عندما احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان السوري وسيناء المصرية بعد حرب خاطفة في سنة 1967 قال الإسرائيليون سنجلس وننتظر تلفونا من العرب، بعد عشرة أعوام من ذلك لم يرن الهاتف بل جاء الرئيس المصري بنفسه ليدق أبواب الكنيست الإسرائيلي، وبعدها مباشرة بدأت التنازلات تتوالى. التنازل الذي بدأ فرديا تحول إلى اعتراف جماعي بإسرائيل فيما سمي بالمبادرة العربية للسلام التي اعتمدتها قمة بيروت سنة ،2002 وهذه المبادرة التي كتبها توماس فريدمان، تضمنت اعترافا عربيا جماعيا بإسرائيل، والتزاما بالتطبيع الكامل معها إن هي قبلت بقيام دولة فلسطينية، وكان رد إسرائيل على لسان رئيس وزرائها المجرم أرييل شارون بأن هذه المبادرة لا تساوي الحبر الذي كتبت به. بعد عشرة أعوام أو أكثر بقليل، جاء من يقول إن العرب يقبلون بتعديل هذه المبادرة بما يسمح للفلسطينيين بإجراء تبادل للأراضي مع الفلسطينيين، أي أنه سيكون بإمكان إسرائيل الاحتفاظ بالمستوطنات والطرق الالتفافية، على أن يمنح الفلسطينيون تعويضات من الأراضي التي تراها إسرائيل أقل أهمية. إسرائيل لا تعلق، هي منشغلة بضرب سوريا والتحضير لمرحلة اللادولة في هذا البلد العربي، ولن يضرها في شيء انتظار عشر سنوات أخرى، فإسرائيل لا تمل من الانتظار، والعرب لا يملون من التنازل. الدولة الفلسطينية، التي تحدث عنها العرب وبوش وأوباما والأوروبيون، لم تعد تشمل كل أراضي ،1967 وهي بالتأكيد لن تضم القدس، ولن يعود إليها اللاجئون، ومع هذا فإن إسرائيل لا تستعجل الموافقة، فمستقبل العرب يصنع في المعارك على الأرض، وكفة إسرائيل سترجح بفضل أموال خدام أمريكا من العرب، والمفاوضات لا تحسم بالخطب ولا بالشعارات بل بالدبابات والطائرات والصواريخ. بعد عشرة أعوام لن تكون هناك قضية فلسطينية ولا مشروع دولة، سيكون هناك وطن بديل وتوطين للاجئين، تلك خطط تحدث عنها الإسرائيليون في ستينيات القرن الماضي وتحلوا بالصبر من أجل تجسيدها، وغيروا الخرائط بالحروب لا بالاستناد إلى الحق التاريخي.