ليس من باب التحايل أو المزايدة أو ربح الوقت تأكيد الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني في أكثر من موقع ومناسبة، بأن وحدة الحزب وتجنيد القاعدة النضالية تحتل المقدمة في برنامجه، وهي أولى من تشكيل المكتب السياسي، وذلك لإيمانه الراسخ بأهمية أن يكون الحزب متماسكا، قويا وجامعا لكل أبنائه، لأن ذلك هو السبيل لتكريس بناء الحزب على أسس متينة لكي يبقى في الريادة والرئاسة. ذلك هو مضمون الخطاب الذي يحمله الأمين العام، خلال إشرافه اليوم على الندوة الجهوية لمناضلي الحزب بولايات الجنوب، الذي تحتضنه ورقلة، وهو خطاب الوحدة والأمل الذي، يرتكز على قواعد واضحة، أساسها: رأب الصدع ونبذ الخلافات وتجاوز النقائص في العمل الحزبي والتجنيد الواعي للقواعد النضالية وللأنصار والمحبين، سعيا لربح معركة الانتخابات الرئاسية المقبلة. تلك هي التحديات التي تواجه الأمين العام والتي يلتزم برفعها وكسبها، انطلاقا من إدراكه لحجم المسؤولية الثقيلة التي يتحملها وحتمية الوفاء بتعهداته التي التزم بها أمام اللجنة المركزية التي منحته ثقتها وأمام المناضلين الذين يتوقون إلى رؤية حزبهم وقد كرس وحدته وعزز حيويته على الساحة السياسية. وعندما يعطي الأمين العام الأولوية للمصالحة ووحدة الصف فذلك، لأنه فهو في الأصل والأساس ليس في نيته ممارسة الإقصاء ولم يأت على رأس الأمانة العامة لتصفية حسابات أو النيل من هذا أو ذاك.. هذا أولا، وثانيا إن التحدي الكبير الذي يرفعه الأمين العام لا صلة له بالأشخاص، مهما كانت مواقعهم ومواقفهم، أما ثالثا، فإن المعركة ليست داخلية بين أبناء الحزب، بل هي مع الخصوم والمنافسين والأعداء التقليديين، خصوصا منهم دعاة إحالة جبهة التحرير الوطني على المتحف وأنصار محو الذاكرة. ومن المؤكد أن الحملة التي تستهدف حزب جبهة التحرير الوطني وقيادته لا تترك مجالا للمناضلين للنبش في خلافاتهم أو الغرق في مستنقع تصفية الحسابات، هذا من جهة ومن جهة أخرى فهم يؤمنون بأن التصدي لتلك الحملات لا يكون بالفرقة والانقسام والانغماس في المهاترات، بل يكون برص الصفوف وطي صفحة الخلافات والاهتمام بمصير ومستقبل الحزب، وكذا طرح الأسئلة الوطنية التي تعني ليس فقط حزب جبهة التحرير الوطني وإنما الوطن ككل. هذه هي المعركة الحقيقية لحزب جبهة التحرير الوطني، والتي حدد الأمين العام معالمها الكبرى في خارطة طريق واضحة الأهداف، تتضمن نقاطا محورية، تشكل في العمق أساسيات الانطلاقة الجديدة، المرتكزة على الوحدة،الديمقراطية، العصرنة، توسيع القاعدة النضالية، تطوير الأداء، تثمين الأفكار وتكريس الريادة. إن ندوة ورقلة، شأنها شأن الندوات التي جرت بسطيف ووهران وتلك التي ستحتضنها البليدة في الرابع والعشرين من هذا الشهر، تأتي تجسيدا لقناعة الأمين العام بأن الحزب في أمس الحاجة إلى ترميم جسور التواصل مع القاعدة وتمكين المناضلين من الاتصال المباشر مع قيادتهم، بعيدا عن الوسائط والعمل معا من أجل تعزيز تماسك المناضلين والاستعداد الجيد للرئاسيات المقبلة وتكريس بصمة حزب جبهة التحرير الوطني في هذا الموعد الوطني.