وزير التربية الوطنية أبوبكر بن بوزيد يشجع المدارس الخاصة في الجزائر على إعطاء الأولوية للغة الإنجليزية بعد العربية، وحجته أن هذه اللغة هي حامل العلوم والمعارف في عصرنا. ما قاله بن بوزيد أمر معروف، والحديث عن تمكين تلاميذ الجزائر من هذه الأداة المعرفية الضرورية يعود إلى سنوات بعيدة، ونحن نذكر كيف تم الانقلاب على وزير التربية الأسبق علي بن محمد لأنه تجرأ على منح أولياء التلاميذ فرصة الاختيار بين الفرنسية والإنجليزية، وقد وزعت أسئلة البكالوريا في محلات البقالة والخضر والفاكهة حتى لا تبقى للوزير فرصة للاحتفاظ بمكانه وتطبيق أفكاره، وكانت أشهر الإصلاحات التي جاءت بها لجنة إصلاح المنظومة التربوية هي فرض تعليم اللغة الفرنسية على التلاميذ بداية من السنة الثانية ابتدائي قبل إقرار تعديل آخر بجعل السنة الثالثة ابتدائي هي سنة بداية تدريس الفرنسية، وليس لغة أجنبية أخرى، رغم أن الحديث كان يجري على ضرورة التفتح على اللغات الأجنبية، ورغم أن الوزير لا يمل من التذكير بأن فرنسا، وهي المثل الأعلى لأولي الأمر منا، لا تدرس اللغات الأجنبية لتلاميذها في الطور الابتدائي. كان الأولى ببن بوزيد أن يطبق نصائحه في المدرسة التي يتولى أمرها من سنين بعيدة، فإذا كانت اللغة الإنجليزية هي حامل العلوم والمعارف في عصرنا، وبنسبة ثمانين بالمائة كما يقول الوزير، فإن المدرسة الجزائرية تصر على حرمان أبناء الجزائر، وإطاراتها في المستقبل من هذه الأداة وما يترتب عن هذا الحرمان من تخلف عن ركب الحضارة الإنسانية. المدارس الخاصة فشلت والنتائج تثبت ذلك، وهي فشلت حتى في تقديم الشهادة لتلاميذها، والمدرسة العمومية ليست بأحسن حال، فهي تضمن الشهادة ولا تقدم العلم والمعرفة، وأن ينصح الوزير الخواص بتعليم الإنجليزية فأولى بالمدرسة العمومية أن تستفيد من نصائح الوزير، والأقربون أولى بالمعروف، وإذا كانت المدارس الخاصة قد جاءت لخدمة من يريدون لأبنائهم أن يتعلموا بالفرنسية وأن يدرسوا المناهج الفرنسية، وهم أحرار في ذلك، أما الفرنسية في المدارس العمومية فهي مفروضة على الجميع وعلى حساب لغة العلم والمعرفة حتى لا نتحدث عن مصيبة العربية في هذا البلد.