بكل أطيافه. وعلى هامش انعقاد هذه الندوة عرض الأستاذ عبد القادر صيد كتابه الخاص بالشيخ أحمد سحنون الذي تكفلت باصداره جمعية الخلدونية للدراسات التاريخية ليقدم منشط الندوة محمد يس قصيدة شعرية رمزية عن ليشانة أبكت وأثرت في الكثير من الحاضرين. كما تم عرض كتاب »مسيرة علم وإصلاح« لمؤلفه كمال بن عطا الله تناول فيه مجهودات الجمعية في الإصلاح وعرض خاص لمنهج الجمعية في فهم الدين? وفي الأخير توجت أشغال الجمعية ببيان شكر وعرفان إلى كل من ساهم في رعاية الندوة من المدافعين عن العلم والمعرفة وعلى رأسهم الكاتب الصحفي نذير بولقرون المدير العام لجريدة »صوت الأحرار«.