حاول رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في كلمته أمس أمام نواب المجلس الشعبي الوطني جرّ الجزائر وتوريطها في النزاع الدائر في سوريا حين راح يرافع لصالح مشروعية مطالب الشعب السوري في التحول الديمقراطي ويعدّد ما اعتبرها جرائم الرئيس بشار الأسد في حق شعبه والتي قال إنها فاقت دموية جرائم والده حافظ الأسد، ليخلص في حديثه عن الملف السوري بالقول »إننا نشكر الجزائر لدعمها هذا الرأي«. تطرق رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في كلمة استغرقت 25 دقيقة ألقاها أمس أمام نواب الشعب بمقرّ المجلس الشعبي الوطني بإسهاب إلى العلاقات الثنائية بين الجزائر وتركيا برائحة وعبق التاريخ تارة وبلغة المصالح والاقتصاد تارة أخرى واجتهد أردوغان في رسم أفاق تطوير هذه العلاقات مستقبلا وما يمكن أن يحققه التعاون المشترك للبلدين من ازدهار ورقي. وقد اعتلى أردوغان المنصة التي خصصت له في قاعة الجلسات العامة للمجلس الشعبي الوطني في حضور أغلب النواب باستثناء نواب حزب العمال الذين قاطعوا الخطاب احتجاجا على القمع الذي يتعرّض له المتظاهرون في تركيا منذ أيام وهو الحدث الذي تجاهله رئيس الوزراء التركي في كلمته رغم كونه قد حرص على الخوض في مختلف القضايا الإقليمية وما تعرفه المنطقة من تحولات لا سيّما الوضع في تونس ومصر وليبيا ومالي وسوريا. ولعلّ الملف السوري من أهم الملفات السياسية التي حملها رئيس الوزراء التركي في حقيبته خلال زيارته إلى الجزائر حيث حرص في كلمته على تبرير موقف بلاده من النزاع السوري عندما قال »نحن ندعم خيار الشعب السوري في مطالبته بالتحول الديمقراطي ومستمرون في هذا الموقف« ومن وجهة نظر أردوغان فإن المجتمع الدولي من واجبه أن يدعم المطالب المشروعة للشعوب. وراح أردوغان بلغة الأرقام يحصي أمام نواب الشعب أعداد اللاجئين السوريين الذين توافدوا على تركيا منذ بداية الأزمة وما وفرته لهم تركيا من إمكانيات استقبال سواء مخيمات أو منازل كما أحصى عدد قتلى الأزمة السورية والذين فاق عددهم المائة ألف بسبب دموية وإجرام الرئيس السوري بشار الأسد، وجزم ب»أنه أي الرئيس السوري قد فاق في إجرامه ودمويته والده حافظ الأسد«، مشددا بالقول »لا يمكن أن نعفو عنه هو سيدفع الثمن إن آجلا أم آجلا« رئيس الوزراء التركي الذي يخطب لأول مرة أمام نواب المجلس الشعبي الجزائري في ثاني زيارة له إلى الجزائر، ذهب إلى القول في ختام حديثه عن الملف السوري »أشكر الجزائر لدعمها هذا الرأي« في إشارة منه لموقف تركيا من النزاع السوري، وهي الجملة التي أثارت ذهول واستغراب الحضور ولم يجدوا من تعقيب عليها سوى الصمت ونظرات التساؤل لأن موقف الجزائر الرسمي والمعلن عنه في أكثر من مناسبة رسمية هو الدعوة إلى الحوار بين الأشقاء السوريين لحل النزاع ورفض التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي للدول. ودافع رئيس الوزراء التركي عن ما تمرّ به دول ما يسمى بالربيع العربي من اضطرابات وفوضى واعتبرها ضريبة حتمية تدفعها هذه الدول في مرحلة الانتقال الديمقراطي وأنها ستتجاوزها بفضل التضامن الدولي والإقليمي. وفي الشق الاقتصادي للزيارة التي يقوم بها رجب طيب أردوغان إلى الجزائر، فقد حرص ضيف الجزائر على عرض التجربة التركية في النمو وما حققته خلال العشرية الأخيرة بلغة الأرقام في شتى المجالات سواء الدخل القومي أو الاحتياطي من العملة أو تراجع المديونية والتضخم مما جعلها في مصاف الدول الأولى في أوروبا وفي العالم ولم تتأثر في الأزمة التي عرفتها أوروبا في السنوات الخمس الأخيرة، ودعا الجزائر إلى تسهيل مهمة المستثمرين الأتراك للمساهمة في إعطاء دفع للاقتصاد الوطني. وأعرب أردوغان عن أمله في رفع تأشيرة الدخول الجزائر وتركيا قائلا »لقد أزلنا التأشيرة مع 70 دولة ولما لا تكون الجزائر من بين هذه الدول«، معتبرا تحقيق مثل هذا الهدف سيعطي قفزة نوعية للسياحة بين البلدين، وعلّق بالقول »بما أنه لا توجد عراقيل أو حدود بين قلوبنا فلم لا نزيلها بين بلدينا« كما قال إنه سيسعى خلال زيارته هذه ومحادثاته مع المسؤولين الجزائريين إلى توسيع التعاون الجوي بين الجزائر وتركيا حتى لا يقتصر على الربط بين الجزائر واسطنبول بل ليمتد إلى المدن الجزائرية الأخرى وزيادة عدد الرحلات الأسبوعية بين البلدين .