يبدو أن المؤسسة العسكرية قد قررت هذه المرة الكلام ولتواصل مع الجزائريين لكن في الوقت المناسب فقط وبعد تتبع مسلسل النقاش الذي تجاوز المستويات المألوفة ليخوض في خلافات مزعومة قيل أنها وصلت حد الصدامات وتصفية الحسابات بين الرئيس ومن يسمون بخصومه داخل جهاز المخابرات وهذا على خلفية التغييرات التي أجراها الرئيس على بعض مصالح مديرية الاستعلامات والأمن تم ربطها مباشرة بالاستحقاق الرئاسي المقبل. وضعت المؤسسة العسكرية حدا للنقاش الذي تواصل على مدى أيام طويلة والذي خاض في مختلف الأطروحات بخصوص التغيرات التي أجراها رئيس الجمهورية على الجيش وعلى بعض المصالح التابعة لمديرية الاستعلامات والأمن زالمخابراتز، وكانت مجلة زالجيشز كالعادة هي القناة التي مررت عن طريقها الرسالة لمن يهمهم الأمر من المشككين وأصحاب التأويلات الخاطئة، حسب تعبير افتتاحية مجلة زالجيشز التي حرصت على التأكيد أن زهذا التغيير يأتي في إطار استكمال مسار عصرنة واحترافية الجيش الجزائري، أخذا بعين الاعتبار الظروف السائدة بالمنطقة والمتغيرات الدولية والإقليميةس، وقالت المجلة أن التأويلات ترمي إلى زالتشكيك في وحدة الجيش التي تسعى إلى زعزعة الاستقرار وزرع الشكوك حول وحدة الجيش، عقب التغيير الأخير الذي قام به رئيس الجمهورية، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني على مستوى بعض الهيئات والمناصب في الجيش..س وواصلت تقول أن زبعض الأطراف والأقلام تناولت هذه المواضيع بشكل يتنافى والعمل الصحفي النزيه من خلال إصدار أحكام مسبقة وتقييم للحالة السائدة في صفوف المؤسسة العسكرية معتمدة على معلومات مغلوطة ومصادر مجهولة لا صلة لها بالجيش..س مؤكدة من جهة أخرى احترام قيادة الجيش الوطني الشعبي لقرارات الرئيس بوتفليقة باعتباره وزير الدفاع القائد الأعلى للقوات المسلحة وأوضحت المجلة في هذا الإطار: زالجيش مؤسسة وطنية جمهورية يؤدي مهمته النبيلة في ظل الاحترام الصارم للدستور والانسجام التام مع القوانين التي تحكم سير مؤسسات الدولة الجزائرية..س لقد وجدت مؤسسة الجيش نفسها مرة أخرى في مواجهة من وصفتهم في افتتاحية مجلة الجيش بأصحاب التأويلات المغرضة، وكان عليها أن تقدم بعض النصائح حول أخلاقيات مهنة الصحافة لمن وجدوا في بعض الأطروحات أداة للإثارة ملحقين بذلك أضرارا بالمؤسسة العسكرية الجزائرية إلي جرى تصويرها للداخل وللخارج وكأنها مؤسسة متمردة على النظام الجمهوري تعمل بمعزل عن باقي مؤسسات الدولة وتتصارع على مكاسب سياسية مع أطراف أخرى بما فيها رئيس الدولة الذي هو المسؤول الأول على هذه المؤسسة وفق الصلاحيات التي حددها له دستور البلاد، ويبدو أنه في خضم هذا الهرج والمرج استغل البعض الفرصة للمساس بسمعة المؤسسة العسكرية من دون قراءة جيدة موضوعية ومنصفة للتاريخ الذي يؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن هذه المؤسسة وقفت في وجه الإرهاب الهمجي واستطاعت حماية الجزائر والحفاظ على وحدتها في اشد وأحلك الظروف ولما مالت باقي مؤسسات الجمهورية نحو أوضاع درامية لم تعرفها قط من قبل، وأكدت هذه المؤسسة في أكثر من مرة بأنها جمهورية وملتزمة بالقوانين وبالمهمة التي أوكلت لها من قبل الدستور وقوانين الجمهورية، فهي ليست