هواة السياسة في الجزائر لا يفرقون بين ما هو مقبول وممكن الحديث عنه والمطالبة به، وبين ما لا يصح سياسيا ودستوريا ولا يليق أخلاقيا وإنسانيا مجرد الحديث عنه فما بالك تحويله إلى مطلب، وإلا كيف نفسر الضجيج والفوضى التي تحاول بعض الأحزاب المغمورة أن تحدثها على الساحة السياسية من خلال محاولة الدعوة إلى تفعيل المادة 88 أولا و بإجراء رئاسيات مسبقة. من يتابع تصريحات بعض الأحزاب والشخصيات السياسية في الجزائر هذه ينتابه إحساس أن السماء سوف تسقط فوق رؤوس الجزائريين، والسبب هو الوعكة الصحية التي ألمت برئيس الجمهورية مما أدى إلى إدخاله مصحة »فال دوغراس« للعلاج ومن ثمة الخلود لفترة محددة للراحة والنقاهة. لكن العديد من الأحزاب والشخصيات المغمورة والتي لا يكاد يعرفها أو يسمع بها غالبية الرأي العام تداعت منذ أيام لرفع مطلب تفعيل المادة 88 من الدستور والتي تتعلق بإعلان المجلس الدستوري عجز رئيس الجمهورية عن متابعة مهامه وعندما فشلوا في تحقيق هذا المطلب انتقلوا للمطالبة بضرورة إجراء انتخابات رئاسية مسبقة. بغض النظر عن الجانب الإنساني والأخلاقي المتعلق بمرض رئيس الجمهورية الذي هو في نهاية الأمر بشر ويمكن أن يتعب ويمكن أن يمرض حاله حال الجزائريين وكل المسؤولين، والتاريخ يخبرنا عن عشرات الرؤساء تعرضوا إلى وعكات صحية وأحيانا صعبة وخطيرة وعادوا بعد ذلك لممارسة مهامهم دون أن تتوقف الحياة في الدول التي يديرونها. لكن الجانب السياسي والدستوري والقانوني في دعوات إجراء انتخابات رئاسية مسبقة فيها من العطب والخلل ما يجعل هكذا مطالب مجرد ضجيج إعلامي وسياسي بهدف التموقع على الساحة السياسية ونحن على بعد أشهر قليلة على الموعد الفعلي لهذه الانتخابات. من الناحية الإجرائية والدستورية البحتة يستوجب الذهاب إلى انتخابات رئاسية مسبقة ضرورة إعلان المجلس الدستوري عن شغور منصب الرئاسة وهذا لا يحدث إلا في حالتين؛ الأولى الوفاة والثانية الاستقالة وهاتين الحالتين غير متوفرتين حاليا. أما محاولة اللجوء إلى تفعيل المادة 88 من الدستور لإعلان عجز رئيس الجمهورية عن أداء مهامه فهي غير ممكنة أيضا، لأن الوضع بالنسبة للمجلس الدستوري يتعلق بنقطة واحدة وهي هل غياب الرئيس في عطلة مرضية ونقاهة يؤثر على تسيير شؤون الدولة أم لا، والحال أن مؤسسة الرئاسة تعمل بشكل عادي، وبالتالي لا مجال لتفعيل المادة 88 من الدستور ومن هنا يصبح الحديث عن إجراء انتخابات رئاسية مسبقة في الجزائر مجرد زوبعة في فنجان الغرض منها لفت النظر وتحقيق تغطية إعلامية وصحفية لبعض الفاشلين والمغمورين. الأهم من ذلك وما يجعل من موضوع الانتخابات الرئاسية لا حدث هو التقارير والأخبار التي تداولت على مستوى مقرب جدا من الرئيس بوتفليقة والتي تتحدث بشكل جدي عن قرب انتهاء فترة نقاهة رئيس الجمهورية وعودته إلى أرض الوطن سالما معافى ، وتتحدث هذه المصادر أن مكتب رئيس الجمهورية يكون قد أعد أجندة ثرية ومكثفة للرئيس بوتفليقة في الفترة القليلة القادمة وعلى رأس هذه الرزنامة متابعة ملف التعديلات الدستورية والتي يراهن عليها رئيس الجمهورية لاستكمال مشروع الإصلاحات السياسية التي باشرها في أفريل .2011كل هذه العناصر مجتمعة أو عنصر منها على الأقل كاف لدحض وجعل مطلب الانتخابات الرئاسية المسبقة غير مؤسس وغير ممكن وغير مقبول.