بعد أن كانت ولادته طبيعيّة وقضى مرحلة الطفولة بصحّة جيّدة وفي حالة عاديّة رفقة أصدقائه وأبناء الحي الذين يقيم فيه بوهران، لم يكن أحد من أفراد عائلته يتوقّع المرض الغريب الذي أصاب فجأة الابن »ب.جيلالي« حين بلغ ال11 من العمر وغيّر مجرى حياته التي تحوّلت إلى كابوس مفزع جعله يلتزم الفراش لعدّة سنوات، بالرغم من الصبر العميق على إعاقته التي ظن أنّها ستشفى بمجّرد إجراء عمليّة جراحيّة بالخارج. بعد أن تقدّم في السن وبلغ به المرض أخطر المراحل أصبح الجيلالي صاحب ال45 حولا محتميا بدفء العائلة التي عاشت برفقته كل مراحل وأطوار المرض، غير أن مرور الدهر وانقضاء السنين على غبنه جعله في حالة يأس وقلق مستمرين، ما من مستجيب لصراخه ولا سامع لنداءاته المتكرّرة سوى جدران غرفته التي قضى بها شوطا من حياته التي أبى إلاّ أن يرويها بكل ثأثر على صفحات الشروق علّها تلقى صدى بين قلوب المسؤولين والقادرين على بعث الأمل من جديد وتحقيق حلم الوقوف على ساقيه مرّة أخرى.بدأ الجيلالي يلاحظ تغيّرات فيزيولوجيّة على مستوى اليد وأطرافه السفليّة بصفة تدريجيّة حتّى طالت التقعصّات مفاصله وهو في سن ال11 ، ليتطوّر هذا المرض النادر بعد مرور سنتين من بروز أولى أعراضه المتمثّلة في عجزه عن تحريك أطرافه والعجز عن السّير، إذ أصبح مقعدا بصفة كليّة بعد أن بلغ 13 سنة. هذا الوضع دفع بالعائلة المتواضعة إلى البحث عن سبل التكفّل الطبّي به ونهج طرق العلاج لتمكين فلذة كبدها من الشّفاء، فما كان عليهم سوى التفكير بنقله إلى الخارج للخضوع إلى المعاينة من قبل الأخصّائيين وبالتالي إجراء عمليّة جراحيّة جدّ معقّدة، إذ استدعى الوضع قضاء 5 سنوات بإحدى المستشفيات بفرنسا حيث أُجريت له عام 1983عمليّة زرع لعضو اصطناعي يمكّنه من الوقوف والسّير تدريجيا على قدميه، وبعد مدّة من إجراء العمليّة التي كانت ناجحة استعاد الجيلالي قدرته على المشي لكن بخطوات بطيئة، إلى أن بدأ يحسّ بتراجع مستمر بعد فترة. ليخضع بعد أن عاد إلى وهران لمجموعة من التحاليل والكشوفات الطبيّة التي أوضحت أن العضو الاصطناعي المزروع على مستوى الركبتين أصبح مهترئاً وهشّا إلى درجة استحال تحريك المفاصل واستلزم الحال أن يقضي سنة كاملة بالعيادة المتخصّصة في طب العظام »فلاوسن« بوهران التي اتصلت بدورها باللّجنة الطبيّة الوطنيّة بمستشفى مصطفى باشا لدراسة ملفّه والتكفّل بإجراء عمليّة بالخارج، وفقا لتقرير ممضى من قبل أحد الأخصائيين بوهران يفيد باستعصاء الخضوع للعلاج بالجزائر لعدم وجود مختصّين في مثل هذه العمليّات الخاصة بالزرع على مستوى الركبتين، بالإضافة إلى عدم توفر هذا العضو الاصطناعي الذي يصل ثمنه إلى حوالي 6000 أورو أي 60 مليون سنتيم عن طريق استيراده، غير أن ردّ اللّجنة الطبيّة الوطنيّة كان بالتكفّل بوضعيّة المريض في الجزائر، علما أنّه منذ ذلك الحين لم يتلقّ أيّ تكفّل طبّي من قبل الأطبّاء المحلّيين الذين يكرّرون في عدّة مناسبات أن حالته لا تعالج بالوطن بل بالمستشفيات الأجنبيّة... ليبقى الجيلالي رهين القرار الذي وصفه بالظالم والتعسّفي إلى أن أصبح مقعدا مرّة أخرى منذ ما يزيد عن 15 شهرا، وهو الحال نفسه الذي وجدناه عليه أثناء زيارتنا له، ناهيك عن الآلام القويّة التي أصبح يعاني منها بسبب العضو المزروع زادها انتفاخ الركبتين متسبّبتين في ظهور حفرة واسعة تفرز السوائل بصفة مستمرّة.ووسط عجزه عن تأمين تكاليف العلاج بالخارج وتجاهل المعنييّن لحالته، لم يجد الجيلالي سوى توجيه نداء استغاثة إلى وزير الصحّة وكل المختصّين للتدخّل قصد وضع حدّ لعذابه المرير وتمكينه من الشفاء عن طريق تغيير العضو الاصطناعي. علما أن من عاينه ألحّ على ضرورة إجراء العمليّة التي يعجز على توفير مبلغها.