تذّوق الحلو بعد المرّ طعمه لذيذ ،والاسترخاء بعد بذل الجهد والتعب أمر مفيد ،وتكريم الفائزين بعد التحصيل والتنافس خلق حميد ، فهل يحق لنا أن نسمِّي الفرح والسرور بعد أداء الصيام وصون اللسان و تلاوة القرآن بغير اسم »العيد« ؟! و سميَ العيد عيدا لأنه يعود علينا بالخير والبركة ،والبرِّ والصدقة ،والنشاط والحركة ،فهو للعارفين تاج فوق رؤوسهم ،وللمخلصين وسام على صدورهم ،وهو للمحسنين نور يبيِّض وجوههم ! ما العيد إلاّ تراحم وتناسي للأحقاد ،فلكم تعانق المتخاصمون بعد عداوة وشجار،وهو للأطفال يوم اللهو البريء ،حين تتزيّن البرآءة بأبهى حلّة ، فيصطفون لدى المصوّر لأخذ أغلى تذكار أو يتزاحمون عند بائع الحلوى للظفر بدمية أو مزمار! والعيد بعد كل هذا وذاك ليس سوى زيارة للأهل ولذوى القربى ،وعيادة للمبتلين في صحتهم من المرضى ،وترحم واستغفار على أرواح الموتى و الهلكى . لكن حين ينقلب العيد لدى الناس من مشاعر إلى طقوس ،وحين تنزع التقوى من بعض النفوس ،ويجري المغرور وراء الدنيا والفلوس، يصبح العيد عودة إلى مقارفة الدنايا و النكوص؟ فلا يعقل أن يقاطع الواحد منا أقاربه الأحياء في حين يزور الموتى ويتزاحم على أبواب المقابر ،ويحرم الآخر أولاده وزوجته ثياب العيد ويصرف ثمنها في الخمر والسجائر ، بيد أن الذي طلّق زوجته وتركها وهي حامل في رمضان هو دوما حائر ؟ وهاهو يستمع إلى خطبة العيد ،وما ساق الخطيب فيها من الوعد والوعيد ،فيقرر أن يتصالح مع زوجته و إلى بيته أن يعود ، فقال لها أرجعتك وأتوب ، قالت الحمد لله الذي هداك ورزقنا بتوأم »عايدة و العيد« ؟؟ [email protected]