الشيخ أحمد سحنون قامة أدبية وعلمية ونضالية كبيرة شهد لها الداني والقاصي بالرسوخ الإصلاحي التربوي، وبالعلم والتمكن من الأدب شعرا ونثرا، ونظرا لمكانة هذا العلاّمة الجليل أصدرت الجمعية الخلدونية للأبحاث والدراسات التاريخية كتابا حول حياته وسيرته وأعماله، من تأليف الأستاذ عبد القادر صيد. «الشيخ أحمد سحنون الأديب المصلح”، بهذا العنوان تُوّجت سيرة هذا العلاّمة الكبير، وبهذا التصدير كانت فاتحة كتابه: ”فالاتحاد من صميم الإسلام، فمن لا يعنيه الإسلام لا يعنيه أن يتحد المسلمون ..”. الشيخ أحمد سحنون حياته كلها نضال وجهاد وتربية، يقول الأستاذ فوزي مصمودي في تقديمه لهذا الكتاب: ”الشيخ أحمد سحنون المصلح حسّان الحركة الإصلاحية، وأحد القامات السامقة في سماء المشهد الأدبي الجزائري المعاصر، وأحد أركان الحركة الإصلاحية والوطنية التي عرفتها الجزائر في النصف الأول من القرن العشرين ..”. الكتاب تَوزع على 293 صفحة من القطع العادي، وقد قسّمه المؤلف إلى تسعة محاور رئيسة؛ حيث تناول في المحور الأول التعريف ببلدة الشيخ أحمد سحنون ليشانة؛ موقعها، طابعها، لشانة العتيقة وليشانة في عيون الكتاب وثورة الزعاطشة. المحور الثاني خصّه لحياة المترجم الشيخ أحمد سحنون؛ النشأة، تعليمه، شيوخه، معاصروه، زواجه، رحلته إلى العاصمة والبقاع المقدسة، سجنه، مرضه، بعد الاستقلال، محاولة اغتياله، رحيله وآثاره. أما المحور الثالث من الكتاب فقد تناول فيه المؤلف شعر الشيخ أحمد سحنون، موهبته، مدرسته الشعرية، مكانته الأدبية، مميزات شعره، الغزل عند سحنون والمراسلات الشعرية. وفي المحور الرابع من الكتاب تم تسليط الضوء على شخصية أحمد سحنون الإصلاحية ولقاءاته مع رواد النهضة الإصلاحية؛ عبد الحميد بن باديس والشيخ البشير الإبراهيمي، كما تطرق إلى مدرسته ببولوغين ونشاطه، ودرس المؤلف دور أحمد سحنون في الصحافة؛ نضاله في ”الشهاب” و”البصائر”، مقالات أحمد سحنون وتعليقاته ورأيه في التعليم. وتطرّق المؤلف في المحور السادس من الكتاب لدور الشيخ أحمد سحنون في الثورة: تنبّؤه بالثورة، الشيخ أثناء الثورة ونضاله الثوري، كما تناول المصنَّف الشيخ سحنون الإنسان وما قيل عنه، وأقوال أحمد سحنون النثرية، لينتهي بنماذج من شعره، ويخلص في الأخير إلى الملاحق. ينقل لنا المؤلف اللقاء الأول الذي جرى بين الشيخ عبد الحميد بن باديس والشيخ أحمد سحنون على لسان هذا الأخير؛ حيث يقول: ”كان أول لقاء عرفت فيه مؤسس النهضة بنادي الترقّي بواسطة الشيخ فرحات بن الدراجي، رحمه الله، فسألني: ”ماذا طالعت؟”، فارتبكت لأني إلى ذلك العهد لم أكن طالعت شيئا ذا بال، وأخذت أسرد له طائفة من الروايات والأقاصيص وكتب الأدب الحديثة، فنظر إليَّ نظرة عاتبة غاضبة وقال: ”هلّا قرأت ”عيون الأخبار” لابن قتيبة؟ هلّا قرأت ”العقد الفريد” لابن عبد ربه؟ هلاّ قرأت ”الكامل” للمبرد بشرح المرصفي؟ واسترسل كالنهر في سرد الكتب الخالدة، فكانت هذه الكلمة أنفع ما سمعته من كلام في حياتي كلها”. الكتاب صدر عن الجمعية الخلدونية للأبحاث والدراسات بسكرة ”2013”.