فارق »عبد السلام بوشطة«الحياة، وسيوارى الثرى اليوم بعد صلاة العصر، بمقبرة سيدي امحمد ببودواو، بعدما خضع لعملية جراحية دقيقة لم تكلّل بالنجاح، بمصلحة جراحة الكبد والجهاز الهضمي بفرنسا، وكانت »صوت الأحرار« قد تابعت حالة عبد السلام ونشرت نداءه الذي وجّهه مباشرة لذوي القلوب الرحيمة، فكان أن جمع الفقيد مبلغ 12871431 يورو، أي ما يعادل مليار وأربعمائة سنتيم لإجراء العملية، ولكنّ لا راد لقضاء الله. كانت خطوة نتشرّف بها ونحن ننشر نداء السيد»عبد السلام بوشطة«، الذي كان يعاني من حالة استعصت على الأطباء في الجزائر وشخّصها البروفيسور »لورو هنّون« بضرورة خضوعه لعملية عاجلة لزرع كبد، تحدّثنا إليه ونقلنا معاناته بأمانة، وكانت رغبته وقتها جمع مبلغ مليار وعشرة ملايين سنتيم، حيث كان ينقصه قبل أسبوع فقط من موعد إجراء العملية مبلغ 610 مليون سنتيم، لم يفلح عبد السلام ولا المحسنين من أمثال »ناس الخير« »مسلم دي زاد« وغيرهم كثير، في استكمال المبلغ كلّه في حينه، ولكن إرادة الجميع ورغبتهم الجامحة في تقديم يد العون للمريض، جعل المبلع يستوفى وموعد العملية يحدّد في وقت لاحق، ليسفّر عبد السلام بفضل مجهوداتهم إلى العلاج بفرنسا. هؤلاء نجحوا في جمع12871431 يورو، أي ما يعادل مليار وأربعمائة سنتيم، الذي حدّدته إدارة المستشفى لإجراء العملية، بدأت الرحلة بتكاثف الأيدي، وبوضعها الواحدة فوق الأخرى سفّر عبد السلام للعلاج بفرنسا ولكن شاء الله أن يأخذ أمانته ولا راد لقضائه، حيث توفي عبد السلام بعد خضوعه للعملية الجراحية، تاركا وراءه أربعة أطفال. يذكر أنّ الفقيد عبد السلام سيق له وأن خضع لعملية جراحية بمستشفى الرويبة، استأصل خلالها العضو المصاب »الطيحال« بوزن خمس كيلوغرامات، عملية ظن عبد السلام أن الخضوع لها سينهي مأساته مع المرض وإجراء التحاليل والأشعّة، بل والرحلات الماراطونية التي كان يقودها باتجاه المستشفيات لعلّه يظفر بسرير بها، ولكنّ آلامه تضاعفت بشكل لا يمكن تحمّله. عاد عبد السلام إلى عمله كعون أمن، كما سرد لنا قبل وفاته، ولكنّ الآلام باغتته مرّة أخرى، مصاحبة لغثيان، دوخة وفشل على مستوى قدميه، فطرق باب مستشفى الرويبة مرّة أخرى ولكن الأطباء لم يشخّصوا حالته، بينما أخبره طبيب خاص استنادا لنتائج التحاليل والأشعّة التي خضع لها أن مرضه يكمن في انتفاخ الكبد، حيث منح له رسالة استعجالية للعلاج بمستشفى الرويبة، هناك مكث شهرين ولكن الأطبّاء لم يشخّصوا حالته بدقّة، ماعدا القول أن ما يشكو منه انتفاخ على مستوى الكبد يمكن التعايش معه. ولكن »التعايش« مع انتفاخ الكبد، جعل عبد السلام يتخبّط وسط آلام لا تطاق، بل هي »قمّة الوجع« كما أخبرنا قبل وفاته، لتتضاعف حالته نحو الأسوأ، الأمر الذي حتّم عليه تدبّر حاله، والتوجّه نحو الخواص، هناك حدّدوا له أن ما يشكو منه إلى جانب انتفاخ الكبد وجود »الماء« على مستوى بطنه، مما جعله يخضع لعمليات نزع الماء بمستشفى الرويبة، أين بقي على هذه الحالة مدّة شهرين، عمليّة نجحت في نزع ستّ لترات ماء من بطنه، ولكنّها لم توقف الآلام التي تواصلت. ليطرق عبد السلام مستشفى الرويبة مرّة أخرى، أملا في تخليصه من الألالم التي تنخر بطنه، ليخبره الأطباء أن علاجه بالخارج، ومنحوا له أقراصا مهدّئة، بدورها لم تقض على أوجاعه، فطلب منه الأطباء إجراء التحاليل ليشخّصوها بالقول »الكبدة تاعك راهي راحت« وأنه يلزمه عملية »زرع كبد«. عبد السلام أرسل بالتقرير الذي منحه له مستشفى الرويبة ومصطفى باشا إلى مصلحة جراحة الكبد والجهاز الهضمي بمستشفى باريس، هناك شخّص البروفيسور »لورو هنّون« حالته بضرورة خضوعه لعملية عاجلة لزرع كبد، وحدّد له تاريخ 28 مارس الفارط لإجرائها.. وفيما أجرى الفقيد العمليّة.. شاءت الأقدار أن يرحل عنّا عبد السلام إلى الأبد، ولا يسعنا اليوم سوى القول إنا لله وإنا إليه راجعون..