مؤسسة انقلابية خلافا لما يعتقده بعض الكهنة في عوالم السياسة والإعلام، وعلاقتها برئيس الجمهورية محددة بالقوانين وليس بأي مقياس أخر من مقاييس القوة التي لا تليق بدولة القانون والمؤسسات. وجاء موقف المؤسسة العسكرية الذي تضمنته مجلة زالجيشز ليضع النقاط على الحروف ويوضح طبيعة الإجراءات والتغييرات التي أجراها رئيس الجمهورية والتي تندرج ضمن نطاق الاحترافية وتكييف مديرية الاستعلامات مع العديد من المتغيرات الداخلية والخارجية، وكان رئيس الجمهورية قد ألحق مديرية أمن الجيش التي كانت تابعة لجهاز المخابرات بهيأة أركان الجيش فضلا عن مركز الاتصال والبث الذي كان تابعا لمديرية الاستعلامات والأمن، فيما قرر حل مصلحة الشرطة القضائية للجيش، وأجرى من جهة ثانية تغييرات شملت تنحية قيادات أمنية فأنهى مهام مدير الأمن الداخلي ومكافحة التجسس، ومدير الأمن الخارجي في مديرية الاستعلامات والأمن. واللافت أن الجدل الذي رافق هذه التغييرات وأخذ منحنيات غير مسبوقة بعد تعديل حكومة الوزير الأول عبد الملك سلال والتي وصفت من قبل العيد من المراقبين ب زالثوريةس، يطرح إشكالات حقيقية تتعلق ببعض الأخلاقيات التي غابت عن بعض وسائل الإعلام التي أصبحت تخوض دون إدراك للحقيقة في قضايا خطيرة قد ترهن امن واستقرار البلاد وتشوه صورة الجزائر خارجيا، فالمتتبع لما يكتب عن الجزائر وعن نظامها السياسي وجيشها وأمنها يخيل له أن العالم أجمع يجهل حقيقة ما يجري، فهناك أحكام مسبقة وأنماط من التحليل والاستنتاجات المغلوطة هي المسيطرة على هذه التحاليل. ونفس هذه الاستنتاجات قد تلاحظ جليا بمجرد الإعلان عن تأجيل اجتماع مجلس الوزراء الذي كان مبرمجا ليوم الأربعاء من الأسبوع المنصرم، فهذا الاجتماع لم ينعقد منذ ديسمبر الماضي، رغم أنه كان يعقد مرة كل أسبوعين، ويبدو أن التفسيرات الرسمية التي قالت بأن عدم جاهزية بعض مشاريع القوانين هو الذي أدى إلى تأجيل اجتماع مجلس الوزراء، إلا أن ذلك لم يمنع من عودة الجدل حول صحة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فتحدث البعض عن تدهور الوضع الصحي للرئيس بعدما كان الجميع ينتظر عودته القوية وكدليل على تعافيه كليا بمناسبة اجتماع مجلس الوزراء الذي كان مقررا الأربعاء الفارط، علما أن الساحة السياسية تعيش حالة غير طبيعية على خلفية ما يسميه البعض بسعي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لضمان استمراره في الحكم بعد رئاسيات ,2014 سواء من خلال ضمان عهدة رئاسية رابعة أو تضمين مشروع تعديل الدستور تمديد العهدة الرئاسية لتصبح سبع سنوات بدلا من خمس مع تقييدها بعهدة واحدة، فهذا رئيس الأرسيدي محسن بلعباس يزعم بأن ما أسماها ب »عصبة بوتفليقة« ستتحكم في رئاسيات ,2014 وهذه حركة النهضة تؤكد على لسان أمينها العام فاتح ربيعي بأن بوتفليقة يحظر لرئاسيات على المقاس.وبطبيعة الحال فإن ما تثيره أطراف مختلفة حول الرئاسيات وما تنشره وتذيعه حول ما تسميه بصراع الرئيس والعسكر، لا يؤثر في شيء في عمل حكومة عبد الملك سلال التي واصلت خرجاتها الميدانية، وواصلت سياستها التنموية الطموحة من خلال العمل لإعادة بعث التصنيع وتدارك التخلف الذي حصل حتى مقارنة بسبعينيات القرن الماضي حسب تعبير عبد الملك سلال.